تسببت آثار انهيار بنك “سيليكون فالي” في استمرار خسائر أسهم البنوك العالمية، اليوم الثلاثاء، إذ لم تُفلح تأكيدات الرئيس الأميركي جو بايدن، وصنّاع السياسات الآخرين في تهدئة الأسواق، ودفعت لإعادة التفكير بشأن مستقبل أسعار الفائدة.
جاءت محاولات بايدن لطمأنة الأسواق والمودعين، بعدما فشلت إجراءات طارئة في أمريكا لدعم البنوك بمنحها تمويلاً إضافياً، في تبديد مخاوف المستثمرين بشأن احتمال انتقال العدوى لبنوك أخرى في أنحاء العالم.
أسهم البنوك في آسيا واصلت خسائرها، إذ خسرت أسهم البنوك الأسترالية الكبيرة إيه.إن.زد ووستباك وإن.إيه.بي أكثر من 2%، وهوى المؤشر الفرعي للقطاع المصرفي في بورصة طوكيو 6.7% في مستهل التعاملات، مسجلاً أدنى مستوياته منذ ديسمبر/كانون الأول 2022.
وقال ، كبير محللي استراتيجيات الأسهم في بنك بارينجوي الاستثماري في سيدني دامين بوي إنه “بدأ التدافع على البنوك وسوق ما بين البنوك (إقراض المال بين المؤسسات المالية) واقع تحت ضغط”.
كذلك أدى سباق محموم لإعادة تقدير زيادات أسعار الفائدة المتوقعة لاهتزاز الأسواق، إذ يراهن المستثمرون على أن يحجم مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) عن رفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.
أيضاً يتوقع المتعاملون حالياً فرصة بنسبة 50% ألا يرفع المركزي الأمريكي الفائدة في الاجتماع المقبل، مع استيعابهم لخفض الفائدة في النصف الثاني من العام، وفي مطلع الأسبوع الماضي كان السوق قد استوعب تماماً رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مع توقعات بنسبة 70% أن تبلغ الزيادة 50 نقطة أساس.
ووسط مخاوف المستثمرين من حدوث انهيارات إضافية، خسرت البنوك الأمريكية حوالي 90 مليار دولار من قيمتها بسوق الأسهم أمس الإثنين، لترتفع خسائرها خلال جلسات التداول الثلاث الماضية، إلى نحو 190 مليار دولار.
البنوك الإقليمية الأمريكية هي التي تكبدت أكبر الخسائر، وهبطت أسهم “فرست ريبابلك بنك” أكثر من 60%، إذ لم تُفلح أنباء عن تمويل جديد في طمأنة المستثمرين، وراجعت وكالة موديز تصنيفها للبنك بالخفض.
كذلك أغلق مؤشر القطاع المصرفي الأوروبي منخفضاً 5.7%، بينما هوى سهم كومرتس البنك الألماني 12.7%، وكريدي سويس 9.6%، مسجلاً مستوى قياسياً منخفضاً.
يأتي هذا فيما أصبح من الممكن لعملاء بنك وادي السيليكون الوصول لودائعهم بالكامل، اعتباراً من أمس الإثنين، واستحدثت الجهات التنظيمية أداة جديدة تتيح للبنوك الوصول لتمويلات طارئة، كما سهل مجلس الاحتياطي الاتحادي للبنوك الاقتراض من أموال الطوارئ التابعة له.
من جانبه، لفت، الرئيس التنفيذي الجديد لبنك وادي السيليكون تيم مايوبولوس، في رسالة إلى العملاء، إلى أن البنك مفتوح ويزاول أنشطته كالمعتاد في الولايات المتحدة، وتوقع أن يستأنف معاملاته العابرة للحدود خلال الأيام المقبلة.
وأضاف في رسالته، “أُدرك أن الأيام القليلة الماضية انطوت على تحديات كبيرة للغاية لعملائنا وموظفينا، ونشعر بالامتنان لدعم المجتمع الرائع الذي نخدمه”.
في أسواق النقد أيضاً ارتفعت مؤشرات مخاطر الائتمان في النظم المصرفية بالولايات المتحدة ومنطقة اليورو، واستقر سعر الذهب، وهو ملاذ آمن يحظى بالشعبية، فوق مستوى 1900 دولار المهم، وسط رهانات بأن يبطئ المركزي الأمريكي وتيرة رفع أسعار الفائدة.
من جانبها، سارعت الشركات التي لديها حسابات في بنك وادي السيليكون حول العالم، إلى تقييم تداعيات انهياره على أوضاعها المالية، وفي ألمانيا جمع البنك المركزي فريقه لإدارة الأزمات لتقييم التأثير المحتمل.
في الصين أيضاً، حيث كان بنك وادي السيليكون هو البنك الأجنبي الأساسي الذي تلجأ إليه غالبية الشركات الناشئة، يأخذ رواد الأعمال وصناديق رأس المال المغامر، في البحث عن مصدر تمويل بديل.