عقد رئيس حزب “حركة التغيير” المحامي ايلي محفوض، مؤتمرا صحافيا تناول فيه قضية أزمة اللجوء السوري في لبنان، كاشفا عن “مخطط سوري لمنع عودة السوريين الى بلادهم”.
وقال: “تطورات خطيرة بدأ التكشف عن خيوطها في قضية اللاجئين السوريين، وهذا التطور يتركز على إماطة اللثام عن أولوية عودتهم الى قضية المعاملة العنصرية، وهذه مؤامرة وخطة ينتهجها النظام السوري، والرسالة السورية وصلت الى لبنان من خلال مسرحية انسحاب الوفد السوري من مؤتمر العمل الدولي في جنيف، والضحية هنا طبعا لبنان واللبنانيون. والمطلوب عدم الإنجرار وراء الحملات المغرضة بحق الشعب اللبناني وتوجه الى حلفاء بشار الأسد في لبنان لكي يعوا خطورة ما يحيكه هذا النظام تجاهنا واستغلاله قضية النازحين، لكي يبقي لبنان ساحة تضج بالأزمات، انطلاقا من فكره الشيطاني ومؤداه أن التوتر في لبنان هو انتعاش لسوريا. وبات واضحا أن النظام السوري يسعى لإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، والرسالة التي أرسلها من خلال انسحاب الوفد السوري من مؤتمر العمل الدولي في جنيف كانت موجهة للدولة اللبنانية وليس فقط لوزير العمل اللبناني وللقوات اللبنانية، والبارز اليوم الحملة علينا كلبنانيين واتهامنا بأننا عنصريون تجاه السوريين وتجاه العمال السوريين بالتحديد، وللتذكير فقط لبنان ليس بلد لجوء، لبنان لم يوقع على اتفاق اللاجئين (اتفاقية 1951 ) ولا على بروتوكول 1967، وعندما طالبنا بأن تسدد الدولة السورية فاتورة الكهرباء عن اللاجئين قامت القيامة علينا”.
أضاف: “وصلت اليوم أزمة اللجوء السوري في لبنان الى مستوى الخطر على الكيان ووجودنا الحر وهويتنا اللبنانية واستقرارنا، وكذلك على الديموغرافيا وأمننا وسلامة أولادنا ولقمة عيشنا. خيوط المؤامرة بدأت تتكشف من خلال خطة ممنهجة يتبعها النظام السوري لتحويل الانظار عن حقنا كلبنانيين برفض استمرار اللجوء السوري بالشكل الراهن واتهامنا كلبنانيين، كمواطنين، كأصحاب هوية وأرض وكأصحاب حق. يتهموننا بالعنصرية. هناك حملة مغرضة، هناك مخطط مبرمج ومحرض هو النظام السوري بتواطؤ مع بعض اللبنانيين إما عن غباء او عن تورط مقصود. يعيبون علينا أننا كشعب لبناني بأبسط بديهيات الحياة وهي أن نعيش حياة طبيعية، في حين أن المعاناة في لبنان وصلت الى حد كفر أولادنا بكل شيء من حولهم وكأننا لم نتعظ مما أصابنا نتيجة اللجوء الفلسطيني. فلنتذكر جيدا ما أصاب لبنان إزاء اللجوء الفلسطيني وكيف أن لبنانيين ماشوا الفلسطيني ضد أهلهم وعلى حساب لبنان، لكن ماذا كان الثمن؟ تدمر لبنان، اندلعت الحرب، احترقت بيوتنا، مات أولادنا، هاجر اهلنا، خضع لبنان ال 10452 كلم2، الاسرائيلي من ناحية والسوري من ناحية أخرى، في حين لبنان الرسمي والشعبي لم يقصر يوما مع الفلسطينيين، والنتيجة 71 سنة مخيمات واكثر من نصف مليون فلسطيني على أرضنا وهم مسلحون وتعرفون القصة كاملة”.
وتابع: “الخطر اليوم ان يصيبنا تماما ما أصابنا بسبب الفلسطينيين على أرضنا، وإنني أرى أمامي المشهدية ذاتها يرسمونها من جديد، لكن هذه المرة مع لاجىء آخر هو اللاجىء السوري. طبعا سوف أسمع اليوم اتهاما بالعنصرية، ولمن سوف يتهمنا أتمنى عليه أن يراجع الدول والأوطان كيف تحافظ على كياناتها وسيادتها، عندئذ يعلم حقيقة موقفنا هذا، ولكن من يتهمنا بالعنصرية إزاء هذا الموقف عليه أن يعلم بأن أرضي تغرق وأولادي يهجون من أرضهم. ولكل من يتهمنا بالعنصرية عليه أن يعلم بأن النظام السوري هو نفسه استغل الفلسطينيين والقضية الفلسطينية واحتل لبنان عبر جيش اليرموك والصاعقة، وعلى ما قال حافظ الأسد بإنه اجتاح لبنان ولم يطلب إذنا من أحد، وليسجل التاريخ أن في لبنان أشخاصا متواطئين علنا ينسجون خطابات ضد اللجوء السوري، ولكن في الحقيقة رفضوا ومنذ بداية الأزمة إقامة مخيمات على الحدود مع سوريا، وبسبب هذا الموقف أصبح السوري داخل كل ضيعة ومدينة، وبدلا من أن يكون اقتصادنا بخير والسياحة مزدهرة، على العكس كل يوم نسجل تراجعا عن قبل، وحتى الكهرباء لم يحققوا فيها أي تقدم باستثناء ما فعلوه مع أهالي المنصورية، ناهيك عن مشاكل المياه الملوثة ومرض السرطان المتفاقم بشكل هستيري في مجتمعنا وبارقام مخيفة، فبدلا من أن ننصرف لمعالجة كل هذه الآفات، على العكس، تحول شعبنا لشعب اركيلة، شعب يبحث عن مصالحه الخاصة ولا يرى في كل أزماته سوى مصلحة جيوبه، فكيف السبيل للخروج من أزماتنا؟”
وقال: “لكي لا يستمر من يكذب على الناس في مسرحياته، يغشهم، تحديدا في قضية اللجوء السوري، الأزمة التي بدأت منذ 2011 مما يعني أن من يحاول تصوير نفسه بطلا اليوم كان مشاركا في تلك الحكومة ومعه عشر وزراء، عدا عن الوزراء الحلفاء له في خطه السياسي، وعليه يجب أن يسأل هؤلاء ماذا فعلتم على مستوى تنظيم الدخول العشوائي للسوريين ولماذا رفضتم إقامة مخيمات للاجئين على الحدود السورية؟ ولو وافقتم عليها يومها كان اللاجىء إما في تلك المخيمات أو أنه اضطر للعودة الى سوريا؟ لذا ما نعانيه اليوم أنتم جزء منه وتتحملون نتيجة عدم قيامكم بواجباتكم تجاه هذا الملف. والمتحمسون والمدافعون غوغائيا عن موضوع اللجوء طبعا ليس حبا بالسوريين ولا انطلاقا من الحس الانساني، انما من باب الاستفادة بخاصة عند بعض الجمعيات التي وجدت باب رزق من خلال هذا الملف، واذا استمرت الاحزاب والتيارات السياسية تسلك نهج النكاية وعقلية “بيي اقوى من بيك” و”امي اقوى من امك”، وزعيمي هو الاقوى، أقول لكم منذ اليوم 60 سنة عليكم وعلى لبنان لاننا بتنا نفتقد لقيادات حقيقية تقف وقفات عز وكرامة وتضع إصبعها على جرح الازمة اللبنانية. واعلموا أننا ذاهبون نحو مهوار سحيق، والأخطر مراسيم التجنيس التي توزع خبط عشواء الجنسية اللبنانية للفلسطيني والسوري”.
أضاف محفوض: “لا أريد تخويف اللبنانيين لكن لا بد من المكاشفة بالحقيقة وأن يعلم اللبناني ما الذي يتحضر للبنان والذي هو اخطر مما تعرضنا له خلال 50 سنة، وبمجرد الإطلاع على بعض الأرقام نعلم حجم الأخطار المحدقة بلبنان، مليون ونصف سوري، نصف مليون فلسطيني، 11 قاعدة عسكرية خارج المخيمات، في تلال الناعمة وقوسايا وسواها، مما يعني بكل وضوح أننا على فوهة بركان لا ندري متى ينفجر بنا. المطلوب مما لم نفعله بال 58 و 67 و73 و 75 ان تقوم به السلطة في لبنان. بمعنى أن تقوم بواجباتها تجاه الدولة والجمهورية، وما لم يع المسؤولون تقاعسهم، فإننا مقبلون على تهلكة حتمية، أما بالنسبة لحلفاء النظام السوري فكيف يسمحون لأنفسهم بأن يوالوا الغريب ضد وطنهم، وما حصل مع وزير العمل اللبناني في جنيف لا يقبل به لا عقل ولا منطق. ماذا يعني لبناني يتضامن مع وفد دولة غريبة هي سوريا ضد وفد من وطنه، الوطن الذي ينتمي اليه؟ وعندما نقول بأن بشار الأسد يعرقل عودة اللاجئين السوريين نقول الحقيقة كما هي، وقد ابتلينا بأشخاص يكذبون ليل نهار على اللبنانيين ويوهمونهم بأن فريقا معينا ضد عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم، لكن أليس الأجدى بالمستعجل لإعادة بشار الأسد الى كرسي سوريا في الجامعة العربية لو يستعجله ليفتح الحدود من أجل عودة السوريين؟ ومن الذرائع المعيقة لعودة هؤلاء من قبل النظام السوري وضعه لعراقيل منها مثلا التحجج بمسألة التثبت من الملف الأمني لكل لاجىء سوري ينوي العودة الى بيته، ورفض عودة الأعداد الكبيرة تحت هذه الذريعة، فهل تعلمون ماذا يعني ذلك؟ هذا يعني أن النظام السوري يقول: في حال وجود اسم متورط أو إرهابي فليبق على الأراضي اللبنانية، فليبق في بيروت وممنوع أن يرجع الى سوريا، ضف إلى ذلك الضغط الاقتصادي الذي سيشكله ملايين العائدين من السوريين الذين غادروا سوريا هربا من الحرب والاضطهاد، وبالتالي بشار الأسد يرفع عن كاهله هذا الهم الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي ليبقيه على الدول المضيفة للاجئين”.
وتابع: “من الأمور التعجيزية وعرقلة العودة مثلا، الطلب من أصحاب المنازل المدمرة إبراز صورة عن سند التمليك أو عقد كاتب العدل ووصل مياه وكهرباء وبيان عائلي وصورة عن دفتر العائلة، صورة عن الهوية الشخصية ومن لا يملك هذه الوثائق ممنوع العودة الى بيته، وبات واضحا أن الأسد يريد تقليص أعداد الشعب السوري من غير العلويين وذلك الى الحد الأدنى الذي يساعده في تحقيق التغيير الديموغرافي، وعندما نقول الحقيقة بقضية اللجوء في لبنان تصدر أصوات تتهمنا بالعنصرية، فيا جماعة الخير نحن مع حق الشعب السوري المضطهد المظلوم الذي خضع للدكتاتورية من زمن حافظ الأسد، لكن يجب أن تعلموا أن بموقفنا هذا لا نضطهد أحدا. ما هو حاصل يمكن إيجازه بأن شعب لبناني يئن فقرا وجوعا ومرضا يشعر بأن فقيرا سوريا أتعس منه يزاحمه على لقمة عيشه وعمله، أي على طريقة المثل الشعبي القائل: “عصفور كفل زرزور”، وهذا هو واقع حالنا لا أكثر ولا أقل. ولتزيد الأمور سوءا، تعلن الأمم المتحدة رفضها تزويد السوريين بالمساعدات المالية والعينية التي توزعها على السوريين في حال انتقلوا الى سوريا، وهذا سبب إضافي يمنع هؤلاء من العودة”.
وقال: “أكاشف اللبنانيين اليوم بالحقيقة وهي أن لا أحد يعمل من أجل عودة اللاجئين السوريين الى سوريا، وبدل أن نتوجه باللوم لدول أوروبية تسعى لإبعاد شبح المهاجرين عن أراضيها وطبعا العرب نائمون، علينا نحن كلبنانيين إيجاد أرضية ومساحة تلاقي فيما بيننا على رغم كل إختلافاتنا وتباعدنا السياسي لنلتقي على قضية موحدة لحل حقيقي ومنطقي لأزمة اللاجئين وإلا فعلى الدنيا السلام. العسكر السوري الذي انسحب رغما عنه من لبنان في نيسان 2005 يرى أن فرصته اليوم متاحة للانتقام ولتصفية حساباته في لبنان، وجماعاته من لبنانيين يعلمون تماما أن بدعة أن السوري انسحب من لبنان هي مجرد خبرية، وبالتالي لم يعد من مشكلة مع النظام السوري، وهذه خبرية لا تمر على من جربهم والتجربة معهم غير مشجعة، فالنعجة لا يمكنها أن تأمن للوحش الكاسر، ولا لزوم للتذكير بقضية المتفجرات والعملاء المزروعين فيما بيننا. بشار الأسد يسعى لابتزازنا في قضية اللجوء السوري، وهو سيعمد الى وضعنا بين فكي كماشة من خلال معادلة: إما يعود لبنان الى حاضنة دمشق عبر قصر المهاجرين وبعدها أقرر ماذا أفعل بقضية اللاجئين، وإلا “روحوا قبعوا شوككم بإيديكم بقصة اللاجئين”، أما كل هذا الصراخ والضجيج وكل هذا الاستنفار الذي نشاهده من قبل قبضايات السلطة، هؤلاء مجرد جماعة فوضى وديماغوجيات وشعارات لم تجلب للبنان إلا مزيدا من تهشيل أولادنا لبلاد الله الواسعة، وكلامي هذا إن كان فيه مبالغة، فليقف القبضاي منكم يا شباب ويقول لبشار الأسد إفتح الحدود واترك الناس تعود إلى بيوتها”.
أضاف: “تجربتنا مع النظام السوري مليئة بالقهر والخطف والقتل والاغتيالات والابتزاز، فيا أيها اللبنانيون، أنتم مقبلون على صفقة مجرمة بحق لبنان الكيان والسيادة والاستقلال، صفقة قد تطيح بكل تاريخنا، واعلموا أن باحثين عن كرسي في السلطة هم على إستعداد لفعل أي شيء مقابل وصولهم للكرسي، سبق وفعلوها وسيفعلونها الف مرة من أجل الكرسي، والأخطر كلام وزير خارجية دولة الفاتيكان بول ريشار غالاغير الذي أبلغ مسؤولين لبنانيين التقوه منذ فترة وبكل صراحة أن بشار الأسد لا يرغب بعودة النازحين الى سوريا، ولعل الأخطر في كلامه معلومات عن عدم وجود رغبة دولية لعودتهم، وقال لهم: قداسة البابا أعطاكم رسالة محبة وتشجيع لكن أنا سأكون صريحا معكم: الوضع اللبناني غير سليم، وإذا عولنا على المبادرة الروسية لكون الرئيس سعد الحريري اشتغل بجدية للدفع باتجاه حث الروس لكي يبادروا”.
وختم محفوض: “أخشى أن نكون ضحية تواطؤ وتلاعب من الروسي الذي يعمل على عامل كسب الوقت، وبين مصلحة لبنان ومصلحة بشار الأسد، الروسي سيختار الأسد الذي أمن ويؤمن له القاعدة الأساسية في منطقة الشرق الأوسط، فحتى هذه اللحظة لم يبدأ العمل بأي من بنود المبادرة الروسية التي بقيت حبرا على ورق وقوامها، عودة الميليشيات التي استحضرها النظام السوري الى سوريا لكي تبقيه على قيد الحياة ولا سيما “حزب الله”، وقف انتهاكات حقوق الإنسان الكف عن اعتقال العائدين وتصفيتهم وضمانات دولية”.