غص المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين قبل ظهر اليوم، بالوفود الشعبية التي توافدت اليه للترحيب برئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وأجمعت الكلمات التي ألقيت للمناسبة، على أهمية تواجد الرئيس عون في الجبل والطمأنينة التي يوفرها هذا التواجد بالنسبة الى أبناء المنطقة واللبنانيين جميعا.
وحرص الرئيس عون خلال لقاءاته مع مختلف الوفود، على طمأنتهم الى ان المصالحة التي شهدها الجبل راسخة ولن تهتز، والى ان الاختلاف السياسي أمر يحصل في كل الدول الديموقراطية، “ولا يمكن إزالته وإلا زالت الديموقراطية، ولا يجب الخلاف على الوطن”. وشدد على وجوب تجنب الشائعات التي صدرت في الفترة الأخيرة وطاولت الوضع الاقتصادي، لانها “تلحق الأذى بالجميع، فهذا الوضع الذي نتج من إرث ثقيل عمره 30 سنة، نعمل على معالجته ولا نتهرب من المسؤولية، إنما يجب وصف الأمور بواقعية”.
وكشف عن أنه بعد أشهر قليلة، سيتم التنقيب عن النفط والغاز، و”نأمل بأن نحصل على الردود الإيجابية في هذا المجال، ما من شأنه تحسين الأوضاع. كما بدأ تلزيم مشاريع الكهرباء، وهي بذاتها إشارة إيجابية، ومن المتوقع ان نصل منتصف السنة المقبلة الى تأمين التيار الكهربائي بشكل كبير، وبالتالي مقابل كل الأمور السلبية، هناك ايضا أمور إيجابية نقوم بها، وأقول لكم هذا الكلام كي لا تيأسوا من الوضع الصعب الذي نمر به، وان الخلاص منه ممكن، فلا تخافوا، عيشوا الاطمئنان في منطقتكم، واتركوا الباقي علينا”.
البستاني
وكان الرئيس عون استهل استقبالاته الشعبية بلقاء النائب فريد البستاني مع وفد شعبي من الشوف، وألقى البستاني كلمة باسم الوفد، ركز فيها على المعنى الرمزي المهم لوجود الرئيس عون في بيت الدين. وقال: “من كل الشوف جئنا ساحلا وجبلا ووسطا، من الناعمة والدامور والجيه والرميله صعودا إلى جون ومزرعة الضهر والمطلة مرورا ببلدات الإقليم شحيم وداريا وبرجا إلى الدبية والودايا ودير القمر وكفرحيم حتى منطقة الحرف وأرز الباروك وغيرها من مختلف البلدات الشوفية، الشوف كله يرحب بمجيئكم إلى هذا المقر الصيفي الذي أصبح بوجودكم قبلة الشوفيين ومحج كل اللبنانيين. ولا عجب في ذلك فأنتم فعلا لا قولا “بي” الكل الذي يشكل الحضن الدافىء لكل أبنائه، والحصن المنيع لكل أبناء الوطن، وهذا القصر الشاهد على استمرار الحكم الوطني من زمن الإمارة إلى عهد الجمهورية، أصبح معكم وبوجودكم يمثل الحلم الذي راودنا جميعا واستطعتم تجسيده خير تجسيد كرئيس قوي، رصيده محبة الناس وقراره حر ومتحرر، لا يخضع لا للضغوط والإملاءات ولا للاغراءات، همه حماية شعبه ورعايته وقيادته إلى بر الأمان، ولا سيما في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ لبنان. إن وجودكم في الشوف في قلب الجبل هو مصدر طمأنينة لنا، ويعطينا جميعا مقيمين وعائدين القوة والعزم للاستمرار في ممارسة العيش الواحد، الذي عرفت به مناطقنا والذي مارسه شعبنا طيلة عقود وعقود، والذي بفضل حكمتكم لن تعكره غيمة صيف عابرة”.
وقال: “فخامة الرئيس، ونحن نقترب من الذكرى المئوية لتأسيس لبنان الكبير، ولا سيما أنكم من القائلين إن هذا الجبل هو قلب لبنان، وأنتم اليوم في قلب الجبل ننتظر منكم العمل على إعطاء هذا الجبل ما يستحقه، من إقفال ملف المهجرين، وإنماء السياحة ورعاية الزراعة والصناعة وتعزيز التعليم والصحة، ووضع حل لمشاكل الكهرباء والمياه والنفايات، ونحن على ثقة أنه سيصار في عهدكم تكملة إنشاء وتجهيز مستشفى دير القمر الحكومي”.
وختم البستاني: “إننا على الوعد وعلى العهد مستمرون معكم وبفضل رعايتكم في مسيرة الإنماء التي رسمتموها للشوف وكل الجبل، ليعود الجبل ويلعب دوره كمنارة للوطن كل الوطن”.
ورد الرئيس عون مبديا ترحيبه بالوفد، ومعربا عن سعادته للقاء قسم من أبناء الشوف، ولوجوده بينهم. ولفت الى ان الشائعات التي صدرت في الفترة الأخيرة وطاولت الوضع الاقتصادي، تلحق الأذى بالجميع، فهذا الوضع “الذي نتج من إرث ثقيل عمره 30 سنة، نعمل على معالجته ولا نتهرب من المسؤولية، إنما يجب وصف الأمور بواقعية. فقد ورثنا ما يعادل 85 مليار دولار كديون، فيما تم اهمال الموارد التي يمكن الاعتماد عليها في لبنان ومنها الزراعة والصناعة، اذ كان الاعتقاد السائد ان الخدمات وحدها مع السياحة تكفي لتأمين الموارد، مع الاتكال على الاقتصاد الريعي، إضافة الى القضاء كليا على المهن الحرفية”.
أضاف: “هذا الوضع الصعب لا يمكن تخطيه بفترة زمنية قصيرة، ولا حتى خلال السنوات الست لولايتي الرئاسية، الا اننا نعمل بجهد في سبيل ذلك. صحيح ان الوضع صعب، انما لا تخافوا فبإمكاننا الخروج منه ولكن دون الاستماع الى الشائعات، ومنها ما صدر في اليومين الأخيرين عن التصنيف الذي كانت الشركات والمؤسسات المالية العالمية تتحضر لإطلاقه بالنسبة الى لبنان. فمؤسسة “فيتش” خفضت التصنيف مرتبة واحدة فيما أبقت عليه مؤسسة “ستاندرد اند بورز”، ولكن في مطلق الأحوال علينا ان نتخذ بعض القرارات الصعبة والا فسنقع في المحظور. كما يجب التنبه إلى الشائعات التي تصدر من هنا وهناك وتتناقلها وسائل الاعلام وتطال قيمة الليرة ووضع المصارف وغيرها من الأمور غير الصحيحة، ما أثر سلبا على الوضعين المالي والاقتصادي وزاد من صعوبة العمل على تجاوز الصعوبات”.
وتابع: “علينا تشجيع أولادنا على العمل في أرضهم ومناطقهم لكي نبني الانماء، فبعد زوال الأسباب التي كانت تمنع حصول هذا الامر إن في قضاء الشوف او غيره، لا داعي للخوف، والمصالحات التي تمت لن تهتز، فالخلافات تبقى محصورة في السياسة وهو امر طبيعي في أي بلد يتمتع بنظام ديموقراطي، لان الافكار المتناقضة يمكن ان تعود بالفائدة العامة بدل التفرد بالرأي. كما اطمئن ان لا خوف على الحياة المشتركة، فما حصل صعب ولكن علينا التأقلم مع وضع جديد وندرك ان ما حصل سابقا قد مضى ويجب الانطلاق من جديد، واطلاق المشاريع على غرار ما سيحصل الموسم المقبل في الشوف بالنسبة الى الطرق التي تربط القرى والبلدات ببعضها ويبلغ مداها 46 كلم. كما وضعنا نصب عينينا إقامة مستشفى دير القمر بعد العمل على تأمين الاعتماد له. ويجب عدم اهمال الزراعة، نظرا لاهميتها ويجب النظر بإيجابية الى هذا المنحى لتحسين الانماء بموازاة العمل على تحسين الاقتصاد”.
عدوان
ثم استقبل الرئيس عون نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان مع وفد من رؤساء بلديات ومخاتير في الشوف، إذ شدد عدوان على أهمية حضور رئيس الجمهورية الى الشوف، بما يعيد الى الجبل معنوياته وكرامته. وقال: “ان وحدة لبنان هي من وحدة الجبل، ونعمل يوميا على ترسيخ المصالحة فيه ولكي تبقى الدولة قوية وفاعلة وقادرة، لانه من دون ذلك لا يمكن بناء الوطن. ان الظروف المالية والاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الجبل، كما باقي المناطق اللبنانية، تتطلب لفتة اكبر لأننا بحاجة الى انماء وبنى تحتية وإقامة مستشفيات وتنفيذ الطرق، كي تبقى أولوية الحاجات محترمة، كما يجب الحفاظ على المحميات”.
وختم: “يجب التركيز على أهمية اللامركزية الإدارية الموسعة لتعزيز الوجود في الجبل، والتي تساعد على تنمية المناطق خارج بيروت والحد من الهجرة”.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، ولفت الى ان المعاناة التي عاشها الجبل سابقا، عاشها معه جميع اللبنانيين، وقال: “فرحنا بالمصالحة التي حصلت في الجبل، ونعمل على تعزيزها من خلال التواجد فيه والاهتمام بمطالبه. ندرك مدى القلق الذي يعتري أبناء المنطقة، وهو يجب ان يزول، وآمل بأن يكون قد انتهى. ان الازمة المالية تنعكس على الجميع، ونمر بفترة صعبة بسبب عدم اهتمام الدولة سابقا سوى بالاقتصاد الريعي، فيما اعتمدت سياسة مالية خاطئة. نحتاج الى بعض الجهد لتخطي هذه الازمة، والى مساهمة الجميع لتحقيق هذا الهدف. لقد سبقت وذكرت انه علينا ان نضحي ببعض الامتيازات كي نكسب، والا فسنخسرها كلها. وأقول اننا نملك الإمكانات لتصحيح الأوضاع، ولكن مع بعض التضحيات، فلا تخافوا، ويجب تضافر الجهود في سبيل التخلص من هذه الضائقة، كما يجب ان يساعد الاعلام في هذا المجال ايضا”.
أضاف: “بالنسبة الى الوضع في الشوف، ركزنا على إقامة مخططات من اجل تحسين أوضاع الطرق وتعزيز الانماء فيها، وسنعمد الى صرف قسم من الأموال وقسم آخر السنة المقبلة كي نصل الى الأهداف الموضوعة، كما نعمل على برنامج إصلاحي لتحديث الإدارة واختصار الوقت في انهاء المعاملات، وقد نجحت هذه المساعي في الجمرك والمطار، فبلدنا لا يزال يعمل وفق الطريقة القديمة منذ الاستقلال، لذلك نجهد من اجل وضع التشريعات اللازمة للتحديث”.
وختم: “أدعوكم الى العمل في مناطقكم والاهتمام بأرضكم، لانه اذا لم يحصل ذلك، عبثا نتأمل بالإصلاح والانماء حتى لو صرفنا الأموال”.
تيار “صرخة وطن”
ومن الزوار، وفد تيار “صرخة وطن” برئاسة جهاد ذبيان الذي ألقى كلمة قال فيها: “أتينا الى هذا المكان التاريخي الذي تزيدون على تاريخه اشراقا مضيئا، وحيث تسكنون، يسكن التاريخ ولا يستكين. نحن من مناطق الشوف ومن مختلف المناطق والاطياف في تيار “صرخة وطن”، نشكر لكم المبادرة التي قمتم بها للمصالحة والمصارحة وهو ليس بجديد على فخامتكم، ونرجو ان يزول هذا المكروب وتكون خاتمة الاحزان. تمت المصالحة في الجبل، والشعب متصالح مع بعضه، ولكن السياسة افسدت الأمور. ان العودة الحقيقية الى الجبل لم تتحقق بعد، فالانماء كما سبق وقلتم، هو الذي يؤدي الى هذه العودة، ومنها إقامة مستشفى حكومي جامعي للشوف، ومركز معاينة للميكانيك ومركز سجل عقاري وتسجيل آليات. وكلها تساعد في بقاء أبناء المنطقة في ارضهم”.
وختم: “في الذكرى الثانية لتحرير الجرود، نهنئكم والجيش اللبناني البطل بالانتصارت في هذه الذكرى، ونحن ننعم بالامن والاستقرار بفضلكم وبفضل حكمتكم والثلاثية ودماء الشهداء”.
ورحب الرئيس عون بالوفد، مشددا على ان الاحداث التي حصلت سابقا كانت بمثابة دعوة له للمجيء الى الجبل وطمأنة الجميع الى ان القلق لم يعد له وجود، وهو ما يشجع على مجيء الناس الى الجبل. وقال: “وحدة الجبل أساسية، ولطالما ذكرت ان الجبل بالغ الأهمية لان معه، يمكن ضم الساحل والسهل، وآمل بأن تتعزز الحياة المشتركة اكثر فأكثر. ان المصالحة التي حصلت، يجب ألا تهتز من جراء السياسة، فالاختلاف السياسي لا يمكن ازالته والا زالت الديموقراطية، ولا يجب الخلاف على الوطن”.
وتطرق الرئيس عون الى الازمة الاقتصادية والمالية، وقال: “شجعنا ونشجع اللبنانيين على صرف أموالهم في لبنان بدل صرفها خارجه، وهو امر من شأنه ان يبقي ميزان المدفوعات سليما، كما يعزز التعرف الى لبنان ومناطقه المشهورة بتعدد السياحات فيها: الدينية والطبية والطبيعية وغيرها. وآمل بعد اشهر قليلة ان يتم التنقيب عن النفط والغاز، وان نحصل على الردود الإيجابية في هذا المجال، ما من شأنه تحسين الأوضاع. كما بدأ تلزيم مشاريع الكهرباء، وهي بذاتها إشارة إيجابية، ومن المتوقع ان نصل منتصف السنة المقبلة الى تأمين التيار الكهربائي بشكل كبير. وبالتالي مقابل كل الأمور السلبية، هناك ايضا أمور إيجابية نقوم بها، وأقول لكم هذا الكلام كي لا تيأسوا من الوضع الصعب الذي نمر به، وان الخلاص منه ممكن، فلا تخافوا، عيشوا الاطمئنان في منطقتكم، واتركوا الباقي علينا”.
ابي خليل
واستقبل الرئيس عون النائب سيزار ابي خليل مع وفد من “التيار الوطني الحر” – قضاء عاليه، واكد ابي خليل ان الوفد متنوع على صورة عاليه والجبل ولبنان، وشدد على أهمية ما قام به الرئيس عون لجهة إعادة الانماء الى مناطق غاب عنها لعقود من الزمن. وقال: “وجودكم في الجبل، يعيد الينا الاطمئنان، ونحن نشكر لكم وجودكم بيننا ولا يصح ان نقول اننا نرحب بكم، فكل المناطق والبلدات هي مناطقكم وبلداتكم، ونشكر لكم سياسة الحكم التي انتهجتموها وتعيد الحياة الى المنطقة ولبنان”.
وألقى منسق “التيار” – عاليه طوني فرنسيس كلمة أشاد فيها بمزايا الرئيس عون منذ دخوله السلك العسكري ومواقفه الداعمة لسيادة لبنان وتأمين الاستقرار والأمان للشعب، والتي تركت الأثر الذي لا يمحى في قلوب الناس وجعلتهم يتقربون منه. وشدد على ان مناصري “التيار” سيبقون متعلقين بالأرض اللبنانية مهما اشتدت الصعوبات، لاكمال حلم بناء الدولة الذي بدأتموه”.
ثم ألقى احد الشيوخ قصيدة شعرية أشادت بالرئيس عون وبحكمته ومواقفه.
وشكر رئيس الجمهورية لأعضاء الوفد عاطفتهم، مؤكدا سعادته بتواجده بين أبناء منطقة الشوف التي باتت تسود فيها أجواء الطمأنينة، رغم الحوادث والخلافات السياسية التي تحصل. وقال: “علينا ان نطفىء النيران ونزيل الخوف من قلوب الجميع، ونشجع من غادر مناطق الشوف وعاليه الى العودة اليها. وانا سأكون معكم في المقر الصيفي للرئاسة هذا العام وطوال فترة ولايتي الرئاسية، وآمل ان تستمر هذه اللقاءات وان نصل الى نهاية سعيدة، وان نزيل ما كان عالقا من أمور سيئة”.