باتريسيا جلاد –
هاجس زيادة الدولار الجمركي وتحريره من السعر الرسمي وتداعياته الكارثية التي سيتركها على الإقتصاد لناحية استشراس التهريب، وتفعيل عمل الشركات غير الشرعية وزيادة التضخم من دون تحقيق الأفق المرسوم له وهي رفع عائدات الدولة، وضع اليوم في دِرْج التأجيل.
وهذا الأمر جعل المواطنين يتنفسون الصعداء بعد أن انعدمت قدرتهم الشرائية مع انهيار العملة الوطنية بأكثر من 93% ومعها الرواتب التي لم تعد تكفي فاتورة مولّد.
وتباينت الآراء الاقتصادية حول آلية رفع الدولار الجمركي فمنهم من يرى أنه يجدر رفعه تدريجياً الى 8 آلاف ليرة للدولار من 1515 ليرة اولاً، على أن يرفع في جولة اخرى الى سعر “صيرفة” ومنهم من كان يريد تحديد سعره على 12 ألف ليرة أو 16 ألف ليرة أو رفعه “مرة واحدة” الى سعر منصّة “صيرفة” التي تبلغ اليوم 26100 ليرة لبنانية.
في ظلّ هذا السجال القائم، برز رأي مغاير لرئيس تجمع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين نيكولا بو خاطر، إذ اعتبر أن “مقاربة البت بزيادة الدولار الجمركي يجب أن تكون مغايرة وعدم القبول برفعه من سعر صرف 1515 ليرة إلى سعر “صيرفة”، باعتبار أن زيادة سعر صرف الدولار الجمركي وفق تلك الآلية ستكون له تداعيات سلبية جمّة وهي:
– تشكيل صدمة لدى المستهلكين وإرتفاع الأسعار في ظل انكماش الاقتصاد وتقلص القيمة الشرائية
– زيادة التهريب الجمركي
– تقلص عمليات الاستيراد الشرعية، اذ سيتضاءل حجم البضائع المستوردة، وتنشيط عمل قطاع التهريب غير الشرعي.
– تخفيض قيمة الصحن الضريبي، حيث ستكون سلّة الدولة في المدى القصير والمتوسط أقل بكثير من التقديرات لناحية زيادة الإيرادات.
تداعيات الزيادة التدريجية
“أما الذهاب إلى زيادة سعر صرف الدولار الجمركي تدريجياً ليبدأ بمبلغ 8000 ليرة كما هو مطروح حالياً، فهذا يشكل تناقضاً مع مبدأ توحيد سعر الصرف واستحالة “تنبؤ” كلفة الواردات سلفاً لأنه من المستحيل توقع سعر “صيرفة” لحظة وصول البضائع، وإلزامية إعادة النظر من قبل المجلس النيابي كل فترة بتسعيرة الدولار الجمركي وكل التداعيات والتأخير الذي قد يستغرقه هذا التعديل وتأثيراته على إيرادات الدولة كما يحصل حالياً”.
واقترح بو خاطر بدلاً من رفع سعر صرف الدولار الجمركي جزئياً، خفض نسبته لكل السلع بنسبة مئوية معينة وبالتساوي والإتجاه صوب توحيد سعر الصرف للرسم الجمركي وفق “صيرفة”.
وبذلك بدلاً من ابقاء الرسم على نسبة 10% على سبيل المثال لسلع معينة يمكن خفضها إلى الثلث أي 3.3% واحتسابها على سعر منصّة “صيرفة”، فتتلاشى كل التداعيات السلبية المذكورة وتتضاءل عمليات تهريب البضائع التي تدخل الى البلاد، وتحقّق الدولة الواردات المرصودة من قبلها فتزيد قيمة العائدات، والضريبة على القيمة المضافة عند الإستيراد، وتمتص وقع ارتفاع الأسعار بشكل كبير للسلع الموجودة في لبنان قبل صدور القرار، ما يحدّ من تضخيم التضخم بشكل غير طبيعي الذي قد تشهده السوق في ما لو تمت زيادة سعر صرف الدولار الجمركي من 1515 ليرة الى سعر منصة “صيرفة فجأةً”، كما ستَضرب القطاع غير الشرعي ليسلك طريق الشرعية، ويكبّر حينئذٍ قيمة الصحن الضريبي.
آلية “الإتصالات”
وبذلك يمكن اعتماد الآلية نفسها التي اتبعت في قطاع الإتصالات بقسمة سعر البطاقة على ثلاثة وضربها بسعر “صيرفة”، فيحتسب الدولار وكأنه وفق سعر 8500 ليرة لبنانية ولكن بشكل متحرّك.
وأكّد بو خاطر أنه سبق ان عرض التجمّع اقتراحه هذا على عدة مسؤولين، كونه برأيهم الحلّ الأمثل لامتصاص الى حدّ ما كل التداعيات السلبية التي يمكن أن تنجم عن رفع الدولار الجمركي، آملاً الأخذ به.