خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
بات لكلّ شارع من شوارع المدينة “خوّاته”.ما إن تقف بسيارتك، ولو لشراء كيلو من الموز من عربة عابرة أو متوقّفة، حتّى ينبري لك “بطل” يناديك ب “أستاذ” ليقول لك:هنا موقف..بعشرة أو عشرين ألف ليرة. ولا تعرف حينها، ماذا تفعل:هل تستسلم وتدفع الحلال مثل الشاطر، أو تستفزّك الحالة، فترفض وتكابر، ولكن لا يمكن لك التكهّن بالثمن الذي يمكن أن تدفعه من سيارتك أو جسمك أو أقلّه من كرامتك!
لمن الشكوى؟
آخر الحكايات ما جرى مع صديقنا “سليمان” في مكان لا يخطر بالبال، في خطّ اليمين من سوق الأحد القائم عند دوّار أبو علي، حيث يفترض أنّ الطرقات هي ملك عام، وأنّ العقارات ملك الدولة. ما أن أوقف سيّارته، رغبة في تفقّد ما قد تحتويه بسطات السوق، حتى اقترب منه شاب أغرّ ليعلمه بنبرة عالية أنّ كلّ هذا الخطّ الممتد نزولاً “موقف بمصاري” طالباً منه عشرة آلاف ليرة.سأله صاحبنا:هل هذا ملك خاص، فأجابه بالنفي مصرّاً على أنّه “موقف خاص”..وبلا كترة حكي.”سليمان” عنيد، ولم يستسغ السلبطة.أقفل سيارته ومشى، رغم تهديدات الشاب بأنّ سيارته ستتعرّض للتخريب. وما أن ابتعد قليلاً حتى رأى فتى صغيراً يقوم بتوجيه “لبطات” الى السيارة، مع قطعة حديد لإلحاق الأذى بدهانها.عاد مسرعاً، وعلا الصراخ، وهنا تدخّل رجل متقدّم في العمر (على الأرجح هو صاحب السطوة في هذا المحور، إذا صحّ التعبير) ليهدّئ الأجواء، وليسمح بالركون مجّاناً هذه المرّة، بمعنى “مش كل مرّة بتسلم الجرّة”!
المكان قريب جدّاً من منزل وزير الداخلية، لا بل أنّ شرفة الوزير قد تطلّ على المكان.ومن جهّة أخرى، لا شكّ أنّ الأجهزة الأمنية على علم مؤكّد بما يجري في معظم شوارع المدينة، كما هم (أي الوزير والأجهزة) على علم بمخالفات أصحاب المولّدات لكلّ قرارات الدولة من العدّاد إلى التسعيرة الرسمية، ولكنهم – للأسف – أمّا عاجزون وأمّا متواطئون كما في حالة كارتل المولّدات، ما يجعل المواطن البسيط يكرّر السؤال والتساؤل:لمن الشكوى؟
المدينة تفقد الكثير من أمنها الإجتماعي، وليسمح لنا دعاة تجميل الصورة، فنحن علينا أن نلعن الظلام، وعلى المسؤولين أن يضيئوا الشمعة.. وكلّ كلام أو موقف غير ذلك هو شكل من أشكال الإستسلام، ليس إلّا!