شدد النائب السابق مصباح الأحدب على ضرورة العودة إلى اتفاق الطائف الذي توافق عليه اللبنانيون جميعاً، لانطلاق حوار حقيقي، يرتكز إلى ثوابت ونصوص متفق عليها.
لافتا الى ان فرصة العبور إلى دولة المؤسسات، تبدأ بوضع حد لهيمنة فريق “حزب الله” عليها.
واستغرب الأحدب في حوار مع “حدث أونلاين” المناداة بالفيدرالية في ظل الانقسام بين الطوائف نفسها: فالكانتون المسيحي مثلاً، سينقسم بدوره بين عون وجعجع، لأنهما يمثلان وجهات نظر متفاوتة حول أي لبنان نريد. من هنا، فمن الضروري الاتفاق على أي جمهورية نريد، لنأتي برئيس جمهورية وفقاً لهذا التوجه.”
وشدد الأحدب على أن “الحوار الحقيقي يجب أن يقوم بين فريق لبنان التعددي، والفريق الممانع المقاوم الذي يضع يده على مقدرات الدولة. وبدلاً من أن يكون الحوار على هذا المستوى، فإن الحوار حالياً ينطلق بين الطوائف المنقسمة على ذاتها، وهذا ما من شأنه تمديد الأزمات والفراغ، ليتم فرض رئيس جمهورية بناء لتوازنات معينة، فيعود الستاتيكو السابق، الذي أصبح من المستحيل الاستمرار به. أما عن البديل، فدعونا ننطلق من الطائف، لنرى ما يمكن أن نصل إليه في النهاية. “
الطائف
وتعليقاً على المؤتمر الذي انعقد الأسبوع الماضي في الذكرى 33 لإقرار الطائف، رأى الأحدب أنه “كان من الضروري تذكير الجميع بأن هناك اتفاقاً أنهى الحرب الأهلية، وأسس لانطلاقة دولة جديدة. ومن المؤسف أنه تم الاتفاق عليه ولم يتم تنفيذه، لا بل أكثر من ذلك، فقد تم تكريس أعراف جديدة قائمة على توازنات القوى العسكرية، حتى وصلنا إلى مرحلة ضاعت فيها البلاد بسبب غياب “الكتاب” الذي كان يتكلم عنه الرئيس الراحل فؤاد شهاب، وأصبح كلٌّ يفسر الدستور على طريقته.”
وشدد الأحدب على أنه “لا بد من العودة إلى النصوص الدستورية كانطلاقة لحوار بين فريقين: الفريق المتمسك بالدولة المدنية التي تمت محاولة تأسيسها عام 1989، والفريق الآخر الذي ينادي بلبنان المقاوم والممانع، والفريقان يضمان مكونات من مختلف الطوائف والمناطق.
وأسف لوصولنا ” إلى جمهورية الأمر الواقع، العاجزة عن تأمين الطبابة لعناصر الجيش، ورواتبهم زهيدة جداً، وتلقى على عاتقهم حماية البلاد من مافيات التهريب التي تعمل بدورها لتمويل مصالح المافيا الحاكمة. “
وشدد الأحدب أنه “ليس المطلوب الوصول إلى انقسام عمودي جديد على غرار قوى 8 و14 آذار، بل العودة إلى الطائف لانطلاق حوار حقيقي، يرتكز إلى ثوابت ونصوص متفق عليها. “
أداء التغيريين
وعن أداء القوى التغييرية، لاحظ الأحدب أنها “لا تملك مشروعاً واضحاً ومحدداً. فصحيح أنه تم اختراق الثورة وتاهت مجموعاتها في التفاصيل ورؤيتها للأمور، ولكن القوى التغييرية ينبغي أن تطرح حلولاً بديلة للوضع القائم، وهذا ما لم تقم به، بل دخلت عوضاً عن ذلك في لعبة الأسماء التي لا تقدم ولا تؤخر، بل المطلوب الاتفاق على برنامج عمل الرئيس خلال المرحلة المقبلة.
وعليه، فهناك خيبة أمل كبيرة من هذه القوى، التي لم يستوعب البعض منها أنه أصبح جزءاً من السلطة التي كان يقول عنها: “كلن يعني كلن”.
في المقابل، نوه الأحدب بالنائب وضاح الصادق الذي تمايز عن الطروحات العقيمة، التي لم تعد تستهوي الناس الذين أصبحوا تواقين إلى الانفتاح على القوى التي تؤمن بسيادة لبنان.
العبور الى الدولة
أما عن الفرصة للعبور إلى دولة المؤسسات، فقد رأى الأحدب أنها تبدأ بوضع حد للهيمنة القائمة من قبل فريق “حزب الله” عليها، برضى وقبول الجميع. وهذا ما برهنته قرارات مجلس الوزراء التي أعطت الحزب كل ما يريده، دون أي ردة فعل من القوى السيادية أو التغييرية: فعندما يتفق الرافضون لهيمنة سلاح حزب الله على لبنان ضمن مشروع واحد موحد، عندها نستطيع القول أننا نسير على درب العبور لدولة المؤسسات.
دار الفتوى
وشدد الأحدب على أهمية استحقاق الانتخابات في دار الفتوى، نظراً للمقدرات التي تملكها على مستوى الأوقاف على سبيل المثال، والتي تعاني من الشلل بسبب غياب إعادة هيكلتها، رغم وجود الإمكانات لوضع خطط إنمائية واستثمارية لهذه المقدرات. كما انه من الضروري، حسب الأحدب، وضع حد للمشايخ الذين تديرهم الأجهزة الأمنية، لتوريط مجتمعات بأكملها، رغم ان تاريخنا في لبنان معروف: فبالرغم من دخول السلفية إلى لبنان في الستينات، لكنها لم تكن سلفية جهادية. من هنا، فإن اختصار الدولة للمسلمين برموز السلفية الجهادية التي هي تحميها في الأساس، يتطلب وجود دار فتوى قادرة على أخذ المبادرة لوضع الأمور في نصابها.
ترسيم الحدود
ووجد الأحدب في ترسيم الحدود واستخراج النفط، فرصة تاريخية في حال تم تحديد آلية توظيف هذه المداخيل بمعزل عن وضع اليد عليها من قبل من نهب البلد في السابق. فحتى لو أنشأنا صندوقاً سيادياً في الوقت الراهن، فكيف ستكون التعيينات داخله وآلية إدارته؟ وما “هيئة إنماء الشمال” ومجلس الجنوب وغيرهما عنا ببعيد.
من هنا، يعتبر الأحدب أنه من الضروري تأسيس إدارة شفافة ومحاسبة المرتكبين بشكل علني، قطعاً للطريق على استعادة تجارب سابقة فاشلة.