خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام
في مشهدٍ غير مألوف سابقًا، نرى الدولة اللبنانية اليوم بأجهزتها الأمنية وبالتعاون مع بلدية طرابلس فارضةً نفسها بصورة صارمة في إزالة التعديات والمخالفات في مدينة طرابلس، والتي بُدِأت مع إزالة البسطات ومربعات الباعة الموضوعة على جسر نهر أبو علي الشهير، ثم استُكملت بهدم المخالفات في التبانة والزاهرية والقبة وسوق الأحد، ليتمّ استكمال الموضوع بإزالة جميع التعديات الأخرى تباعًا في كل أنحاء المدينة.
لا شكّ أنَّ هذا الأمر الذي قامت به الدولة موفق جدًّا وضروري، وقد لقيَ ترحيبًا واسعًا لدى أغلب سكان طرابلس الذين يرفضون الفوضى، ويقفون تحت سقف الدولة التي لطالما ناشدوها لتحضنهم؛ إلا أنها كانت تتخلى عن واجباتها في كل مرة، وهي التي غابت أصلًا عن الساحة، ما سمح للخارجين عن القانون بالتمادي في التعدي على الأملاك العامة وتشويه صورة المدينة وفرض الخوّات على أصحاب البسطات الفقراء و التجار وأصحاب المحلات، مما دفع الكثير من أصحاب المؤسسات والشركات والتجار الكبار إلى الهروب من هذه الأماكن، وفتح مؤسساتهم في مناطق أخرى أكثر أمنًا، وبذلك كانت تخسر مناطق طرابلس الفقيرة الكثير من الاستثمارات والمشاريع التي تؤمّن آلاف فرص العمل للشباب الطرابلسي وخصوصًا شباب تلك المناطق المعدومة.
إذًا، نجد أن الدولة هي المشكلة والحل في آنٍ معًا، وأنها متى قررت إفلات الوضع ينفلت، ومتى قررت ضبطه ينضبط بساعات، لذلك تتحمل مسؤولية كل شاب يُقتل خطأً أو عمدًا الدولة التي إنْ شاءت إنهاء هذه الظاهرة المقيتة ؛ ظاهرة القتل والسلاح المتفلّت وتغطية بعض المجرمين والزعران وحمايتهم أمنيًا _ بحسب رأي أهالي طرابلس _ فإنها تستطيع بسويعات قليلة، وقد رأينا ذلك في هدم المخالفات التي ربما بعضها عمره عشرات السنين، والتي كانت قبل ذلك يستحيل أن يخطر على بال أحد أنها تُزال، ولكن تبيّن أن الدولة إذا احترمت نفسها وتوقفت عن السلبطة والانتفاعية وإبرام الصفقات، فإنها تستطيع أن تخلّصنا من كل هذه الغوغائية التي نعيشها، ونصبح فعلًا ننتمي بحقّ إليها وإلى مؤسساتها التي فيها يقدر الضعيف أن يأخذ حقه من القوي، وبذلك تُبنى الأوطان والدول، ولكن ماذا يمنع الدولة من تحقيق ذلك برأيكم؟