المناخ السياسي العام، يشي بانسداد كامل على الخط الحكومي، وعلى هذه الصورة سيفتح الاسبوع المقبل على هذه العقدة المتمركزة وسط الملف الحكومي، بالتوازي مع تحضيرات متجدّدة للحراك الشعبي، لفرض مزيد من الضغط على الطبقة الحاكمة والدفع في اتجاه تشكيل حكومة نظيفة على الشكل الذي طالب به. ووفق الاجواء المحيطة بهذا الإنسداد، فإنّ الاطراف السياسية ثابتة على شروطها المانعة للانفراج الحكومي، وعلى حدّ توصيف معنيّين بحركة الاتصالات التي استمرت في الساعات الاخيرة، فإنّ هذا الملف ما زال جامداً عند ثلاث عقد:
الأولى، انّ التحضيرات للدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة منجزة تقريباً، وجدول لقاءات رئيس الجمهورية مع الكتل النيابية بات جاهزاً وينتظر تحديد الموعد فقط، الّا انّ رئيس الجمهورية ليس في وارد الدعوة الى هذه الاستشارات من دون التوافق المسبق على اسم الشخصية التي ستشكّل الحكومة، وكذلك على شكل ومضمون الحكومة الجديدة، التي سبق لرئيس الجمهورية ان تبنّى الحكومة التكنوسياسية، بلا «فيتوات» على أحد، وليس حكومة تكنوقراط.
الثانية، انّ الرئيس سعد الحريري لا يزال عند مطلب السقف العالي وشرطه بتشكيل حكومة اختصاصية لا سياسية. مدعوماً من الحراك الشعبي ومن قوى سياسية أخرى يتقدّمها «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية»، ولم يبدِ اي ليونة حتى الآن، مع المطالبات لتخفيض هذا السقف.
العقدة الثالثة، الثنائي الشيعي، لا يمشي بحكومة خلافية، او بمعنى ادقّ صدامية، وما زال يحاول مع الحريري ان يقبل بحكومة تكنوسياسية برئاسته، وإن أصرّ على رفضه تشكيل الحكومة، فمع حكومة تكنوسياسية تترأسها شخصية سنيّة يقبل بها الحريري ويمنحها الغطاء السياسي والغطاء السنّي في آن معاً.
وبحسب مصادر وزارية مشاركة بفعالية بحركة الاتصالات، فإنّ «المشكلة الاساس تكمن في انّ هناك من يقول الشيء وعكسه، فيصرّح علناً بأنّ الف باء المعالجة للأزمة الراهنة تبدأ مع تشكيل حكومة، الّا انّ اداءه ومواقفه وشروطه تسير في الاتجاه العكس. وفي المقابل، يبدو بوضوح انّ كل طرف يلعب اوراقه، ويلوّح بأوراق لم تُلعَب بعد، وهذا يُنذر بأنّ الجبهات السياسية المفتوحة على الملف الحكومي الى مزيد من التشنج والصدام مع ما يترتب على ذلك من ارتدادات وتداعيات على المشهد الداخلي».