تم إطلاق اسم الامين العام لمجلس الوزراء الاسبق الدكتور سهيل بوجي، على اوديتوريوم المعهد الوطني للادارة في بعبدا، لمناسبة الذكرى الستين لتأسيس المعهد الوطني للادارة 2019 – 1959، وتخليدا لذكراه، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وحضور وزير العدل البرت سرحال، الوزيرين السابقين خالد قباني وجوزيف شاوول، الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، رئيسة مجلس الخدمة المدنية الدكتورة فاطمة صايغ، المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة، نهال سهيل البوجي وافراد العائلة، وحشد من الشخصيات الامنية والعسكرية والقضائية والقانونية واصدقاء الفقيد.
لبكي
بعد النشيد الوطني، افتتح رئيس مجلس ادارة المعهد الوطني للادارة جورج لبكي الحفل فقال: “نجتمع في المعهد للاحتفال بمناسبتين عزيزتين: الاولى الاحتفال بالذكرى الستين لانشاء المعهد الوطني للادارة، والثانية لتكريم المغفور له الدكتور محمد سهيل البوجي. ولا بد في هذه المناسبة من إجراء عرض لأعمال المعهد الوطني للادارة ولاستشراف المستقبل ولو بسرعة”.
أضاف: “حقق المعهد الوطني للادارة انجازات كثيرة في السنوات القليلة الماضية منها على سبيل المثال لا الحصر، القيام بدورات تدريبية مستمرة ومكثفة لجميع موظفي القطاع العام في مختلف الفئات وفقا لاحدث المعايير العلمية الدولية، ومع اعتماد نظام تقييم مستمر للبرامج والاساتذة. أما المشاريع المستقبلية فنعمل على جعل التدريب جزءا ملزما من حياة الموظف المهنية وعلى المشاركة في مشاريع الاصلاح الاداري”.
وتابع: “لقد التقيت القاضي الدكتور سهيل البوجي لاول مرة يوم استلمت مركزي كرئيس مجلس ادارة للمعهد الوطني للادارة، وقد استقبلني بحفاوة ومحبة وقال لي بالحرف الواحد: اذا احتجت لأي امر فلا تتردد بالاتصال بي. وخلال حديثي معه أيقنت مدى معرفته الواسعة بالأمور الادارية وبمفاصل الادارة العامة. وقد حدثني بدقة التحديات التي تواجهها الإدارة العامة في لبنان وعن رؤيته بموضوع التحديث الاداري والسياسي. وأذكر انه أشار بيده الى حائط مكتبه الواسع وهو مغطى بمكتبة تحتوي كل القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بالدولة اللبنانية. وقال لي هذا هو إطار عملي الذي يتطلب معرفة كل هذه الأمور، وقد تأكدت من خلال الحديث من مدى حنكته وقدرته على استخدام هذه المعلومات في عمله القيادي”.
وختم: “واخيرا، نتقدم من عائلته الكريمة بأفضل التمنيات ونشكر حضوركم الكريم”.
بوجي
من جهتها، قالت بوجي: “دعوني أتوجه اولا بالشكر الى دولة الرئيس الحريري والامين العام القاضي محمود مكية ومجلس ادارة المعهد الوطني للادارة، على هذه اللفتة المعبرة عن الوفاء لمن فضل عمله على نفسه. ما علمني سهيل ان أكون أنانية، لان الاستاذ الدكتور ما كان يوما لنفسه ولعائلته بل كان للاخرين، ولكني اليوم سأكون كذلك في وقوفي معكم لاستذكر قليلا مما قام به سهيل لمؤسسة رئاسة مجلس الوزراء والامانة العامة والقضاء وبكل تواضع للجمهورية اللبنانية، فأقول بلساني ولسان كل من تعامل معه: ان من نبل أفكارك وعمق اقوالك انك علمت الجميع ان تقديم حساب عن كل عمل وموقف يجب ان يكون اولا امام الضمير”.
أضافت: “علمتنا اعتماد الديمقراطية والشورى في اتخاذ القرارات، ولذلك علينا تقبل كل نقد بناء والتسامح مع الاساءة واهمال كل تجريح. علمتنا ان العمل المفيد والمثمر لا يقدم الا على قاعدة توزيع المسؤوليات ومتابعتها وان القاعدة الاساسية للعمل هي الحوار والتشاور. كنت قائدا حكيما واثقا بنفسك، فلقد آمنت ان العمل النجاح، هو مؤسسة وليس فردا وطبقت القول التالي: ان الواثق بنفسه يقود الآخرين. ألست القائل ان يدا واحدة لا تصفق وان يد الله مع الجماعة؟ كنت مؤمنا بأن اجتماع السواعد يبني الوطن واجتماع القلوب يخفف المحن. هكذا كنت نهجا ومسيرة سواء في عملك الاداري، حيث تقلبت عليك المناصب وما قلبتك او بدلت في مرتكزات عملك وسلوكك ومبادئك، او في مؤسستنا العائلية. لقد علمتني الكثير، وعلمت الكثيرين ان الاخلاص والوفاء ومحبة الناس هي كنز”.
وتابعت: “علمتنا التواضع، وهل من انسان عرفك الا وعرف عنك بعفوية: هذا الانسان المتواضع الخدوم الذي ما طرقنا يوما بابه، لان بابه كان مفتوحا دائما على بسمة حلوة ووجه صبوح، فصح فيك القول: خير الناس أنفعهم للناس”.
وختمت: “قد يخونني قلمي اذا أردت ان أكمل في تعداد مزاياك ومواقفك واعمالك وانجازاتك، لذلك سأكتفي بالقليل الذي ذكرته واختم قائلة: ايها القائد، يا من كان مدرسة بالوفاء والاخلاص، في قلوب محبيك كل الحب والذكر العطر. لك علينا وعدا وعهدا بالوفاء والذكرى الطيبة واكمال سيرتك. سهيل اعود واكرر: ارقد بسلام، فأمثالك لا يموتون”.
منجد
وقال المدير العام للمعهد الوطني للادارة جمال منجد: “أهلا وسهلا بكم في هذا الصرح العلمي والأكاديمي والتدريبي والبحثي المتفوق على ذاته، الذي كرس نفسه، بجهود فريق عمل بل بتعب أسرة متواضعة، لاعبا أساسيا في ميدان التنمية البشرية المستدامة على مستوى لبنان وخارجه، حتى استحق لقب “بيت موظفي الدولة”.
أضاف: “عام 2001، اجتمع في بيروت ممثلون عن الاتحاد الدولي لخريجي الإينا الفرنسية وكنت أحدهم. بعد انتهاء مؤتمرهم الذي كان بعنوان “تحديث الدولة”، اجتمعوا بمرجع كبير، وكان من بين توصياتهم تعديل بعض أحكام المرسوم رقم 4329 تاريخ 25/10/2000 الخاص بالمعهد الوطني للادارة، فما كان من هذا المرجع الكبير إلا أن تواصل هاتفيا مع موظف كبير للقيام بهذا التعديل بعد أن اقتنع به، فكان أن تم التعديل ونشر في الجريدة الرسمية في أقل من عشرة أيام. بعد ذلك بعشرة أعوام، أرسلت كتابا إلى مرجع كبير آخر، أرفقته بتقرير مفصل عن وضع المعهد الوطني للادارة، وختمته بتوصيات مقتضبة لتطويره وتحديثه، فجاءني جواب من موظف كبير يقول لي فيه: بطلب من هذا المرجع الكبير، إبدأ بتعديل أنظمة المعهد وفق الرؤية التي وضعتها”.
وتابع: “عام 2001: المرجع الكبير كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والموظف الكبير كان الدكتور سهيل بوجي (رحمهما الله). وعام 2011: المرجع الكبير كان الرئيس سعد الحريري (أطال الله عمره)، والموظف الكبير كان الدكتور سهيل بوجي (رحمه الله). وبين هذين التاريخين، وتحديدا بين أواخر العام 2005 وأوائل العام 2009، كنت أعمل في السراي الحكومي مع دولة الرئيس فؤاد السنيورة، ضمن مجموعة من الخبراء الماليين والقانونيين والإداريين، في ملف حل أزمة 23 ألف مساهم في “تعاونيات لبنان”، وبعد أن انتهينا من هذا الملف الشائك أواخر العام 2008، وكان المعهد الوطني للادارة آنذاك قد وصل إلى طريق مسدود (من دون مجلس إدارة ولا مدير عام ولا دورات تدريبية)، فما كان من الراحل الدكتور سهيل بوجي إلا أن ناداني ذات ليلة، وغالبا ما كنا نعمل معه حتى وقت متأخر من الليل في بيته الثاني الذي كان يأخذ منه أكثر من بيته العائلي، ليقول لي: عزيزي جمال، هذا المعهد لن ينطلق إلا إذا استلمت أنت إدارته من جديد”.
وأردف: “كان أن كلفني الرئيس السنيورة حينها بمعاونة رئيس مجلس الخدمة المدنية بتسيير شؤون المعهد، فشمرت عن ساعدي مع فريق عمل مؤلف من اثني عشر شخصا، ونقلناه بجهود جبارة، خلال أعوام قليلة، من الظل إلى مكان متقدم على مساحة الوطن، إلى أن تم تعييني رسميا من جديد عام 2014 مع رئيس مجلس الإدارة الزميل الدكتور جورج لبكي، فسرنا به سوية بإمكانيات مالية محدودة وقدرات بشرية متواضعة، مع ذات فريق العمل القليل عدديا والكبير بإرادته وطموحه وتخطيطه الاستراتيجي، إلى أن وصلنا به إلى مكان مرموق داخل لبنان وخارجه، بحسب تقييم الجهات الدولية التي دعمتنا غير مرة للحصول على اعتمادات إدارة الجودة العالمية كما في العديد من المشاريع التنموية”.
وقال: “مؤخرا، في العاشر من نيسان الفائت، اتصل بي أمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكية وعرض علي فكرة إطلاق اسم الدكتور بوجي على إحدى القاعات الرئيسية في المعهد تخليدا لذكراه، فما كان مني إلا أن رحبت بالفكرة، ثم عرضتها على مجلس إدارة المعهد الذي وافق بشدة عليها، بعدها جرى التنسيق المتواصل بين دوائر السراي الحكومي والمعهد الوطني للادارة طوال الشهرين الماضيين، إلى أن وصلنا إلى هذا اليوم الميمون. هذا بعض من تاريخ المعهد الوطني للادارة مع من نجتمع اليوم مكرمين ومكرمين”.
أضاف: “المكرم اليوم هو الرئيس سعد الحريري ومعه مقام رئاسة مجلس الوزراء الذي نجل ونحترم، والذي نشكر له وفاءه لذكرى الدكتور سهيل، كما نقدر له رعايته لهذا الحفل الكريم، بل وحضوره اليوم معنا، تأكيدا منه على محبته للراحل وتقديره للمعهد ودوره ورسالته السامية في الذكرى الستين لتأسيس هذا الصرح الأكاديمي الراقي. والمكرم هو المغفور له القاضي الدكتور محمد سهيل بوجي الذي عاصر ستة رؤساء حكومات كأمين عام لمجلس الوزراء ومدير عام لرئاسة مجلس الوزراء، طوال خمسة عشر عاما عاشها في السراء والضراء في السراي الحكومي، فكان أن ترك بصماته الإيجابية على أعمال مجلس الوزراء وعلى الإدارة اللبنانية، بعد أن ترك أثره الكبير في القضاء الإداري، في محراب مجلس شورى الدولة، كما في مناصب عليا كثيرة لا يمكن تعدادها في هذه الدقائق القليلة”.
وتابع: “في الذكرى الستين لتأسيس المعهد على يد رجلين كبيرين من رجال الدولة في لبنان هما الرئيس فؤاد شهاب والرئيس رشيد كرامي، وهي ذات المناسبة لتأسيس مجلس الخدمة المدنية الذي يحتفل هذا العام أيضا بالذكرى الستين لتأسيسه، وفي خضم ما يجري في لبنان من سياسات مالية تقشفية مضطرا إليها، نقول أمام الجميع ان من يراجع موازنات المعهد وإنفاقه السنوي لا بد وأن يكتشف ما يلي:
– أن المعهد ما يزال يشق طريقه تصاعديا بتخريج أعداد متزايدة من موظفي الدولة، ببرامج تدريبية متجددة، بل وتضاهي في بعض جوانبها ما يقدم في أرقى معاهد العالم المماثلة، بأقل المصاريف الممكنة.
– أن المعهد يمارس دوره الرائد، ليس في تطبيق أنظمة الجودة وسياسات الحكم الرشيد وحسب، بل في تعميم هذه الثقافة الرائدة على مختلف إدارات الدولة ومؤسساتها العامة وبلدياتها.
– أن المعهد أصبح مركزا بحثيا بامتياز، إذ أصبح لديه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة أكثر من ألف بحث تطبيقي، معظمها تصلح لأن تكون مشاريع تنمية إدارية وتحديث حقيقي للقطاع العام.
– أن المعهد الذي درب آلاف الموظفين الإداريين والفنيين والدبلوماسيين والملحقين الاقتصاديين، سيفتتح قريبا، ضمن إطار صلاحياته، المعهد الدبلوماسي الذي ستكون له اليد الطولى المتخصصة في تحديث قدرات وصقل مهارات الدبلوماسيين الجدد في لبنان.
– أن المعهد يسعى إلى تعديل أنظمته ليتمكن، إضافة إلى نشاطه الأساسي في الإعداد والتدريب، من تقديم ماسترات جديدة ورائدة للادارة العامة اللبنانية، بالتعاون مع جامعات دولية، وهذا ما سيفتح له المجال واسعا لتصبح لديه موارد مالية هامة، يمكن من خلالها تخفيض الاعتماد على المساهمات المالية للخزينة”.
وختم: “في يوم السعد هذا، لن أطيل أكثر من ذلك، بل أكرر محبتي شكري وتقديري لدولة رئيس مجلس الوزراء مكرما، ولعائلة الراحل الكبير الدكتور محمد سهيل بوجي، ولجميع الحضور الكرام فردا فردا، وهم سياسيون وقضاة وأكاديميون ومحاضرون ومدربون ومتدربون، جاؤوا من كل الطوائف والمناطق والآفاق ليشاركونا اليوم هذا الحفل الاستثنائي. فأهلا وسهلا بالجميع في هذا اليوم الاستثنائي الأول من تموز 2019”.
الحريري
وختاما، قال الرئيس الحريري: “أود الاعتذار اولا عن هذا التأخير، فقد كان لدينا اجتماع طارىء، ولكن بالطبع حضرت للمشاركة في تكريم سهيل بوجي الذي كان بالنسبة لي الاخ والصديق والمعلم، خصوصا وانني دخلت الى المعترك السياسي ولا اعلم شيئا عن الإدارة، فكان بالنسبة لي مرجعا كبيرا ملما بكل الموضوعات التي تتطلبها طبيعة عملنا وبمثابة “غوغل”.
أضاف: “لقد كان انسانا بكل معنى الكلمة، فهو الطيب، والاب والجد، وكان يحدثني دوما عن أحفاده، وخسارتنا له كانت كبيرة. ان تسمية الاوديتوريوم في المعهد الوطني للادارة باسم سهيل بوجي هو تكريم لكل ما قام به، وهو يستأهل كل تقدير”.
وتابع: “لقد عمل القاضي سهيل بوجي مع كل رؤساء الوزراء وكان الامين العام والحريص على العمل بالحكومة والدولة، ولم يكن طائفيا. وقد استلم منه اليوم الامانة احد تلاميذه الامين العام الجديد لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية”.
وختم: “ما أريد قوله إنه باق معنا في حياتنا، رحمه الله”.
دروع
ثم قدمت الدروع التذكارية لكل من صايغ وقباني وللرئيس الحريري.
ثم ازيحت الستارة عن لوحة تخلد المناسبة، وأقيم كوكتيل للمناسبة.