كتب يوسف دياب:
ثبّت المجلس الدستوري في لبنان عضوية ستة نواب فازوا في الانتخابات البرلمانية التي جرت خلال شهر مايو (أيار) الماضي، ورد الطعون المقدمة ضدهم من منافسين خسروا المعركة الانتخابية، لكنه أرجأ البت بعشرة طعون أخرى إلى حين الانتهاء من دراسة ملفاتها، وهو ما أثار خشية المتابعين من تجزئة الطعون.
وأعلن رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب، نتائج ستة طعون من أصل 15 قدمت أمامه، وقال: «لقد أصدرنا قراراً بإجماع جميع الأعضاء، برد الطعون المقدمة من (المرشحين الخاسرين): بول حامض ضد النائب إلياس الخوري (طرابلس)، طانيوس محفوظ ضد النائب جميل عبود (طرابلس)، محمد شفيق حمود ضد بلال الحشيمي (زحلة – البقاع)، إبراهيم عازار ضد النائبين سعيد الأسمر وشربل مسعد (جزين – الجنوب) ومروان خير الدين ضد النائب فراس حمدان (حاصبيا – مرجعيون في الجنوب)».
ورفض رئيس المجلس الدستوري خلال رده على أسئلة الصحافيين، كل ما يشاع عن ضغوط مورست عليه وعلى أعضاء المجلس، وأشار إلى أن «القرارات اتخذت بالإجماع وبعد مناقشة معمقة بكل الملفات». وقال: «التكهنات لم تكن في مكانها، ولم يسألني أحد عن أي ملف أو يمارس علي أي ضغط». وحول التأخر في صدور القرارات المتبقية، أشار إلى أن المجلس «لا يزال يعمل ضمن المهلة القانونية المنصوص عليها في القانون والمحددة بثلاثة أشهر للمقررين من تاريخ تبلغهم بمهماتهم بعد عشرة أيام من تسلم المجلس الطعون في 17 يونيو (حزيران) الماضي، ومن ثم مهلة شهر لهيئة المجلس لتتذاكر وتصدر قراراتها».
وشكّل تثبيت نيابة فراس حمدان عضو كتلة التغييريين في حاصبيا، وتثبيت نيابة عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) شربل مسعد، مفاجأة لدى المتابعين، فالنتيجة خالفت التوقعات والتسريبات التي تحدثت عن احتمال كبير لإبطال نيابتهما، غير أن مصدراً بارزاً في المجلس الدستوري اعتبر أن «النتائج تثبت بما لا يقبل الشك بأن القرارات كانت بعيداً عن أي تدخل سياسي أو وصاية خارجية». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوصي على كل قاضٍ من أعضاء المجلس هو ضميره وتاريخه القضائي». وتابع: «نظرتنا إلى الملفات جاءت من منطلق المعلومات المتوفرة فيها، وإفادات المعنيين ونتائج صناديق الاقتراع». وذكر بأن «القانون أوكل للمجلس الدستوري مهمة البت بالطعون، والمجلس قام بهذا الواجب بكل تجرد وسيبقى على مستوى الأمانة، ولا يمكن المزايدة عليه أو إثارة الشكوك حول قراراته».
وفيما عكس رفض الطعون الخمسة، ارتياحاً لدى الكتل السيادية وفي أوساط النواب المستقلين والتغييريين، يبقى الترقب سيد الموقف بانتظار نتائج الملفات الأخرى، والحذر من إبطال عضوية نواب محسوبين على الكتل المعارضة، لحساب الفريق الآخر، خصوصاً الطعن المقدم من النائب فيصل كرامي بمقعد النائب رامي فنج عن المقعد السني في طرابلس، واعتبر الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مالك، أن المجلس الدستوري «أحسن في الشكل باتخاذ القرارات الخمسة، لكن في المضمون ثمة ما يثير الريبة حول تجزئة الطعون». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «صدور الطعون على دفعات يثير الريبة حيال باقي المراجعات». وقال: «الطعون التي صدرت فيها أحكام اليوم (أمس) يفترض بأي مجلس أن يردها منذ وقت طويل لأنها ضعيفة وتفتقد للحجة ولا تقبل الاجتهاد أو التفسير»، مشيراً إلى أن المجلس الدستوري «سبق له واتخذ قرارات بطعون قدمت بعد انتخابات 1996 و2000 و2005 و2009 و2018، وكلها صدرت دفعة واحدة ولم تجزأ كما يحصل الآن». وأضاف مالك: «الآلية التي اتبعها المجلس هذه المرة تثير الخشية من ترتيب ما، والتريث بشأن عشرة طعون دليل قلق وليس اطمئنان»، لافتاً إلى أن «هناك من يراهن على تغيير المعادلات والتوازن داخل البرلمان اللبناني من خلال الطعون المتبقية، وهذا سيؤثر بالتأكيد على حجم كل كتلة».
المصدر: الشرق الاوسط