خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
في البدء، كان حزب الله.قبل عشرات السنين أقام أمنه الذاتي، تمهيداً لإنشاء دويلته بكلّ المقوّمات الرسمية، من قضاء رديف واقتصاد رديف..وصولاً الى النظام المصرفي عبر ما أسماه “القرض الحسن”، دون الغفلة عن التهريب المنظّم واستيراد بواخر المازوت والأدوية من الدولة/الأم إيران!
لم يأبه حزب الله، عند قيامه بإنشاء دويلته، بما يصيب باقي المناطق اللبنانية – شركائه المفترضين في دولة لبنان الكبير، من إنهيارات وتداعيات..وكان ما كان، من السقوط في قعر جهنّم، بعد فرض الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية – لجمهوريته!
لم يطل الأمر بباقي اللبنانيين حتى بادروا الى نوع من “الإتّكال الذاتي”، إذا صحّ التعبير، وخاصة في قطاع الكهرباء الذي قضى عليه (صفر كهرباء) وزراء التيّار الوطني الحر المتعاقبون:بداية، ظاهرة المولّدات الخاصة والتي انتهت بكارتل لا يقلّ سطوة عن سلطة حزب الله..ومؤخّراً، اللجوء الى الطاقة الشمسية والتي فاقت تكاليفها على النصف مليار دولار (كما يقول الخبراء)، أي ما يكفي لإنشاء عدّة محطّات كهربائية!
الإنهيار يتدحرج.وآخر تجلّياته “الأمن الذاتي” هنا وهناك.بدأته بعض البلديات للحدّ من تفشّي السرقات، وقد بلغ ذروته في “جنود الرب” الذين يحمون الأشرفية.ولولا الحادثة الأخيرة (دخول المحتفلين بانتصار المغرب الى ساحة ساسين والاشتباك مع حماة الدار) لما خرج خوف اللبنانيين الى العلن:أمن الأشرفية الذاتي (وليس المجال للبحث في أحقّيته أو عدمها..) بات يفرّخ دعوات إلى أمن مشابه في مناطق أخرى..ولعلّ دعوات “شيخين” من طرابلس الى حماية الأحياء “من الشبّيحة والزعران”، هي الوجه الآخر لحماية الأشرفية..الأمور قد تتدحرج، إذا لم تستعمل القوى الأمنية وفي مقدّمتها الجيش قبضة من حديد.الدولة تنهار، صحيح.والأمن يتفلّت بشكل مخيف، صحيح.ولكن لا شيء يعطينا الحقّ في الإنزلاق الى ما هو أسوأ.”الأمن الذاتي” أسوأ من الفلتان النسبي.نموذج الأشرفية، يجب الخلاص منه وليس التشبّه به..ونموذج حزب الله يجب المشاركة الوطنية لإنهائه، عبر العودة الى الدولة القوية العادلة.
الليل طويل ومظلم، ولكن ليس بافتعال مزيد من الحرائق المتنقّلة، نضيء الطريق!