Lebanon On Time –
كتب كارولين عاكوم:
انعكست الأزمة السياسية في لبنان على حياة المواطنين وصحتهم وباتت المستشفيات أمام خطر التوقف عن العمل لعدم صرف مستحقاتها نتيجة عدم انعقاد مجلس الوزراء في مرحلة الفراغ الرئاسي.
وهذه القضية كانت محور اجتماع عقد أمس برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحضور وزيري الصحة فراس الأبيض والمال يوسف الخليل ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله، إضافة إلى نقيب المستشفيات سليمان هارون، حيث كان تأكيد على ضرورة الإسراع في حل هذه المشكلة بعيداً عن المزايدات الطائفية.
ومن المفترض أن يكون الأسبوع المقبل حاسماً في هذا الإطار، في ظل عدم قدرة المستشفيات على الاستمرار بعملها وقد تتخذ قرار الإقفال بعد أسبوع إذا لم تجد المشكلة طريقها إلى الحل، حسب ما أكد هارون لـ«الشرق الأوسط» كاشفاً أنه كان حصل على وعد من ميقاتي، خلال اجتماع أمس، بحل القضية عبر الدعوة لمجلس الوزراء أو عبر مرسوم جوال يوقعه الوزراء المعنيون. وفيما لفت إلى أن المستشفيات لم تحصل على مستحقاتها منذ عام، شدد على ضرورة إبعاد المناكفات السياسية والطائفية عن حياة الناس وصحتهم التي باتت بخطر ولا بد من إعطائها الأولوية لا سيما أن هناك مرضى يحتاجون إلى علاج دائم كغسيل الكلى والسرطان.
وبعد الاجتماع، لفت الأبيض إلى أن «الموضوع الأساسي الذي تم البحث به هو المتعلق بأتعاب المستشفيات المتوجبة عن المرضى»، موضحاً «أن هناك مشكلة في الزيادة التي حصلت على موازنة الاستشفاء في وزارة الصحة، إذ يلزم لصرف مستحقات المستشفيات عن الخدمات المقدمة للمرضى وضع مرسوم لتحديد سقوف المستشفيات لنتمكن من تطبيق الزيادات التي تمت على التعرفة. وبسبب عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء، لم يصدر هذا المرسوم، وبالتالي أبلغتنا وزارة المال تعذر صرف هذه المستحقات مما يهدد استمرارية تقديم خدمات المستشفيات للمرضى»، مشيراً إلى أنه «كان صدر بيان الأسبوع الماضي من نقابة المستشفيات أفاد بأنها ستتوقف عن تقديم الخدمات لجميع المرضى ومنهم مرضى غسيل الكلى والسرطان وغيرهم، لأنها وفي حال لم تتقاض أتعابها فلن تتمكن من شراء المستلزمات المطلوبة».
واعتبر الوزير الأبيض أن الخطر في هذا الموضوع هو «الوصول إلى سقوط هذه الاعتمادات في حال لم تحجز حتى تاريخ 15 ديسمبر (كانون الأول)، وهذا يعني أن كل الأعمال التي قامت بها المستشفيات خلال سنة 2022 قد تخسرها أو لا تحصل على بدلها إلا بعد فترة طويلة، وهذا ما يهدد القطاع الاستشفائي كافة ويوقف الأعمال لجميع المرضى، وهذا الأمر خطير جداً».
وقال: «نحن كقطاع صحي وكوزارة صحة ولجنة صحة نيابية نرفع الصوت عالياً لأن هذا الموضوع يشكل خطراً داهماً على المواطن وصحته وعلى أموره الأساسية، لذلك نريد حلاً سريعاً له قبل الوقوع في المحظور ودخول بيان نقابات المستشفيات حيز التنفيذ عندها يصبح المرضى من دون تغطية».
الموضوع نفسه تحدث عنه النائب عبد الله داعياً الأفرقاء السياسيين إلى الابتعاد عن المزايدات الطائفية، وقال: «أعتقد باختصار أننا أمام استحقاق داهم ألا وهو ضرورة عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء لبت هذه المسألة وكل من سيعارض أو سيبدأ باجتهادات دستورية من هنا وهناك بخلفية طائفية وغير طائفية سياسية أو غير سياسية سيكون في وجه الناس». وجدد ما قاله وزير الصحة لجهة «أنه قبل 15 ديسمبر (كانون الأول) يجب أن تكون هناك جلسة استثنائية لمجلس الوزراء وبأقصى سرعة بالتنسيق مع ديوان المحاسبة لكي تصبح هذه الاعتمادات حقيقة وهي كانت جزءاً أساسياً من موافقة الكثير من الكتل السياسية على الموازنة، وعلى أن نضيف العطاءات الاجتماعية والصحية للتخفيف عن كاهل الناس، وإلا لن نكون فقط أمام مأزق بل أمام خنق للناس وزيادة في بؤسهم ومعاناتهم وسنقول لكل هؤلاء الذين سيعارضون إننا نحملهم مسؤولية معارضة وانهيار القطاع الاستشفائي ككل والتفريط بصحة الناس».
وتحدث عن تأثير عدم انعقاد مجلس الوزراء قائلاً: «كل الجهود التي نقوم بها من خلال المطالبة بالإسراع في تنفيذ قرض البنك الدولي وقيمته 25 مليون دولار أيضاً للتخفيف عن كاهل الناس ودعم القطاع الاستشفائي والطبي، بحاجة أيضاً لعقد جلسة لمجلس الوزراء، وأيضاً ربما هناك أمور أخرى كثيرة بحاجة إلى قرار مجلس الوزراء حفاظاً على استمرارية الدولة والخدمات للناس. وسأل: «إذا كانت لدينا مشكلة بعدم انتخاب رئيس للجمهورية ومن خلاله أن يكون لدينا حكومة متضامنة ومتكاتفة وشرعية وكاملة الصلاحيات، فهل نخنق الناس ونضعهم متاريس بيننا؟ هذا الأمر مرفوض»، مشدداً: «القطاع الاستشفائي يجب ألا ينهار وألا نشجع على هجرة الأطباء والممرضين والكفاءات وأن نخفف عن كاهل الناس».
وتأتي هذه المشكلة نتيجة الخلافات حول تفسير الدستور بين الأفرقاء اللبنانيين، إذ في حين يعتبر البعض وعلى رأسهم «التيار الوطني الحر» أن صلاحيات رئاسة الجمهورية لا تنتقل إلى حكومة تصريف الأعمال كما لا يحق لها الانعقاد في ظل الفراغ الرئاسي، يقارب أفرقاء آخرون الموضوع، على غرار ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، بطريقة مغايرة ويعتبرون أن الحكومة يمكنها القيام بمهامها وإن بالإطار الضيق، أي الاجتماع للبحث وإقرار قوانين مهمة وترتبط بحياة المواطنين.
المصدر:الشرق الأوسط