دخل الحراك الشعبي شهره الرابع، والجائعون والمهدَّدون بما هو أسوأ من الفقر والجوع لا يجدون سوى الشارع مكاناً لإطلاق صراخهم لعلّه يصوّب المسار، ويستحضر الى الميدان أصحاب إرادات جدّية وصادقة لتنقذ ما يمكن إنقاذه ممّا تبقى من البلد، والساعات الماضية حملت تصعيداً إضافياً في بعض الشوارع واستهدافاً للمؤسسات المصرفية ورمياً للحجارة وقنابل الـ«مولوتوف» في اتّجاه مصرف لبنان في الحمرا.
وأمّا السلطة، فثابتة على عماها وطرشها وتجاهلها صراخ الموجوعين، وممترسة في موقعها قبل 17 تشرين الأوّل، تمارس الأداء والنهج ذاته، بأبشع تجلّياته، إن على مستوى الغياب الكامل لحكومة تصريف الأعمال عن المسؤولية المفروضة عليها دستوريّاً ووطنياً، أو على ملعب التأليف، حيث تحوّل تشكيل حكومة اللون الواحد، الى مهزلة مستنسخة عن مراحل تشكيل الحكومات السابقة، وما كانت تشهده من تدافع سياسي على بلع الجبنة الحكومية.
ومع هذه المهزلة، تأخّرت ولادة الحكومة عن الموعد الذي كان مفترضاً أمس، كترجمة للإيجابيات التي بُنيت على مسار التأليف خلال اتصالات اليومين، وثبتت قواعدها الأساسية في اللقاء الذي جمع الرئيس برّي بالرئيس المكلّف حسّان دياب أمس الأوّل الخميس، ومهّد الطريق لولادة سريعة للحكومة، كان يمكن أن تحصل ليل الخميس الماضي، بعد تذليل تفاصيل صغيرة وصفت بأنّها غير جوهرية ومن النوع القابل للحلّ السريع، بين الرئيس المكلّف و«التيّار الوطنيّ الحرّ»، تليه زيارة أخيرة للرئيس المكلّف الى القصر الجمهوري، يصار فيها الى إصدار مراسيم الحكومة الجديدة بالتوافق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
“الجمهورية”