خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
دون أن يكون هناك ثأر قديم، ودون أن يسبق ما حصل إشكال أو خلاف حول قطعة أرض مثلاً، ولمجرّد سجال حول أفضلية المرور في أحد شوارع الزاهرية الضيّقة، سحب مسدسه وأطلق رصاصة في رأس (ع.ع.) كانت كافية لادخاله الى العناية الفائقة، فور نقله الى المستشفى.هو ربّ عائلة بالتأكيد، وهو تاجر أدوات كهربائية، بمعنى أنّه ليس من رعاع الطرق أو أصحاب السوابق والمراجل.هو مجرّد مواطن صودف مروره في الوقت المناسب، مقابل سيارة سائق آخر غير مناسب!
يا للهول، يا للجنون.لم يعد الموضوع وجود أو عدم وجود أمن كافٍ، ولا تواجد جيش ودرك وشرطة بلدية.ما وصلنا إليه أبعد من كلّ التدابير الأمنية، وأبعد من كل الدولة الغائبة في السياسة والاقتصاد والتنمية.نحن في خضمّ “حفلة جنون” لا قعر لها، ولا حدود.كل شيء فيها مباح.كلّ واحد منّا فيها بات “قتيلاً” حتى إشعار آخر.لا رحمة ولا حسابات ولا روادع.فقدنا كلّ المعايير والخطوط الحمر والصفر والزرق.قد يكون القاتل – في هذه الحالة أو في حالة مشابهة – رجلاً سويّاً بالمعنى العادي للكلمة، لكنّه في لحظة غضب عابر “نمراً مفترساً”.الجميع ضحايا.لا فرق بين القاتل والقتيل.الجنازة كما السجن مدمّران للعوائل والأمّهات والآباء والأخوة.الدولة – هذه الدولة البائسة حتى الموت – جعلت من كلّ مواطن مشروع جانٍ أو مجنى عليه، على مدار الليل والنهار وساعات الخروج من البيت.
قد تكون الأجهزة الأمنية – ولست في مجال التبرير لها – غير قادرة على التعامل مع الهستيريا.نحن في حالة هستيريا جماعيّة.لا أحد يمكن له الإدعاء أنّه خارج العصفورية.وصلنا الى نوع من الهذيان.هذيان يسير بنا الى الموت بلا سبب، بلا وقت محدّد، وبلا انتظار.إنّها لعبة حظ.روليت روسيّة.طلقة اليوم أصابت (ع.ع.).طلقة الغد قد تصيبك، أو تصيبني، أو تصيب أيّ مواطن عابر.شدّوا الأحزمة، واستعدّوا للقتل بالمجّان، أو بأبخس الأثمان..وفي أيّ زمان ومكان!!