خاص Lebanon On Time -جوزاف وهبه
هناك سببان كبيران يدفعان العاصمة الإيرانية الى الإحتفال الكبير بما جرى ويجري في غلاف غزّة وداخل المستوطنات الإسرائيلية:
-الأوّل، أنّ إيران تعتبر أنّها لحظة الأخذ بالثأر عن عشرات الغارات الني نفّذتها وتنفّذها الطائرات الإسرائيلية فوق الأراضي السورية، طوال السنوات والأشهر الماضية، بحقّ جنودها ومواقعها ومستودعاتها وميليشياتها.وقد جاء الثأر مدوياً، بآلاف القتلى والجرحى والأسرى والمفقودين من الجنود والضباط والمستوطنين، وهو ما لم تعرفه دولة إسرائيل منذ نشأتها.
-الثاني، أنّ طهران تنظر الى تهاوي أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر” بيدين نظيفتين، بشهادة الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض الذي صرّح بأنّه “لا مؤشّرات لدى أميركا بأنّ إيران متورّطة في عملية طوفان القدس”!
..ولكن ماذا عن العواصم العربية؟
“بيروت” تتحسّس رأسها.هي عاجزة عن النطق ب “نعم أو لا”.عاصمة مخطوفة حتى إشعار آخر، برسم حزب الله وسلاحه.وهذا ما يفسّر كلا الموقفين:
-مسارعة وليد جنبلاط الى الدعوة الى “الكفاح المسلّح” في نوع من التسليم المطلق بقضاء الحزب وقدره، أي بقرار الحرب والسلم الذي يمتلكه الأمين العام حسن نصرالله، فقط لا غير، بالتنسيق الكامل مع المرشد الخامنئي!
-إمتناع بيان قيادة الجيش عن ذكر مصدر الصواريخ التي انطلقت من الجنوب باتجاه المواقع الإسرائيلية، مع العلم أنّ حزب الله قد أصدر بياناً (مرفقاً بفيديو) يتبنّى فيه علناً هذا الإطلاق.
“جدّة” التي كانت تسرّع الخطى للتطبيع، طمعاً بحماية استراتيجية من الولايات المتحدة الأميركية (ومن إسرائيل) تكون قد استمعت جيّداً الى ما قاله اسماعيل هنيّة، تعليقاً على أحداث غزّة، بأنّ “من يريد التطبيع طلباً للحماية من إسرائيل، فإنّ هذا الكيان هو بات يحتاج الى من يحميه”!
“الإمارات” (وشبيهاتها من دول الخليج) باتت عاجزة عن إستكمال سياسة الإنفتاح الكلّي وخطوات السلم مع تل أبيب، ربطاً بالتطوّرات الجارية، والتي ستنعكس حكماً على المزاج الشعبي في العالم العربي، بانتظار ما ستؤول اليه التحوّلات العميقة التي يشهدها الشرق الأوسط.
“الفاهرة” ربّما تعتبرها فرصة سانحة لتعويم وضعها الإقتصادي، وبالتالي تعويم حكم الرئيس السيسي الذي يشهد خضّات سياسية ومالية كبيرة.إنّ اتصال الرئيس الأميركي بايدن به، يفتح له الباب على لعب دور ما في غزّة، وفي التأثير النسبي على قرارات وتوجهات حماس، بحكم كونه المنفذ الوحيد أمام الغزّاويين..ولكن، لا بدّ من التذكير بحادثة اليوم (إطلاق شرطي مصري النار على حافلة سيّاح إسرائيليين ومقتل إثنين إضافة الى الدليل المصري المرافق)، بمعنى أنّ لهيب غزّة قد يصيب مصر، ويمنعها من الإستفادة ولو المؤقتة ممّا يحدث (وسيحدث).
يمكن القول أنّه، حتى الساعة” هناك رابح وحيد وأكيد هو إيران، أمّا الباقون، جميعاً ودون إستثناء بمن فيهم واشنطن، فهم ينتظرون التطوّرات والتداعيات حتى “يُبنى على الشيء مقتضاه”!