كتب محمد شقير:
يتخوف اللبنانيون من تمديد أمد «الزلزال السياسي» الذي يضرب بلدهم بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية من دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج تدعوهم للتفاؤل، ويترقبون ما ستحمله الأرصاد الدولية والإقليمية من معطيات مع انتهاء اللقاء الخماسي من أجل لبنان الذي استضافته باريس، وينتظرون البيان السياسي الذي سيصدر، الذي تأخر صدوره بخلاف ما وعد به المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، في رده على أسئلة الصحافيين الذين فوجئوا بتأخير الإفراج عنه.
فالأرصاد السياسية لم تلحظ حتى الساعة تحديد الموعد الذي يدعو السواد الأعظم من اللبنانيين إلى الاطمئنان إلى أن بلدهم يوشك على الانتقال من التأزم إلى إرساء الأسس التي تعيده إلى خريطة الاهتمام الدولي.
وذهبت بعض الجهات المحلية الداعمة لهذا المرشح أو ذاك بعيداً في تفسيرها لما تسمعه من عدد من السفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى لبنان بأن بلادهم لا تعترض على أي مرشح ولا تضع فيتو على انتخابه، وأخذت تتصرف وكأنها أعطت الضوء الأخضر بتفضيلها لمرشح معين.
ويجمع هؤلاء السفراء على تحديد المواصفات للمرشح لرئاسة الجمهورية على قاعدة أنه يجب أن يكون مقبولاً عربياً ودولياً، وأن يلتزم بخريطة الطريق بدءاً بتحقيق الإصلاحات المطلوبة كممر إلزامي لإنقاذ لبنان.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية أن الدول المعنية بالاستحقاق الرئاسي أوعزت إلى سفرائها بضرورة توخي الحذر في لقاءاتهم مع المرشحين لقطع الطريق على من يحاول استغلالها بتقديمها للرأي العام وكأنها تنم عن رغبة دولهم بتأييد ترشحهم.
وكشفت المصادر السياسية، أن هذه الدول باتت مقتنعة بأنه من غير الجائز المساواة بين من يرغب بتسهيل انتخاب الرئيس ومن يعيق انتخابه، وسألت: هل تكتفي هذه الدول بعدم المساواة بدلاً من أن تنتقل إلى ممارسة الضغط لإزالة العقبات التي ما زالت تؤخر الانتخاب حتى لو اضطرت إلى التلويح بفرض عقوبات على المعرقلين، وإنما ليس على الطريقة الفرنسية.
ولفتت إلى أن باريس تتحمل مسؤولية حيال وأد المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد أن تخلت بملء إرادتها عن المواصفات التي حددها، بدءاً بتشكيل حكومة من غير المنتمين للأحزاب ومن أصحاب الاختصاص ووافقت على ولادة الحكومة الحالية، لأن ما يهمها تشكيلها بأي ثمن.
وقالت بأن المعنيين بالاستحقاق الرئاسي يتحركون لدى عدد من السفراء، وأحياناً بعيداً عن الإعلام رغبة منهم باستمزاج آراء دولهم، وأكدت أن المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل، التقى سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد البخاري، الذي حرص على حصر النقاش في المواصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس العتيد لتصويب علاقة لبنان بالمجتمع الدولي.
وكانت هذه العلاقات قد تصدعت من جراء عدم تقيد العهد الرئاسي السابق بما نصت عليه البيانات الوزارية للحكومات التي شُكلت إبان توليه رئاسة الجمهورية. فهذا العهد، حسب المصادر، لم يتقيد بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة وعدم السماح باستخدامه من قبل البعض ممن شاركوا في هذه الحكومات منصة للتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج وزعزعة استقرارها.
لذلك فإن الرهان على إنضاج الظروف الإقليمية والدولية لإخراج انتخاب الرئيس من الدوران في حلقة مفرغة لا يكفي إلا في حال مبادرة «حزب الله» إلى تغيير سلوكه، كما تقول المصادر، شرط أن لا يبقى تحت سقف العموميات، وأن يدخل في حالة تصالح مع الداخل قبل الخارج، وهذا ما يفتح الباب أمام السؤال عن موقف إيران، وما إذا كانت لديها الجهوزية الفعلية لتُلاقي المجتمع الدولي في منتصف الطريق لوضع حد للزلزال السياسي الذي يضرب لبنان
المصدر:الشرق الأوسط