دمّرتم الاقتصاد وجفّفتم منابع الخزينة، حاضرتم بوعود الإصلاح وحاصرتم كل الدروب المؤدية إلى تنفيذها، ضربتم الثقة الدولية والعربية بلبنان وأضحيتم أبطال العالم بإضاعة الفرص لاستنهاض البلد، مارستم أعتى أنواع الازدواجية في المعايير وصرف النفوذ والمحسوبية في إدارة الشأن العام، أنهكتم الدستور وانتهكتم حرمة المال العام بلعبة الـ”6 و6 مكرّر”، تحاصصتم التعيينات والمغانم وأضرمتم نار الفساد في هشيم الدولة حتى إذا ما ثار المواطنون اتهمتموهم بالتآمر مع الخارج والتخابر مع السفارات… أي سلطة هي تلك التي أنتم من طينتها؟ حوّلتم الحلم الذي لطالما راود اللبنانيين بالعيش في كنف عهد قوي قادر ومقتدر، إلى كابوس الموت كل يوم ألف ميتة في كفن الذل والإذلال والبطالة والعوز… يكفيكم أنّ التاريخ سيسجل أنه في عهدكم مات الأطفال على أبواب المستشفيات، أفلست المحال والمؤسسات، انقطعت الأرزاق وتشرّدت العائلات، حلّت النكبة بأحوال السياحة والصناعة والتجارة وتدهورت مختلف القطاعات، أمّمت المصارف أموال الناس وشحت السيولة بشكل لم يعهده اللبنانيون حتى في عزّ الحروب الأهلية، انقرض الدولار وفقدت المواد الأولية من قمح ودواء ومستلزمات الطبابة والمستشفيات، وبالأمس انقطعت السبل بالناس فوقفوا أذلاء عاجزين على قارعة الطرق وعند مداخل المحطات بعدما حُجبت عنهم خراطيم البنزين والمازوت، ماذا بعد؟
أما وقد بلغ حال اللبنانيين هذا الدرك المنحط اقتصادياً ومالياً واجتماعياً ومعيشياً، وبدل أن يتدارك أهل السلطة لحفظ ما تبقى من ماء وجهها المهدور بأن يتداعوا إلى تشكيل حكومة إنقاذ تحاول انتشال البلد من قعر الهاوية، كان البديل الهزيل اجتماعاً فولكلورياً في قصر بعبدا لا يرقى إلى مستوى الأزمة وتحدياتها ليتمخض عنه بيان “منفصم عن الواقع” كما وصفته مصادر متقاطعة باعتباره يتحدث بالعموم والتعاميم التي لا تلامس أرض الواقع ولا تصيب جوهر الحلول المطلوبة الأمس قبل اليوم. الأجدى أن يفتح قصر بعبدا أبوابه أمام الاستشارات النيابية الملزمة بدل الإمعان أكثر فأكثر في لعبة حرق الوقت والأعصاب لتحصيل مكاسب حكومية من هنا وتحصين مواقع سياسية من هناك بينما البلد تنهار مقدراته ومقومات صمود شعبه.
في جديد الكباش الحكومي، كشفت مصادر مواكبة لخطوط الاتصالات المفتوحة بين مختلف الأفرقاء أنّ العقدة ليست متوقفة عند شخص المرشح لرئاسة الحكومة كما يجري التداول به إعلامياً من باب رمي الاتهامات وتقاذف كرة المسؤوليات إنما هي متصلة “بشكل الحكومة ونوعيتها وأسماء المستوزرين فيها”، موضحةً لـ”نداء الوطن” أنّ “فريق 8 آذار يعمل على ضخ أجواء تحمّل رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري مسؤولية عرقلة تكليف فلان أو فلان لرئاسة الحكومة العتيدة بينما في كواليس المشاورات والاتصالات تتمحور الإشكالية حول محاولة إبقاء القديم على قدمه في عملية التمثيل السياسي في التشكيلة الحكومية عبر إعادة توزير الأسماء الاستفزازية نفسها وإعادة إنتاج التركيبة الوزارية عينها التي انتفض الناس عليها مع تلوينة من الاختصاصيين تضفي طابعاً تكنوقراطياً عليها”. وأردفت: “هنا جوهر الإشكالية وما إن يتم تذليلها والإقلاع عن المكابرة والعودة إلى سماع صوت الناس فإنّ الحكومة تتشكل”.
ورداً على سؤال، لم تستبعد المصادر حدوث خرق ما خلال الساعات المقبلة ربطاً بما يُحكى عن ارتفاع حظوظ المرشح سمير الخطيب، مؤكدةً أنه “يحظى بدعم الرئيس الحريري على أمل بألا يحصل معه ما كان قد حصل مع الوزير السابق بهيج طبارة الذي كان قد حظي بالدعم اللازم لكنّ الشروط السياسية التي وضعت على تركيبة الحكومة المنوي تأليفها هي التي دفعته إلى العزوف عن المضي قدماً نحو مهمة التكليف والتأليف”.
عن الجمهورية