كتبت نادين سفرجلاني شاشو :
تركزت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في السادس عشر من الشهر الحالي في مؤتمر ” شهادة وانتصار”على إنذارات ثلاثة موجهة للخارج والداخل، نفنّدها على الشكل التالي:
أولا : في الداخل اللبناني، وزّع الأمين العام رسالته على الأطراف السياسية كافة، داعيا إياهم الى الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية، وقد خصّ بالذكر اتفاق مار مخايل، مهددا بإلغائه ومتمنيا استمراره، وهذا فيه رسالة الى جبران باسيل بعدم عرقلة الحوار على اختيار رئيس للبلاد ، لا سيما وأن جبران باسيل لا زال يرفض رفضا قاطعا وصول سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة وبالتالي فهو، أي باسيل، يحجب أصوات كتلته النيابية عن التصويت لفرنجية.
ومن جهة أخرى استدرك نصرالله الوضع الاقتصادي الصعب الذي وصل إليه لبنان، وربما القلق من تحركات شعبية من ضمن بيئته الحاضنة والتي باتت بأغلبيتها رافضة لسياسة الحزب خاصة بعد ان بدأت هذه البيئة تشعر بالجوع والفقر والعوز، ولهذا يسعى الحزب الى فتح أربعة أفرع جديدة لمؤسسة القرض الحسن لكي تستطيع بيئته الحاضنة تهريب بعضا مما تملك خارجا، بعيدا عن البنوك اللبنانية، فكان كلامه متمحورًا حول الاقتصاد وتهديد إسرائيل، معتبرًا أن المدخل المالي والاقتصادي الوحيد المتبقي اليوم هو استخراج النفط والغاز من المياه الإقليمية اللبناتية بعد الاتفاق الذي عقد مع إسرائيل.
وهذا التهديد لا أثر له في الواقع، ذلك ان نصرالله يعلم تماما عدم قدرته القيام بهكذا خطوة، فهو قد قدم ضمانات بعدم التعرض لإسرائيل حينما تم توقيع الاتفاق منذ ثلاثة اشهر.
وتكلم نصرالله أيضًا عن زراعة البصل و البطاطا، رغم أن جميع وزراء الزراعة في لبنان ومنذ ما يقرب الثلاثين عام هم من لون واحد ، فلماذا لم تفعلوا شيئا لتحسين الزراعات اللبنانية خاصة وان لبنان وبسبب طبيعته وطقسه غني بالزراعات المختلفة؟
جدد نصرالله دعوته الأطراف اللبنانية الى التوجه شرقا نحو الصين وروسيا وقبول المساعدات الإيرانية، ونحن نذكر تماما انه عندما اعلن السيد نصرالله في السابق استعداد ايران لتقديم الكهرباء مجانا الى لبنان، سمع اللبنانيون كلاما مخالفا من قبل السلطات الإيرانية .
ثانيا: وجه نصرالله رسالة مقتضبة الى الدول الخمسة الراعية لمؤتمر باريس حول لبنان، فهو اعتبر ان انتخاب رئيس للبنان هو شأن لبناني ولا احد يستطيع فرض رئيس من الخارج.
في الحقيقة هي رسالة الى السعودية او قطر وأميركا اكثر منها الى فرنسا التي تعتبر نوعا ما قريبة من الحزب وتتماهى أحيانا مع نظرة وتوجهات حزب الله، ففي مؤتمر باريس لم تعترض فرنسا على وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة ، ولا يجب ان ننسى ان فرنسا لها مصالح مباشرة مع حزب الله أكثر حتى من مصالحها مع الحكومة، حيث ان شركة توتال هي الشركة المرشحة للتنقيب على الغاز في البلوكات البحرية اللبنانية، ولذا فمن مصلحتها مهادنة الحزب. اما المملكة العربية السعودية ومعها قطر رفضتا تماما وصول سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، في حين توافق الجميع على اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمورية، وهو اختيار وان لم يعلنها الحزب صراحة الا انه لا يحبذ وصول قائد الجيش الذي لا يتفق معه سياسيا.
ثالثا: التهديد المباشر ورفع السقف الى هذه الدرجة مع الولايات المتحدة الامريكية هو تهديد ولو حاول نصرالله إلباسه صبغة لبنانية من خلال اتهام الامريكان بخلق الفوضى الاقتصادية وسحب أموال المصارف؛ فالأمين العام يعلم علم اليقين انه كلام لا ينطلي على احد، فالجميع يعلم كيف أقفلت المصارف عقب احتجاجات 17 تشرين 2019 وكيف انها كانت مناسبة لتهريب الأموال، لا سيما الأموال الخاصة بالسياسيين وكبار رجال الاعمال والتجار. وإنما هجومه غير المسبوق على الأمريكي هو عدم قدرة ايران حتى الان من إيقاف الثورات في ايران منذ أيلول الماضي، وعدم قدرة ايران حتى الان من الوصول الى اتفاق مع الولايات المتحدة الامريكية بشأن الاتفاق النووي، وعدم القدرة الإيرانية بالتالي على تحرير الأموال والأصول المجمدة جراء العقًوبات الامريكية.
وقد استتبعت كلمة حسن نصرالله بتنفيذ هجوم بمسيرة على سفينة تجارية تابعة لرجل اعمال إسرائيلي في الخليج، حيث وجهت صحيفة “جيروزاليم بوست” أصابه الاتهام الى الحرس الثوري الإيراني.