Lebanon On Time –
أكّد الدكتورسابا قيصر زريق “رئيس مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية”، “أنّ درء لغتنا من الشوائب العديدة التي تشوهها، تقع على عاتق المؤسسات التعليمية في كافة مراحل الدراسة، والمطلوب التشدد في المعايير المعتمدة لمواد اللغة العربية وآدابها لترفيع الطلاب أقله الثانويين والجامعيين من سنة دراسية إلى سنة دراسية أعلى”.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الدكتور زريق خلال مأدبة غداء تكريمية أقامها وعقيلته السيدة أمية أبي صعب زريق في “مطعم الشاطىء الفضي” بالميناء للمشاركين في أعمال إجتماع اللجنة التنفيذية للجمعية العلمية لكليات الآداب في الجامعات الأعضاء في إتحاد الجامعات العربية الذي يضم 140 جامعة في في مختلف البلدان العربية، والذي إنعقد بدعوة من “جامعة الجنان” في حرمها بطرابلس.
الحضور
وحضر المأدبة رئيس مجلس أمناء جامعة الجنان الدكتور سالم فتحي يكن ونائبه الدكتور سائد يكن، رئيس الجامعة الدكتور عابد امين يكن ممثلا بنائبه الدكتور بسام حجازي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية العميد الدكتور هاشم الأيوبي، رئيس قسم اللغة العربية الدكتور جان توما، الدكتور ماجد الدرويش، المدير الإداري ربيع حروق، مدير العلاقات العامة راني حداد، أمينة سر كلية الآداب الأستاذة منال كركر.
كما حضر المأدبة أمين عام اللجنة الوطنية للأونيسكو الدكتور المحامي شوقي ساسين، وأعضاء وفد إتحاد الجامعات العربية :الاستاذ الدكتور موسى ربابعة (جامعة اليرموك- الأردن)، الدكتور خالد بني دومي (جامعة اليرموك- الأردن)، الأستاذ الدكتور حسين البهادلي (الجامعة العراقية- العراق)، الاستاذ الدكتور خالد الخلفات (جامعة الطفيلة التقنية- الأردن)، الأستاذ الدكتور أحمد قبها(جامعة النجاح- فلسطين)، الأستاذ الدكتور عارف عبد صايل(جامعة الأنبار- العراق).
العميد الايوبي
وألقيت خلال الإحتفاء كلمات إستهلها العميد الدكتور هاشم الأيوبي بكلمة رحّب فيها بالحضور والمشاركين وقال: نحن نعتبر أنفسنا مؤتمنين على هذا العصب الثقافي الذي يصل بين الجامعات بعيدا عن التجاذبات السياسية والحزبية والمناطقية، وهذه امانة في أعناقنا نقوم بها وهذه اللجنة التنفيذية للجمعية العلمية لكليات الآداب في الجامعات الأعضاء في الإتحاد والذي يضم 140 كلية للآداب في وطننا العربي اعدت وتعدّ برنامج المؤتمر العام لكليات الآداب في الدول العربية.
أضاف: الضيوف الأعزاء، صاحب الدعوة الدكتور سابا زريق ،نحن عندنا هنا في الشمال في طرابلس ظاهرة (بِرّ الوالدين) و سابا زريق الجد شاعر معروف بشاعر الفيحاء له ديوان ومجموعة كبيرة جدا من القصائد وكان يمثل روح الفيحاء الوحدوية والثقافية، والدكتور سابا زريق الحفيد كان بِرا لجدّه ولوالديه وأنشأ مؤسسة تعدّ الآن رائدة للعلم والثقافة وقد أصدرت حتى الآن حوالي 100 كتاب على نفقتها الخاصة في حين أغنياء البلد وغيرهم لايطبعون صفحة واحدة، ثم انه صديق الجامعات وصديق جامعة الجنان ويمدّ الجامعات بالمعرفة وبالكتب، وهذه ظاهرة حضارية و كما هو بِر بوالديه في إكمال المسيرة نحن أيضا إلى جانبه في هذه المسيرة الرائدة.
سابا زريق
وتحدث الدكتور سابا قيصر زريق رئيس “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” فقال: آمل أن تكون أعمال سعادة العمداء قد تكلّلت بالنجاح، وآسف لعدم تمكّن بعض العمداء من الاشتراك بها.
أرحب بكم ضيوفاً أعزاء في حضن من رأى فيها، جدي سابا زريق، رحمات الله عليه، “دمَ لبنان”. هو الذي حمَل لقب “شاعر الفيحاء” وأفنى عمره في خدمة لغة الضّاد بنثرها وقريضِها. أرادها قوميةً ورمزاً لهويتنا؛ كيف لا؟ وهي التي كانت له “ِضياءَ العروبة”.
وقال: كان يتحَّين المناسبات على أنواعها، للإعراب عن عِشقه لها. فالعبّاسيّ الهَوى، صاحب العشرين ألف بيتٍ، جَهر منذ أكثر من سبعين سنة باستهجانه لطغيان لغاتٍ أخرى عليها، باتَت تسود في بعض المجتمعات اللبنانية. وما زالت أصداء صرخته تلك تطن في آذاننا بإزاء ذلك الواقع الأليمِ المستمر:
”
أرى لغةَ الأجدادِ في عُقْرِ دارِها
تُسامُ الأذى من كلِّ أَحمقَ أهوَجِ
يطلّقُهـا أبناؤهــا وبنـاتُها
لِخَطْبِ ولاءِ الاعجميِّ المدبَّجِ
فصرنا اذا يوماً نطقنا بمجلسٍ
يَضُمُّ سوانا من دُعاةِ التفرنُجِ
هَمَسْنا حياءً بابنةِ الضادِ بينهم
اذا نحن لم نخرَسْ حياءً ونخرجِ
أَنخجلُ بالفصحى وحـرِّ بيانِها
امامَ لسـانِ العُجمـةِ المتلجلِجِ؟
أَنقضي عليها وهي آخِرُ درَّةٍ
بأجيادِنا من عِقْدِنا المتدحرجِ؟
جنيـنا على أمِّ اللغاتِ جنايةً
ستتركُ روضَ العزِّ غيرَ مسيَّجِ
وتجعلُنا مثلَ اليهودِ حزائقاً
مضيَّعةَ الأوطانِ تبكي وترتجي
وتابع: لن أدعي اليوم تفسير ما لم يفسره علمٌ بعد، ألا وهو أن الهيام، أقله في حب الآداب، ينتقل وراثياً. أما أنا وبعد ان أصابتني لوثتها، وإيفاءً لوعدٍ قطعته لشاعر الفيحاء قبيل رحيله، عملت منذ عقودٍ عشرة على إعداد وإصدار آثاره الكاملة في مجلداتٍ ستة. وتخليداً لذكرى ملهمي، أسست “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية”؛ التي بادرت في باكورة أعمالها، إلى نشر كتيبٍ حول سيرته ومنزلته الأدبية، يشرّفني أن أضعه بين أياديكم. ومذذاك، نشطت المؤسسة، تعزيزاً للغتنا الجميلة، في سبيل تحقيق أهدافها التي تختصر بـ:
· تشجيع الكتّاب على نشر نتاجهم، مع التخلي لصالحهم عن حقوق الملكية الفكرية العائدة لمؤلفاتهم، التي سوف يبلغ عددها، بحلول أوائل الفصل الثاني من السنة الجارية، المائة مؤلف؛
– تنظيم الندوات الأدبية و الثقافية؛
– دعم مكتبات مدرسية و جامعية و بلدية قائمة و استحداث مكتبات جديدة؛
– تنظيم مباريات أدبية؛
– التعاون مع ثانويات وجامعات، وكذلك مع جمعياتٍ ثقافيةٍ مماثلة الأهداف.
أضاف: من الطبيعي أن تقع مسؤولية درء لغتنا من الشوائب العديدة التي تشوّهها، بخاصةٍ من الهجمات باللغات الغربية التي تشن عليها، مواكبةً التكنولوجية الحديثة في غير مجال، على عاتق المؤسسات التعليمية في كافة مراحل الدراسة. والمطلوب إذاً التشدد في المعايير المعتمّدة لمواد اللغة العربية وآدابها، لترفيع الطلاب، أقله الثانويين والجامعيين منهم، من سنةٍ دراسيةٍ إلى سنةٍ دراسيةٍ أعلى.
وختم: إن المؤسسة توّاقة إلى التعاون، أو بتعبيرٍ آخر معصرن، “التشبيك”، مع مؤسسات دراساتٍ عليا عربية، على أي نحوٍ يخدم الرسالة التي جنّدنا أنفسنا لها.وأخيراً، أشكر جامعة الجنان الحبيبة على إتاحتها الفرصة لي لأتناول وإياكم خبز الصداقة وملحها.
الدكتور ربابعة
وألقى الاستاذ الدكتور موسى ربابعة (اليرموك- الأردن) الأمين العام للجمعية العلمية لكليات الآداب في إتحاد الجامعات العربية كلمة بإسم وفد الجامعات قال فيها: نشكر جامعة الجنان على إستضافتها لهذا اللقاء العلمي وهذه الإستضافة ما هي إلا حرص شديد تبديه هذه الجامعة وتنهض به للمحافظة على لغتنا وتراثنا، وإذا كانت المحافظة على تراثنا لا تكون من طرف واحد وإنما يجب ان تكون بناء جمعيا مشتركا وهذا ما لمسناه حقيقية في جامعة الجنان، ولذلك إحساسنا وهواجسنا تقول لنا ” ياضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت ربّ المنزل” هذا هو إحساسي وإحساس زملائي، لقد شعرنا حقيقة بالإهتمام الكبير وبالرعاية الكبيرة وكلنا أمل في ان يتكرر اللقاء وأشكر الدكتور زريق على هذه الدعوة الكريمة وهذه الإلتفاتة الطيبة.
بني دومي
و في الختام ألقى الدكتور خالد بني دومي من جامعة اليرموك أربد-الأردن الأمين العام للإتحاد الدولي للغة العربية القصيدة الوجدانية الآتية من وحي ما لمسه أعضاء الوفد من رعاية وحفاوة وما أجروه من لقاءات وزيارات لمواقع طبيعية وتراثية خلال إقامتهم القصيرة في مدينة طرابلس .
مالحةٌ في فمي الكلماتُ …
مرتعشةٌ بين سطورِ قلبي فواصلُ الحزن …
غائرةٌ … غائرةٌ في عيوني مذابحُ الدّمع …
للحُلمِ في ذاكرتي نهاياتٌ …
ولافتضاضِ الأملِ في وجعِ الزمانِ بدايات!
مرّةً … قبل نحو ثلاثة أيّام … طلبتُ لأن أمارس عشق الوطن … لأن أحزم حقائبي … لأن ألملمَ فواصلَ جسدي … ولأن أبحرَ بحثًا عن ملح لبنان!
بكيتُ فرحًا من الداخلِ … لأنّه لم يقدَّرْ لي أن أكون وحيدًا … لأنّه لم يكتبْ لي أن أعيشَ بعيدًا عن شمس … عن قمر … عن اشتعال الوطنِ فيّ!
نعمتُ بِزِيِّ (طرابُلُسَ) … أحسستُ أنَ الألوانَ فيه خيوطُ قصيدةٍ …ملامحُ
لوحةٍ … ترنيمةُ رقصة!
في (طرابلسَ) كُفَّ خجلُ الرَّحيلِ فيَّ … وغابتْ هواجسُ التحليق!
في(طرابلسَ) تعدّدت في بؤرة عيني الموانئُ والمرافئ … كانتِ السّاعاتُ تمرُّ … ولكنَّ مساحاتِها … عِطرَ الفرحِ فيها يرسمُ في الجسدِ وَشمًا للذكرى!
في (طرابلسَ) ألِفتُ أن ألتقي بوجوهٍ تبادلني الحُبّ … تبادلني الفرح …
تبادلني عشقَ الرَّسمِ بالكلمات … تبادلني كلَّ شيءٍ من غير أن تكونَ
حاملةً لبصمِ الوطن!
في (طرابلسَ) كنّا نشعرُ أنّنا أبناءُ لأمٍّ واحدةٍ … لأبٍ واحدٍ … وربّما
كنّا أشتاتَ جسدٍ واحد!
في (طرابلسَ) باختصار … كنّا نعيشُ لحظةً بلحظةٍ قصّةً منسيّةً … حكايةً مبعثرةً نصفُها خَيال!
وتسألونني، أنتمُ الذينَ وُلِدتم في لحظةِ ربيع:
لماذا تسافرُ كلماتُكَ على صهوةِ جُمَلٍ تركضُ بفواصلَ مصنوعةٍ من ريح؟
لماذا يلثُمُكَ العِشقُ كلُّهُ وأنتَ تُحاورُ طرابُلُسَك؟!
وإنّي أفضّلُ ألّا أُجيب …
إنّي أفضّلُ أن يُخرجَ صمتي عن نفسه هَوْدَجَ شِعرٍ يزفُّ الكلمةَ والنّبض!!
ثلاثةُ أيّامٍ قضيناها في رحابِ (طرابلسَ) … وما أطيبَها من رِحاب!
ثلاثةُ أيّامٍ … عُدُّوها بتفاصيلها وأحداثِها … لنْ تتعبوا بكلِّ تأكيد …
لكنْ أقولُها لكم بكلّ صدقٍ: تعبتُ أنا في إحصاء هوامشِها فقط!
ثلاثةُ أيّامٍ مَعَ الفرح … مع الجَمال … مَعَ اشتعالِ الأشياءِ …
معَ التّحليقِ لطرابُلُسَ … وبِاسْمِ طرابُلُسَ … مالحةٌ في فمي الكلماتُ …
وللمرّةِ الألفِ أقولُ:
عُذرًا للشاعرِ نزار قبّاني … فما وجدتُ غيرَ هذهِ لأطفئَ حريقَ المفرداتِ في ذاكرتي!!
بعد ثلاثةِ أيّامٍ … أرتدُّ مشتعِلًا بالتفاصيلِ … أرتدُّ إلى قريتي!
ألا يحقّ لي أن أكونَ الآنَ فرِحًا؟
ألا يحقُّ أن أرقصَ منتشيًا؟
للأسفِ لا … وألفُ لا!
لأنّ (طرابُلُسَ) وطنٌ يهزمُ في داخلِنا الغربةَ والأحزان!
لأنّ (طرابُلُسَ) لَون … بُعْد … تَشَكُّل …
وأيّةُ أشياءَ أخرى يحتاجُها الرَّسّامُ لِلَوحته؟
حزينٌ أنا لأنْ أنفصلَ عنْ كلِّ مَنْ سَكَنوني …
عنْ كلِّ مَنْ مَدُّوا جُزُرَ الحُبِّ في داخلي!
حزينٌ أنا لأنّ الرّحيلَ قريبٌ … ولأنَّ النبضَ سيتخلّى عن جسدي لفترةٍ أتمنّى ألّا تطول!
لطرابُلُسَ … تلكَ المدينةِ الوادعةِ … أقولُ: وَداعًا!
لكلّ مكانٍ مرَّ بهِ طَيفي أثناءَ تنقّلاتي وأسفاري أقولُ: وَداعًا!
لأسرةِ جامعةِ الجِنانِ … المتآلفةِ المتناغمةِ المتكاتفةِ المتحابّةِ أقولُ: وَداعًا!
للعميدِ الإنسان … الأستاذ الدّكتور هاشم الأيّوبي أقولُ: وَداعًا!
للأستاذ الدّكتور سالم يكن البركانِ المشتعلِ بحممِ الفرحِ والطيبةِ والجهد، أقول: وداعًا!
ولصاحب هذه الدّعوة، الكريمِ ابنِ الكرام، الأستاذ الدّكتور سابا زريق، أقولُ وداعًا!
ولكلِّ مَنِ اختارَهم القَدَرُ الجميلُ لِأنْ أعيشَ معهم هذه الإغفاءةَ الرائعةَ أقول: وَداعًا!
وفي كلِّ نقطةٍ من نُقَطِ النبضِ أقول: هذا خالصُ عَزائي!
ولنْ يكفيَ أنْ نذرفَ حِفنةَ دموعٍ لنشكّلَ بها لحظةَ وَداعٍ …
فما خُلِقْنا قطُّ لِأَنْ نقولَ وَداعًا!
فاللهُ تعالى قادرٌ على أنْ يَجمعَنا في لحَظاتِ حُبٍّ أخرى …
وإلى ذلكَ الحينِ أقولُ فقط: إلى اللقاء!!!