خاص Lebanon On Time_ خالد أبو شام
ها هي معركة طوفان الأقصى تكاد تدخل أسبوعها الرابع وسط قتال محتدم بين المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام في حركة حماس، والجيش الإسرائيلي الذي يرتكب مجازر يندى لها الجبين بحق المدنيين في غزة محاولًا اقتحامها، ومدعومًا من الدول الغربية وعلى رأسها أميركا التي لم تتوانَ في إرسال مدمراتها و حاملات طائراتها إلى البحر المتوسط لمساندة إسرائيل، فيما اكتفت الدول العربية بتصريحات الإدانة والاستنكار والشجب، وها هي تفاوض الغرب بتملُّقٍ معيب لإدخال بعض المواد الغذائية والأكفان لإخوانهم وأشقائهم العرب المحاصرين في غزة، الذين يدافعون عن شرف وضمير الأمة جمعاء ضدّ عدوّ غاشم يُقرّ بعداوته العميقة للعرب جهرًا، وهو السرطان الحقيقي الذي ينخر جسد الأمة ويشتت شملها ويغذي الصراعات داخلها.
إن العدوّ الإسرائيلي اليوم يرتكب أبشع المجازر التي لم يعرف لها العصر الحديث مثيلًا، بل تطور الأمر لديه وبات يقصف مرافق ومحطات هي أصلًا محرَّمٌ التعرّض لها حتى في قانون الحرب، فقد شاهدنا قصفه بكلّ سادية وإجرام؛ مستشفى المعمداني الذي ذهب خلاله آلاف القتلى المدنيين المحتميين فيه، وذلك بعد أن طلب هو من الناس الاختباء داخله، وها هو كل يوم يُسقط الأبراج والمجمعات السكنية كاملةً على رؤوس ساكنيها بكلّ حقدٍ وعدوانية، ضاربًا عرض الحائط بكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تحرّم هذه الأعمال حتى بالحرب.
وفي هذا السياق، لا بدّ لنا من أن نحيّ المقاومة الفلسطينية على صمودها التاريخي، ودفاعها المستميت عن أرضها وشعبها في غزة وفي كل فلسطين المحتلة، فقد أظهرت بسالة قتالية منقطعة النظير، وقالت كلمتها بوجه أعتى قوى العالم لتؤكد للتاريخ أن صاحب الحق قويّ بالحق الذي يحمله ولو كان ضعيف الإمكانيات، وصاحب الباطل خائر جبان بالباطل الذي يحمله ولو ساندته الدنيا بأسرها.
وفي سياق متصل، تبقى العين على لبنان الذي ينزلق يومًا بعد يوم إلى بؤرة هذه الحرب الدائرة في غزة، حيث تشهد جبهات الجنوب مناوشات محدودة كل يوم بين حزب الله والجيش الإسرائيلي الذي يقصف عدة مناطق جنوبية، وطائرات استطلاعه تحلّق كل فوق المناطق اللبنانية حتى وصلت إلى سماء بيروت، ما يؤكّد أن أمرًا ما يُحضّر له لإشعال الساحة اللبنانية جنوبًا، وهذا ما سوف يتضح عمليًا عصر يوم غدٍ الجمعة، حيث يرتقب الجميع خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والذي سيُعلن فيه مواقف مهمة بشأن حرب غزة، وما إذا سيدخل حزب الله رسميًا هذه الحرب. ولكن السؤال الأبرز اليوم، هل يحتمل لبنان المُنهَك والمدمَّر أصلا في بُنيته التحتية ومؤسساته وقطاعاته، وشعبه الذي بات تحت خط الفقر، هل سيتحمّل مثل هذه الحرب المدمّرة إذا أراد حزب الله الدخول فيها؟ وكيف ستكون نتائج ذلك على الكيان اللبناني المفتَّت، وعلى الشعب الذي لا يجد حبة الدواء ولا الدخول إلى المستشفى في أحسن الأحوال؟!