خاص Lebanon On Time – خالد أبو شام –
من أبشع أشكال التخلف والهمجية التي لم تكن حتى في العصور الوسطى أن يشعر المواطن بالدونية في بلاده، وأنه مجرد رقم لا قيمة له في وطنه.
وإن كان لهذه الظاهرة عنوان في العصر الحديث فهو دولة لبنان التعيسة بعدما قضى المسؤولون فيه على الأخضر واليابس، وحطموا بفسادهم ونهبهم أحلام الشعب اللبناني، وجعلوا من سويسرا الشرق و لؤلؤة المشرق العربي جهنم الشرق الحزين، التي يعيش شعبها حياةً لم تكن حتى في فترات ما قبل التاريخ، حياةً شقية على كل المقاييس، ومتعنّتة بكل ما تعني الكلمة من معنى، بعدما فقد كل مقومات الحياة، ونُهبت أمواله من المصارف، وفُجّرت عاصمته.
ما أصعب أن يشعر المواطن باللا قيمة في وطنه، وأن ثمنه رخيص جدا، وهو يرى قيمة الإنسان بدول أخرى تنتفض إذا خُدشَ مواطن واحد لديها، فبعد انفجار يحصل هو أحد أكبر الانفجارات في التاريخ، ويُدمّر مدينة بحالها، ويوقع مئات القتلى وآلاف الجرحى، حتى الآن لم يتفق المعنيون على أسماء القضاة الذين سيتولّون التحقيق، لا بل ويعطّلون مسار الجلسات، ويُعرقلون التحقيق، ويتدخّلون في صلبه دون أي حرمة لهذا العمل المقدس، ولا لدماء الشهداء الذين سقطوا، وفي المقابل، تنتفض دول بحالها من أجل الملف عينه وهي لا شأن لها به إلا من قليل، فقامت دولة عظمى (فرنسا) على حالها من أجل مقتل ثلاثة فرنسيين في الانفجار، وشرعت بإرسال ثلاثة قضاة يشاركون في التحقيق منعًا للتلاعب الحاصل وغمس الحقائق، لأن مواطنيها غالون عليها، ودماءهم مقدسة بالنسبة لها، فلا يمكن أن تذهب جُفاءً، أما دولتنا الذليلة ومسؤولوها اللامسؤولون، فلا يحرّكون ساكنًا لمعرفة الحقيقة الواضحة رغم مقتل أكثر من مئتي شهيد، لا بل يشاركون في التعطيل تلو التعطيل، وطمس الحق والمراوغة، دون أي شعور بالخجل أو بالصغار أمام دولة تُرسل وفدًا بحاله، عدده يوافق عدد الضحايا تكريمًا لهم، و إجلالًا لأهاليهم، فبأيّ حظيرة نحن نعيش؟ وإلى متى سنبقى تحت رحمة هكذا حكام؟