خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
نعدّ قتلانا.عادة يوميّة بتنا نمارس طقوسها ببلاهة واستسلام غير مسبوقين.الموت صورة على الفايسبوك ولايكات سوداء وعبارة “لروحه السلام..”.البارحة كان المشهد فجّاً.فائض موت مع أربعة قتلى دفعة واحدة، وفي واقعة واحدة.فقط اختُلِف على تحديد مسبّبات الحادثة، بين محاولة السطو وبين الإشكال الفردي بين فتية الحارات.ولكنّ السبب لا يبدّل شيئاً في ألم المشهد:أولاد خسروا أباهم.أمّ فقدت إبنيها.زوجة ودّعت رفيق دربها..
لا تذهبوا الى “المؤامرة”، أو أنّ شيئاً يٌحاك في ليل دامس على أمن طرابلس.طرابلس ليست المدينة الوحيدة التي تعيش هذا الحزن المستدام.القتل بات أسلوب تعامل على امتداد الجغرافيا اللبنانية.إنّه النتيجة الشرعية لتفكّك االسياسة وهزالة المسؤولين وفقدان رجال الدولة.بالأمن والعسكر والحواجز، على ضرورة هذه العوامل، لا تستقرّ الأحوال.نحن في طرابلس بحاجة لأكثر من ذلك.عندنا عوامل إستفزاز إضافية:لدينا رئيس حكومة من المدينة، لكنّه غائب عن الاهتمام المباشر والكافي بمشاكل المدينة.مثلاً، تسعيرة المولدات الكهربائية هي الأغلى في لبنان.هو ينأى بنفسه (كما يفعل وزير داخليته الطرابلسي أيضاً..) عن هذه المعضلة الاقتصادية – الأمنية معاً.علماً بأنّه هناك “أصبع” لصاحب مولّد أو لعامل لديه (وهو بالضرورة شبّيح) في معظم الفلتان الأمني، كما في حال مقتل سيّدة في شارع الثقافة، يوم الأحد الماضي.
ما يجري في ليل طرابلس كلّ يوم ليس من صنع أيدي خفيّة.هو خليط من التراخي الأمني بسبب الواقع الاجتماعي المزري لعناصر المؤسسات الأمنية، مع شبكة مصالح باتت تربط بالتأكيد بين بعض قادة الأجهزة الأمنية وبين قبضايات الشوارع، أصحاب النفوذ والخوّات.معظم هؤلاء معروفون ويمتّون بصلات وثيقة مع هذا الجهاز أو ذاك.يشعرون أنّهم محميّون، فيبيحون لأنفسهم ما يخرج عن السيطرة أحياناً، كما حصل بالأمس، فيسقط الضحايا بلا حسيب ولا رقيب..وبالطبع بلا مؤامرة!
للنواب الجدد دور كبير في الحدّ ممّا يجري:عليهم الضغط العلني على رئيس الحكومة ووزير الداخلية (ومعهما المحافظ رمزي نهرا) لإيجاد الحلول السريعة للمشاكل الطارئة والضاغطة كانقطاع المياه (تجدر الاشارة الى إيجابية الاجتماع الذي عقد في دارة النائب كريم كبارة بهذا الخصوص..)..وعليهم الضغط على منظومة أمن/ فتوّة الشوارع لتفكيكها قدر الإمكان، حتى تستعيد المدينة بعض هدوئها.
أنسوا الثرثرة حول المؤامرة وعن الرسائل عبر طرابلس.”دود الخلّ” منه وفيه.ركّزوا على دور أفعل للنواب الجدد، وعلى تقصير فاضح للحكومة برئيسها ووزير داخليتها..وعلى شبكة المصالح المشبوهة والثقيلة بين الأجهزة وشبّيحة الشوارع!