إرتفع معدّل الجريمة في الآونة الأخيرة، أكثر من 5 حوادث قتل وانتحار شهدها جنوب لبنان خلال عطلة عيد الأضحى، غير أنّ لانتحار علي فرحات ابن بلدة كفررمان في حارة حريك قصّة خطيرة. الشاب الذي أتى قبل أسبوع من كندا برفقة زوجته فاطمة وولده (ابن الشهرين والنصف)، إنتحر لأنّ قرعة «جماعة القربان» وقعت عليه، وتقضي بأن تنتحر العائلة عند منتصف الليل قرباناً للأمير.
أطلّت «جماعة القربان» برأسها في لبنان. ربما لم تتمدّد حتى الساعة نحو البلد المثخن بأزمات لا ترحم، ويعيش في «غرفة الإنعاش» منذ ثلاث سنوات، لكن انتحار عليّ شرّع التساؤلات على مصراعيها: هل تسلّلت أفكار تلك الجماعة إلى لبنان أم أنّ الشاب حمل معه هذه الأفكار من كندا؟
في المعلومات أنّ «قرعة القربان» وقعت على علي وعائلته ليقدموا أنفسهم قرباناً للأمير. وبالفعل رمى بنفسه عارياً من الطبقة الثالثة في منزله بحارة حريك.
يشير عمّه إلى أنّ «والد علي صُعق حين عرف أنّ ابنه ينتمي إلى هذه الجماعة، عرف الأمر في أثناء محادثة على هاتفه الخلوي. عندها قصد مخفر الدرك لطلب إلقاء القبض والتحقيق مع زوجته غير أنّ القوى الأمنية رفضت بحجة أنّ القانون لا يسمح بذلك»، وأضاف: «رغم أنّ شقيقي أخبرهم أنّ الزوجة لديها النيّة في قتل نفسها مع ولدها وفق عقيدة الجماعة».
بالفعل بعد أقل من 24 ساعة رمت فاطمة بنفسها من الطبقة الثالثة غير أنها نجت، وكانت تعتزم الإنتحار مع طفلها، لكن عائلتها انتزعته منها.
«الموت بالقرعة» يتمّ عند «جماعة القربان» الظاهرة التكفيرية الجديدة التي خرجت إلى العلن في الفترة الأخيرة، ولولا انتحار علي لما سمع أحد في لبنان بوجودها.
من هي «جماعة القربان»؟
أثير الجدل حولها في العراق قبل ثلاثة أشهر، وهي فرقة شيعيّة متطرّفة تدّعي ألوهية الإمام علي، وتعمل على تحوير آيات من القرآن الكريم لإقناع الشباب بفكرة الإنتحار. الموت بالقرعة هو نظام هذه الجماعة، التي تجري مع كل مناسبة دينية، وتتبع سياسة الإنتحار. بدأت هذه الثقافة الدينية المتطرّفة تنتشر في أنحاء العالم وتتخذ من الأمام علي خديعة للإيقاع بالشباب. لا تختلف أفكارها كثيراً عن أفكار «داعش» وأخواتها، مع فارق بسيط هو أنّ هذه الجماعة تعتمد أسلوب تعذيب نفسها من دون إلحاق الأذى بغيرها، وتطرح أفكاراً وسلوكيات خطيرة جدّاً، وتعمل الشرطة العراقية منذ مدّة على ملاحقتها.
لا يزال أهل علي في صدمة. لم يستوعبوا أنّ ابنهم المؤمن انغمس في أفكار هذه الجماعة الغريبة عن البيئة الشيعية تحديداً ولبنان عموماً. «عن جد مصدومين»، يقول عمّ عليّ، أبو مصطفى، الذي يعتقد أنّ «جماعة القربان» تزرع أفكارها المتطرفة بطريقة ذكية في عقول الشباب. ولفت إلى «أننا أمام ظاهرة خطيرة جدّاً. لا ندري كيف غسلوا دماغ علي؟». ورأى أنّ «هذه الظاهرة لا تقلّ تطرّفاً عن «داعش»، وتهدف إلى تشويه صورة الإسلام». ما يثير أبو مصطفى، أنّ «علي كان مؤمناً، كيف استطاعوا أن يجذبوه إلى أفكارهم القاتلة؟».
يعتقد أن فاطمة كانت على ارتباط بهذه الجماعة قبل زوجها علي، وأنها كانت تتواصل مع عدد من أفرادها في أفريقيا. حتى الساعة لا تزال الزوجة في المستشفى جراء الكسور التي تعرضت لها نتيجة محاولة الانتحار. ويرى أنّها»تملك خيوطاً قد توصل إلى هذه الجماعة وما إذا كانت تضمّ أعضاء في لبنان غير علي». ويضيف أن «كل رفاقه سواء في لبنان أو في كندا صدمهم الإنتحار. ومع شيوع الخبر تحرّكت السلطات الكندية وبعض الجهات الدينية هناك، وعمدت إلى منع إقامة مخيّم كان يُحضّر له نهاية الأسبوع من قبل جمعية تطلق على نفسها اسم «الهدى» وأخرى «الولاية»، خشية أن يكون هدفها تعميم ثقافة التطرف الديني بين الشباب».
ما زالت قصّة انتحار الشاب علي فرحات مدار بحث وتحقيق، فالمسألة خطرة، وهي تفرض حالاً من الترقب والمتابعة. حتى الساعة لا يزال الغموض يلف القضية. التحقيقات مستمرة، مصادر أمنية أكدت لـ»نداء الوطن» أن «هذه الظاهرة لم تتمدّد إلى جنوب لبنان. لم نرصد حالات مشابهة من دون أن يخفي أنها ظاهرة «داعشية» متطرفة وخطرة في آن، تدفع الشباب نحو الإنتحار بنشر أفكار وثقافات غريبة وعجيبة».