لبّى أعضاء المجلس النيابي اللبناني من المسلمين السّنة، دعوة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، للبحث في “الدور الوطني الذي تلتزمه الدار وتعمل عليه، تعزيزا للوحدة الوطنية والعيش المشترك، ودفاعاً عن هوية لبنان وانتمائه العربي، وصونا لرسالته الإنسانية التي يعتز بها، وانطلاقاً من الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية المتردية، التي تزداد خطورة ومأساوية يوما بعد يوم، وبعد اكتمال عملية إنتخاب مجلس النواب الجديد، وبدء أعماله التشريعية، ومع اقتراب الموعد الدستوري المحدد لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، كان لا بد من التشاور حول الدور الوطني الذي يفترض أن يقوم به ممثلو الشعب اللبناني، إنقاذاً للشرعية الدستورية، مما تعرضت وتتعرض له من تجاوزات، وتصحيحاً لمسار العلاقات مع الإخوة العرب، التي تعرضت له هذه العلاقات من أذى وتشويهٍ وإساءاتٍ متعمدة، انعكست سلباً على الأسس التي تقوم عليها الأخوة العربية، وعلى مصالح لبنان المعنوية والمادية المباشرة، مع الدول الشقيقة”.
وبعد التداول في هذه القضايا، أعلن المجتمعون، في بيان، توافقهم على ما يلي:
“أولاً: تجديد التمسك بالثوابت الإسلامية التي أطلقت وأعلنت من دار الفتوى، حول الإيمان بلبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه. وتجديد التمسك بما نصَّ عليه اتفاق الطائف، بالنسبة إلى هوية لبنان العربية، وللأسس التي تقوم عليها الوحدة الوطنية بين عائلاته الروحية جميعا.
ثانياً: تأكيد التمسك بالمبادئ العامة التي تحقق المساواة في المواطنة حقوقا وواجبات، وإدانة كل التجاوزات التي أدت في السابق ولا تزال تؤدي إلى طعن أسس الوفاق الوطني، والعيش المشترك في الصميم، لحساباتٍ فرديةٍ أو حزبيةٍ أو طائفية. فاللبنانيون، جميع اللبنانيين سواءٌ أمام القانون في الحقوق والواجبات، ولا فضل لجماعٍة على أخرى إلا بمقدار ما تقدمه للبنان الواحد والموحد، ولرسالته الإنسانية في العيش المشترك.
ثالثاً: لقد عانى لبنان من سوء الإدارة، ودفع غاليا جدا نتيجة استشراء الفساد الذي أصبح مع الأسف الشديد، وتحت الحماية السياسية أحيانا، ومشاركتها أحيانا أخرى، أصبح جزءاً من منظومة الإدارة السياسية، وركنا من أركان بعض المشتغلين في الشأن العام، من سياسيين وإداريين، الأمر الذي أوصل لبنان إلى ما هو عليه الآن من فشلٍ وترد وانهيار. لقد آن لهذه المعاناة أن تنتهي، وآن لقواعد الفساد أن تندثر، وآن للبنان أن يتنفس الصعداء، وينطلق من جديدٍ وطن المحبة والازدهار والرخاء .
رابعاً: إن العمل على إنقاذ لبنان مما هو فيه، إلى ما يجب أن يكون عليه، يتطلب أولا الإعتراف بالخطأ. ويتطلب ثانيا الرجوع عن هذا الخطأ. ويتطلب ثالثاً محاسبة المرتكبين أيا كانوا. ويتطلب رابعا تعاونا مخلصاً بين جميع أبنائه، وبينهم وبين الإخوة العرب، والمجتمع الدولي، ليستعيد لبنان هويته ودوره، وليسترجع مكانته حاجة عربية وإنسانية .
خامساً: لا يستطيع لبنان أن يتوقع يداً عربية شقيقة تمتد إليه للمساعدة، وفيه من يفتري ظلماً على الدول العربية الشقيقة إلى حد الاستعداء، مما يشوّه الأخوة العربية التي معها يكون لبنان أو لا يكون”.
وتابع البيان، “إن أعضاء المجلس النيابي اللبناني من المسلمين السنة، الذين اجتمعوا اليوم برئاسة سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان وبمبادرةٍ منه، يؤكدون الولاء والوفاء للبنان الذي يعتزون به، وللشعب اللبناني الذي ينتمون إليه بكل طوائفه ومذاهبه، وفي جميع مناطقه. ويتعهدون العمل بتفانٍ من أجل تحقيق الأهداف الوطنية الآتية :
1 – المحافظة على سيادة لبنان ووحدته وحرياته، وعلى حسن علاقاته، خصوصا مع الأسرة العربية التي ينتمي إليها . والعمل مع زملائهم النواب الآخرين من كل الطوائف، ومن كل المناطق، لرد الأذى عن أي عضوٍ من أعضاء هذه الأسرة العربية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
2 – العمل مع زملائهم أعضاء المجلس النيابي على انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، في الموعد الدستوري المحدد، يكون ممن يحترمون الدستور، ويلتزمون القسم الدستوري، وفاءً لشعب لبنان ولمصالحه العليا.
3 – التأكيد على أن عدو لبنان كان ولا يزال هو العدو الإسرائيلي، الذي يواصل احتلال أجزاءٍ من الأراضي اللبنانية، كما يحتل مقدساتٍ إسلاميةٍ ومسيحيةٍ في القدس، وفي العديد من مناطق ومدن فلسطين المحتلة. وهم إذ يحملون المجتمع الدولي مسؤولية استمرار هذا الاحتلال العدواني الذي يشكل تحديا للشرعية الدولية، وللحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني الشقيق، وبصورةٍ خاصةٍ للمقدسات الإسلامية والمسيحية، يدعون إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة، التي تنص على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى اعتبار مدينة القدس ذاتها، مدينة محتلة”.
وختم:”إن دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية، التي تعتبر نفسها داراً وطنية للبنانيين جميعاً، إذ تعمل على جمع ممثلي المسلمين السنة في المجلس النيابي على كلمةٍ وطنيةٍ جامعهٍ، تحرص على أن يتحقق ذلك في إطار وحدة الكلمة اللبنانية، التي تعبر عن هوية لبنان ورسالته، والتي تلتقي حولها الأسرة اللبنانية الواحدة بجميع مكوناتها”.