قال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع: “عندما أطلقنا في الانتخابات النيابية شعار “صار بدا” لم نطلقه كعنوان ظرفي يرمي إلى تعبئة الناس من أجل استحقاق انتخابي على أهميته، إنما أطلقناه انطلاقا من إدراكنا ان الوضع لم يعد يحتمل ويطاق في مختلف المجالات وعلى سائر المستويات، فلا السيادة بخير، ولا الدولة ومؤسساتها بخير، ولا الوضع الاقتصادي بخير، ولا المواطن بخير، والبلاد تسير على طريقة “سارحة والرب راعيها”.
أضاف: “ان استمرار هذا الوضع أدى ويؤدي إلى تيئيس الناس وإحباطها وتخييرها بين الرحيل والهجرة، وبين العيش في شبه دولة، اي دولة بالاسم وليس بالفعل، وهذا ما لن نسمح باستمراره وبتفاقمه، فنحن لم نقدم قوافل الشهداء والتضحيات والنضالات على مذبح الوطن من أجل ان يبقى المواطن اللبناني معلقا بين الدولة واللادولة، بين الموت وخطر الموت، بين الخوف من الغد والهروب من الواقع”.
وتابع: “لقد استبشرنا خيرا حتى الآن في الأداء الجيد لوزير البيئة فادي جريصاتي، ونحيي جهوده ومثابرته لأنه “صار بدا” فعلا وضع سياسة تنظيمية واضحة المعالم للمقالع والكسارات سواء سميت مخططا توجيهيا او خطة بعيدة المدى، او خريطة طريق تفصل بين حق الاستثمار السليم في إطار القانون وبين منطق التفلت والممارسات المافيوية، إذ من غير الجائز استمرار الفوضى الكارثية القائمة، بل يجب المضي قدما في اتجاه تحديد الإطار التنظيمي المطلوب ووضعه على نار حامية”.
كلام جعجع جاء خلال المؤتمر الذي أقامه مكتب البيئة في حزب “القوات اللبنانية” في المقر العام للحزب في معراب، تحت عنوان “القوات في مواجهة التحديات – المقالع والكسارات في لبنان”، بحضور ممثل وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن المديرة العامة للادارات والمجالس المحلية في الوزارة فاتن ابو الحسن، ممثل وزير البيئة فادي جريصاتي مستشاره نخلة الهاشم، ممثل وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق رئيس حركة “المستقلون” رازي الحاج، النائبين شوقي الدكاش وجوزيف اسحق، وزير البيئة السابق طوني كرم، امين سر تكتل “الجمهورية القوية” النائب السابق فادي كرم، مدير عام وزارة البيئة بيرج هاتجيان، ممثل أمين عام تيار “المستقبل” أحمد الحريري منسق ادارة الموظفين في التيار وسام نهرا، ممثل امين عام حزب الكتائب اللبنانية ادغار نجاريان عضو المكتب السياسي إيلي أبو سليمان، الأمينة العامة لحزب “القوات اللبنانية” شانتال سركيس، رئيس حركة “التغيير” إيلي محفوض ومستشارة رئيس الحكومة سعد الحريري سناء السيروان”.
كما حضر ممثل رئيس مجلس الإنماء والإعمار المهندس نبيل الجسر رئيس ادارة البرامج في المجلس ابراهيم شحرور، نقباء: المهندسين في بيروت جاد تابت، المقاولين مارون الحلو، مصانع الرخام إبراهيم ملاح وأصحاب المجابل مصطفى صقر، قائمقام الكورة كاترين الكفوري، ممثل رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل امين المال في الجمعية نازاريت صابونجيان، الممثل المقيم لمؤسسة “كونراد آديناور” في لبنان مالته غاير، مدير مكتب وزير البيئة ناجي شاهين، رؤساء اتحادات بلديات: بشري إيلي مخلوف، الكورة كريم بو كريم، دير الأحمر جان الفخري، البحيرة يحيى ضاهر، الغرب والشحار ميشال سعد، مدير جامعة سيدة اللويزة – برسا الأب فرانسوا عقل، ممثل مدير جامعة البلمند الياس الوراق أديب الكفوري، نائب رئيس جامعة القديس يوسف وجدي نجم، أعضاء من المجلس المركزي وفاعليات اقتصادية واجتماعية واعلامية.
جعجع
وكان جعجع استهل كلمته بالقول: “أود بادىء الأمر أن أوجه شكرا عميقا لمؤسسة كونراد آديناور على كل الجهود التي تبذلها في لبنان منذ عشرات السنين من أجل الإنماء والثقافة”.
أضاف: “إننا في أرضنا ومن أرضنا نعيش ولأجل أرضنا نصمد ونستمر. وبقدر ما كانت أرضنا وفية لنا في أحلك الظروف، سنحرص على رد الجميل وعلى رد الجمال لها. لا حياة سليمة من دون بيئة نظيفة، ولا انسان معافى في ظل بيئة ملوثة، ولا قيمة لتطور علمي وتكنولوجي على حساب الإنسان وسلامته وصحته”.
وتابع: “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وليس بالسياسة وحدها تدار شؤون البلاد والعباد، فالسياسة في مفهومنا وقناعتنا هي العناية بكل ما يتصل بحياة الإنسان، بدءا من بيئة سياسية مستقرة توفر له مقومات العيش بكرامة وطمأنينة، وصولا إلى بيئة نظيفة تبعد عنه التلوث والأوبئة والأمراض”.
وأردف: “إننا معنيون بكل الأبعاد المتصلة بحياة المواطن اللبناني، ومعنيون بلبنان وثروته الطبيعية الفريدة والمهددة بالمصالح النفعية وبالإهمال وبالجهل، ودفاعنا المستميت عن الانسان اللبناني لا يحجب دفاعنا المستميت أيضا عن لبنان بوديانه السحيقة وجباله الشامخة وأنهاره المتدفقة وسهوله المعطاء وطبيعته الخلابة، ولن نسمح بتشويه هذه الأرض وتخريب ثرواتنا الطبيعية وبعضها فريد في العالم ويشكل بذاته جزءا من التراث العالمي”.
وقال: “عندما أطلقنا في الانتخابات النيابية شعار “صار بدا” لم نطلقه كعنوان ظرفي يرمي إلى تعبئة الناس من أجل استحقاق انتخابي على أهميته، إنما أطلقناه انطلاقا من إدراكنا ان الوضع لم يعد يحتمل ويطاق في مختلف المجالات وعلى سائر المستويات، فلا السيادة بخير، ولا الدولة ومؤسساتها بخير، ولا الوضع الاقتصادي بخير، ولا المواطن بخير، والبلاد تسير على طريقة “سارحة والرب راعيها”.
أضاف: “إن استمرار هذا الوضع أدى ويؤدي إلى تيئيس الناس وإحباطها وتخييرها بين الرحيل والهجرة، وبين العيش في شبه دولة، اي دولة بالاسم وليس بالفعل، وهذا ما لن نسمح باستمراره وبتفاقمه، فنحن لم نقدم قوافل الشهداء والتضحيات والنضالات على مذبح الوطن من أجل ان يبقى المواطن اللبناني معلقا بين الدولة واللادولة، بين الموت وخطر الموت، بين الخوف من الغد والهروب من الواقع”.
وتابع: “لقد استبشرنا خيرا حتى الآن في الأداء الجيد لوزير البيئة فادي جريصاتي، ونحيي جهوده ومثابرته لأنه “صار بدا” فعلا وضع سياسة تنظيمية واضحة المعالم للمقالع والكسارات سواء سميت مخططا توجيهيا او خطة بعيدة المدى، او خريطة طريق تفصل بين حق الاستثمار السليم في إطار القانون وبين منطق التفلت والممارسات المافيوية، إذ من غير الجائز استمرار الفوضى الكارثية القائمة، بل يجب المضي قدما في اتجاه تحديد الإطار التنظيمي المطلوب ووضعه على نار حامية”.
وأردف: “ما ينقصنا في لبنان هو الجرأة في اتخاذ القرارات وترجمتها على أرض الواقع، بدءا من وضع إطار قانوني وتنظيمي واضح ونهائي وجذري، وصولا إلى اتخاذ قرارات جريئة بمحاسبة المسؤولين عن التشوهات الحاصلة، وما بينهما حصر وتحديد الجهات التي تعود إليها صلاحية منح التراخيص والموافقات. ويجب ألا يغيب عن بال أحد ان تنظيم هذا الواقع الذي يشكل مصلحة وطنية وبيئية وإنسانية وحضارية جوهرية يمكن ان تستفيد منه الدولة لتغذية خزينتها بما هو حق لها وواجب على المستثمر، فتكون بذلك حمت الطبيعة وأمنت موارد تصرف حيث ينبغي”.
وحيا جعجع الوزير السابق طوني كرم الذي وقال: “رغم الظروف السياسية غير المساعدة وغير الملائمة التي كانت سائدة لدى تسلمه وزارة البيئة، ولفترة وجيزة جدا، نجح في وضع الأسس التي نطمح إلى تحقيقها اليوم والتي اعترف بصدقيتها وعلميتها وموضوعيتها الأبعدون والأقربون”.
أضاف: “صار بدا” قانون، قانون واضح ومتكامل، والتذاكي من اجل الالتفاف عليه مرفوض، أما الاستثمار فيجب ان يكون شرطه الأساس احترام الطبيعة بجمالها وكنوزها ومعالمها البيئية وخصائصها البيولوجية، “صار بدا” قرار يضع حدا لهذا القضم المتواصل والتشويه العشوائي لطبيعتنا والنهش المستمر لجبالنا، وإلزام المستثمر بإزالة التشويه وإعادة التشجير وفق معايير علمية وبيئية، بعد الانتهاء من الاستثمار”.
وتابع: “الأرض أرضنا، والجبال جبالنا، والبيئة بيئتنا، وجبالنا التي بقيت عصية على مختلف انواع الاحتلالات لن نسمح للمقالع والكسارات بتدميرها. لقد نجح أجدادنا وآباؤنا في تحويل المعالم الجرداء والصخرية إلى جلول للزراعة وحقول خصيبة ساعدتهم في الصمود والمقاومة في وجه الطامعين، ولذلك لن نسمح اليوم لاصحاب الأطماع ان يشوهوا ما صنعه الله وحفظه البشر من حجر وشجر”.
وختم: “أجدد الترحيب بكم جميعا في معراب الطبيعة الخضراء وأتمنى ان يكون هذا المؤتمر حافزا إضافيا ليقظة بيئية قبل فوات الأوان”.
كرم
بدوره، قال الوزير السابق طوني كرم: “انه من دواعي السرور، ورغم الاوضاع السياسية والمالية السيئة التي يتخبط فيها البلد، ان تبادر القوات اللبنانية الى تنظيم ندوات ومؤتمرات تعنى بجوانب اساسية من حياة المواطنين وقضاياهم وعلى رأسها القضايا البيئية الكثيرة وآثارها المدمرة على الطبيعة والانسان”.
أضاف: “مؤتمرنا اليوم مخصص لموضوع المقالع والكسارات والاشكاليات المحيطة به ووسائل علاجها. قد يبدو هذا الموضوع شديد الصعوبة والتعقيد في الظاهر، لكنه في الحقيقة غير ذلك تماما اذ ان الحلول الانسب موجودة لا بد لي من فتح هلالين لاقول ان “التعبير الانسب لا يعني مسايرة اوضاع سياسية ومصالح نافذين بل انه في كل الشؤون البيئية تقريبا يجب الموازنة بين متطلبات التنمية والحفاظ على البيئة واستدامة الموارد، الحلول اذا موجودة من خلال قوانين ومراسيم صادرة ونافذة حاليا كالمرسوم 5371 الصادر في شباط 9002 لكن تطبيقها امر آخر اذ عطلها الفساد وسخر المرفق العام لمصلحة الزبائنية والمنفعة الشخصية والصراعات السياسية وانعدمت الاستمرارية في الادارات وتصرف بعض الوزراء كأباطرة على رأس وزاراتهم وكأن الوزارة ولدت يوم توليهم لها”.
وتابع: “للعبرة والتاريخ سأشارككم بإيجاز بعضا من تجربتي في وزارة البيئة مع موضوع المقالع والكسارات. عند تولي حكومة الرئيس السنيورة عام 2009، كانت آليات التراخيص في وزارة البيئة معطلة وكانت وزارة الداخلية متدخلة بقوة وتصدر اذونات استثمار كيفما ولمن تشاء. فعملنا على استرداد الصلاحية ووضع حد للفلتان وانكببنا على تحضير مرسوم يعدل المرسوم القائم بما يجعله قابلا للتطبيق فور صدوره. وبعد معاناة عدة اشهر وتذليل عقبات المحاصصة باعتماد المواقع الجغرافية للمقالع حصرا بحسب دراسة علمية والغاء كل المواقع المضافة سابقا من قبل كل الافرقاء السياسيين تقريبا لاسباب خاصة بهم، صدر المرسوم 5371 وبدأنا تنفيذه بحذافيره وحصر التراخيص بالمجلس الوطني للمقالع والكسارات دون اية استثناءات واستمرت هذه الحال حتى رحيل الحكومة أواخر 2009”.
وأردف: “ما الذي حصل منذ ذلك التاريخ لغاية اليوم حتى توقف المجلس الوطني وتعطلت الاليات القانونية وعادت الاذونات والمهل والحمايات والسمسرات، وانتهكت ودمرت البيئة على مدى عشر سنوات وتعاقب عدة حكومات، ام ان الاستمرارية في الحكم لا يفهم منها الا استمرار الفساد. لماذا يعطل كليا ومنذ عشر سنوات دور المدير العام رغم ثبوت جدارته التقنية والادارية وعدم وجود اي شبهة فساد بحقه”.
وسأل: “كيف تؤمن استمرارية اي مرفق عام اذا لم تؤمنها الادارة وهي الثابتة بينما الوزراء يتغيرون؟ سمعت منذ ايام معالي وزير البيئة الذي يبشر بالخير يقول ان فوضى الكسارات والمقالع مستمرة منذ خمسين سنة وانه بصدد ورشة لتنظيمها. وعليه، أود لفت انتباه معالي الوزير جريصاتي الى وجود نقطة انطلاق مجربة وجاهزة بالمراسيم النافذة والقرارات الملحقة بها وخبرة وتجربة مديرية البيئة والمجلس الوطني للمقالع والكسارات الذي يرأس. فلينطلق منها مع تمنياتي له بالنجاح في تنفيذ وتطوير النظم القانونية التي يجب ان ترعى هذا القطاع”.
أضاف: “اسمحوا لي قبل ان أنهي مداخلتي ان اتطرق سريعا الى بعض المواضيع التي عملت عليها وآلمني انها توقفت او لم تفعل بعد تركي الوزارة. ان تفاعل وتعاون وزارة البيئة مع المواطنين والجمعيات البيئية الحقيقية ضروري لا بل اساسي لتبادل الاراء والهموم والمشاركة في الحلول والتوعية. ومن هذا المنطلق، انشأت المؤتمر الوطني الدائم للبيئة وهو تجمع جمعيات بيئية ضمن وزارة البيئة والجسم التطوعي المنبثق عنه والمسمى حماة البيئة الذي كان يضم حوالي 100 شاب وشابة من كافة المناطق”.
وتابع: “من المواضيع المتصلة بالتلوث التي عملت عليها كتلوث المياه السطحية والجوفية وبحيرة القرعون ومحطات التكرير المتوقفة وغير الفعالة محطة ايعات وغيرها، فإن اكثر موضوع يهمني هو خطر رواسب المبيدات الزراعية في الخضر والفاكهة لما له من اثر اكيد ومثبت علميا على تزايد الامراض السرطانية. فقد أجريت فحوصا مخبرية أكدت وجود هذه المواد الخطرة واحيانا بكميات تتخطى المسموح به عالميا، ووضعت خطة لمعالجة الموضوع لكن الوقت داهمني وتغيرت الحكومة على ان تتم المعالجة ضمن قوانين الامن الغذائي. ولغاية اليوم ورغم ملاحقتي الأمر مع عدة وزراء لم يعالج هذا الخطر المستمر والمتزايد، هل لانه غير ظاهر للعيان وتأثيره ليس فوريا؟”.
وختم: “أضع قضية رواسب المبيدات اولا وموضوع المؤتمر الوطني الدائم للجمعيات البيئية وحماة البيئة بين ايديكم كمكتب البيئة في الحزب، للمتابعة وإيلائها الاهتمام اللازم. وفقنا الله جميعا في حماية بيئتنا بما يضمن ارث اجيالنا القادمة وحقهم علينا”.
غاير
وقال الممثل المقيم لمؤسسة “كونراد آديناور”: “أنا مسرور جدا لوجودي هنا في معراب لتهنئة حزب القوات اللبنانية على إطلاق عمل مكتبه للبيئة عبر هذا المؤتمر الأول الذي ينظمه، وأنا كلي ثقة بأن تأسيس مكتب متخصص هو ضروري جدا من أجل مواجهة التحديات البيئية العديدة التي تواجه لبنان”.
أضاف: “نعلم جميعا أنه تم إدراج قضايا حماية البيئة وتغير المناخ والموارد الطبيعية على جدول الأعمال العالمي مرة أخرى، حيث أعلن العديد من الدول التي وقعت على اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ قبل أربع سنوات انسحابها منها. هذا، إضافة إلى الظاهرة الحالية للشباب الذين يتظاهرون في كل أنحاء العالم من أجل سياسات مناخية أكثر طموحا في بلدانهم، تجعل الحكومات والأحزاب السياسية تعيد التفكير في برامجها الخضراء”.
وتابع: “نتحدث من منظور أوروبي وألماني، خصوصا في وقت نشهد فيه ارتفاع شعبية حزب الخضر على نطاق دولي، كما في انتخابات الاتحاد الأوروبي السابقة. وأود أن أشارككم ملاحظتين: الأولى هي أنه في حين أن الطلب على سياسات أكثر صداقة للبيئة أمر حتمي وشرعي ومن أجل مصلحتنا بالكامل، فإنها تحتاج أيضا إلى أن تكون واقعية ويجب أن يتم تنسيقها مع الجهود الحالية بالفعل باعتبار أن ما أطلق عليه المراقبون “الشعبوية الخضراء” لديه في الواقع القدرة على عدم المبالغة في تبسيط العمليات المعقدة والطويلة الأمد من خلال محاولة استبدالها بأساليب خيالية أسهل بكثير، ولكن يفتقر أيضا في كثير من الأحيان إلى التوازن المطلوب بين بيئة العلاقة – المجتمع والاقتصاد. بمعنى آخر، لن يحل النشاط الشعبوي الأخضر النقي المشاكل الهائلة التي نواجهها جميعا، فقط جماعات الضغط المتزامنة بشكل جيد، ورفع مستوى الوعي بين الجمهور والإعلام وصناع القرار، إلى جانب العمل التشريعي في اللجان والبرلمان، يمكن على المدى الطويل أن تضمن تنفيذ سياسات جديدة”.
وأردف: “أما النقطة الثانية فهي أريد مواجهة الادعاء الذي أثارته وسائل الإعلام وجماعات المجتمع المدني في أوروبا وخارجها، بأن الأحزاب السياسية القديمة النشأة لا تزال غير مدركة لأهمية الموضوع البيئي لأجزاء كبيرة من المجتمع وخصوصا للشباب، باعتبار أن الحكومات لم تحقق خلال العشرين سنة الماضية نجاحات كثيرة على طريق طويل لتحقيق أهداف المناخ. علاوة على ذلك، فإن حماية الطبيعة وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين في انسجام مع بيئتهم الطبيعية، هو اعتقاد أساسي قديم وقيمة مركزية للأحزاب الوسطية في كل أنحاء العالم، يرتبط بقوة بضرورة المحافظة المتمثلة في حماية سلامة الإبداع بأي ثمن – لأن هناك واحدا فقط. وبالنظر إلى هذا المفهوم الخاطئ والخطير في بعض الأحيان، يبدو أنه من الأهمية في مكان جعل العملية التشريعية الطويلة الأجل والمعقدة أكثر وضوحا وشفافية للجمهور والإشارة بوضوح إلى كل من الإمكانات والعقبات”.
وقال: “في ضوء ما تقدم، يسعدني أن أكون هنا اليوم ومناقشة الاستراتيجيات الممكنة للبنان. قبل عامين، وضعت KAS برنامجها الإقليمي حول أمن الطاقة وتغير المناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (REMENA)، والذي يدعم المنطقة بأسرها في التعامل مع تغير المناخ من خلال تشجيع الحوار عبر الحدود، ودعم تطوير الأطر التنظيمية لإمدادات مستقرة للمياه وكذلك استراتيجيات للتكيف مع آثار تغير المناخ”.
وختم: “إني واثق بأننا سنكون قادرين على الجمع بين جهودنا في المستقبل في هذا المجال الجديد للتعاون بين حزب القوات اللبنانية ، ومعهد الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، وKAS. وأنا أتطلع إلى نقاشنا اليوم”.
فريد كرم
من جهته، قال رئيس مكتب البيئة الدكتور فريد كرم: “في أواسط تسعينيات القرن الماضي، كلفت من ضمن فريق علمي بإجراء كشف شامل لمقالع ومرامل جبل لبنان، فعاينت الضرر البيئي الفادح واستباحة المحظور، وخفت. وخلال هذه المهمة، لمست أيضا الحاجة الى المقالع والمرامل. وتعرفت الى حجم الاستثمار المالي والناتج الاقتصادي منه، انما تيقنت ايضا من سوء تقدير المستثمرين للضررين البيئي والصحي، ومن ضيق أفقهم في الشأنين البيئي والصحي، فوجدت لديهم مفاهيم خاطئة يقنعون انفسهم بها، ويحاولون إقناع الآخرين. ربما كانوا في حاجة الى ترسيخ هذه الأفكار المعلبة في ذهنهم وإقناع أنفسهم بها لاحتماء من بعض وجع ضمير. ووجدت فيهم رجال أعمال من نوع آخر: يشبهون الصخر الذي يحفرون فيه، تطويعهم يحتاج الى القوة، يجابهونها بصلابة الحجر وبالتضامن، فهذا ما جعلهم يوصفون عن حق او عن غير حق بالمافيا. ويشبهون الإنتاج الضخم الذي ينتجون، فتصبح الأرقام والحسابات الصغيرة، صغيرة في عيونهم. وهذا ما جعلهم يوصفون عن حق او عن غير حق بحيتان المال، فاذا زادت القوة، زادت الصلابة في وجهها. واذا زاد ضغط القانون، هانت الرشاوى ورخص المال، فملأت رائحة الفساد ارجاء المقالع والمرامل”.
أضاف: “نتيجة لتقرير الفريق، قررت الدولة ان تطاع، فأطيعت. وتوقفت كسارات نهر الموت وانطلياس ونهر ابراهيم وقرطاضة وغيرها، وما زال بعضها متوقفا. وعادت الحياة منذ ذلك الحين للتشريع والتظيم في هذا القطاع، فصدرت المراسيم والقرارات، وما لبثت ان خرقت. ووضعت المخططات التوجيهية، وخرقت هي الأخرى. فكانت الفوضى وعادت فسادت المهل الإدارية من جديد. وشل عمل المجلس الوطني للمقالع والكسارات واستغل المستغلون، اضافة الى الثروات الطبيعية، سذاجة اهل الإدارة والحكم وخفة المديرين والحاكمين، فانقضوا على المالية العامة، مسلحين بحربقة قانونية، جعلت ان ينصاع لهم مجلس شورى الدولة، ويحكم لهم على الدولة بملايين الدولارات. وتوالى الوزراء، فمنهم من استسلم ومنهم من حاول المستحيل، وكان مع الوزير القواتي الدكتور طوني كرم المستحيل ليصبح مخططا توجيهيا احدث من سابقه، انما استبيح هو الآخر. فلمجلس الوزراء رأي آخر، وهو من اعطى نفسه سلطة ان يستثني، ويستبيح. وللمحافظين كلمة اخرى، هي كلمة فصل على ارض الواقع تمهل وتهمل، وتستبيح ايضا”.
وتابع: “الفوضى استمرت الى ان كانت وزيرة للداخلية، جديدة، فوعدت. وكان وزير للبيئة، جديد، قال، فأجيب “ببرافو”، وكان للقوات 15 نائبا و4 وزراء، واستمرار تأكيد نظافة كف وثبات ايمان بالشعب والوطن، فثقة شعبية متنامية، ثم كان للحزب مكتب متخصص للبيئة، فقرار بأن يسعى كالعادة إلى العلم، الى حيث ينتمي. مكتب البيئة هو نتاج عملية تنظيم وتحديث الحزب، الدائم الحركة. وكما عرف عن نفسه على صفحات التواصل الاجتماعي، هو وحدة فنية تهدف الى رفع التعاطي بالسياسة البيئية الى مستويات علمية وتقنية بهدف خدمة المجتمع اللبناني، يجمع ويستقطب نخبة اختصاصيي الحزب في قطاعات البيئة كافة من ماء وهواء وتربة وغيرها”.
وأردف: “تناول المكتب الى الآن مواضيع ساخنة عدة وأثبت حضورا. كما وضع استراتيجية علمية وخطة تنفيذية يسعى الى تطبيقها، وتوسع ويتوسع. ومن نتاج المكتب، ندوتنا اليوم عن قطاع المقالع والمرامل والكسارات، ومبدأها أن “تنظيم الكسارة مش خسارة”، وفي المبدأ إن أي تنظيم ليس خسارة، ولا يجب أن يصبح خسارة، فالمقالع والمرامل والكسارات قطاع اقتصادي متكامل، وإن العديد من الشركاء معنيون به”.
وقال: “إن وزارة البيئة وسلامة المياه والهواء والتربة، وزارة الصحة العامة وصحة سكان الجوار، وزارة المالية ومصلحة الخزينة، مستثمري المقلع وعمالهم، وسائل النقل وسائقي الشاحنات، متعهدي البناء، المهندسين، عمال البناء، مصانع الترابة، الأحزاب والفاعليات السياسية، واللائحة تطول، ونحن كحزب نؤمن بأن مكان المجرم هو السجن، فمن من هؤلاء مجرم فليحاكم ويقبع في السجون. ومن أخطأ ويخطئ منهم فليعاقب، ومن استغل ويستغل فليوقف، ومن استباح ويستبيح فليرجم بأكثر من حجر، فليرجم بمقلع وبجبل”.
أضاف: “من يقوم بعمل تبيحه القوانين فليصوب عمله، ولتوضع له القواعد، وليراقب. كما نؤمن بدولة القانون، فلتكن القوانين الحكم بين الصالح والطالح، بين الجيد والعاطل، ولتكن استراتيجيات تنتج عن بحث عميق وجهد وتفكير وتحليل. فاما مقالع او بدائل لها، واما مرامل او استجلاب الرمل عبر الحدود، واما صناعة الترابة او استيرادها، واما شاحنات تنقل البحص والصخر والرمل او قطار يجرها من بعيد. فاذا كانت مقالع ومرامل وصناعة ونقل، فلنتفق على مبادىء ارشادية لها، وقواعد عمل، ولنتعهد بحسن التنفذ”.
وتابع: “في دولة القانون لا تعلق التشريعات ولا تميع النصوص لتضع الناس تحت رحمة موظف ودركي وسياسي. في دولة القانون ترسم السياسات بشفافية، يتشارك في وضعها كل المعنيين وتنشر بشفافية وتطبق بمسؤولية وتحمى من الفساد والمفسدين. هذا هدف ندوتنا، ان نستعرض الواقع فنتعظ، وان نبحث عن الحلول فنجد ما يرضي الطبيعة والصحة والاقتصاد والتنمية واستدامتها”.
وأردف: “ولنتعلم من تجارب الدول الأخرى، استشرنا خبيرا من خبراء استثمار المقالع في فرنسا، واستعنا بأحد أهم اختصاصيي تطبيق القواعد البيئية في ادارة القطاع من اليونان. ولننهل من مواردنا، طلبنا مشاركة احد كبار اساتذة الامتثال البيئي وتقييم الأثر البيئي، واستعنا بخبرة علماء وطنيين لهم الباع الطويل في اعادة تأهيل أرض المقالع. كما احتكمنا لكبير من كبارنا في ما يقتضي أن تكون عليه مزاوجة التنظيم المدني والمخطط التوجيهي للمقالع والكسارات، ليحترم ويترسخ ويدوم”.
وختم: “لنضافر جهودنا، دعونا جميع الأفرقاء ليستمعوا ويناقشوا ويشاركوا ويستكملوا ويتابعوا ونتابع معهم، علنا نصل معا بدعم من رئيس الحزب الى ما نسعى اليه جميعا”.
جلسة نقاش
وعقدت جلسة نقاش أدارها عميد المعهد العالي للهندسة في جامعة القديس يوسف الدكتور فادي جعارة، تضمنت مداخلات عدة أولاها كانت للدكتورة ماريا مينيغاكي في جامعة NTUA بمعهد المناجم والتعدين في اليونان تطرقت خلالها إلى الإستثمار المستدام بيئيا للمقالع والمرامل.
كما كانت مداخلة للاستاذ المحاضر ورئيس قسم في فرع الهندسة المدنية والبيئية في الجامعة الأميركية ببيروت الدكتور معتصم الفاضل، قيم خلالها الأثر البيئي للمقالع وتطبيق خطة الإدارة البيئية السليمة.
وتحدث رئيس نقابة مستثمري المقالع في فرنسا الدكتور فابريس فريبورغ عن “التجربة الفرنسية في الاستثمار الرشيد للمقالع”.
وتطرقت الباحثة المشاركة لدى المجلس الوطني للبحوث العلمية والأخصائية في إعادة تأهيل النظم الإيكولوجية الدكتورة كارلا خاطر والأخصائي البيئي والباحث في علم الإدراك البيئي الدكتور جوني فنينانس إلى “مبادرة إعادة تأهيل المقالع في لبنان من الناحية العلمية”.
ثم تحدث المدير العام السابق للتنظيم المدني المهندس محمد فواز عن “دمج المخطط التوجيهي للمقالع والمرامل في التصاميم والأنظمة التوجيهية والتفصيلية للمناطق”.
التوصيات
وفي ختام المؤتمر، تلا فريد كرم التوصيات، والتي أتت على الشكل الآتي:
” 1- وضع استراتيجية للقطاع تبين الحاجة إلى الصخر والبحص والرمل والحجر التزييني ومواد ناعة الترابة وتبين ما يتوافر منه في التكونات اللبنانية. كما تقارن الاستراتيجية بين الاضرار البيئية والصحية المرتبطة باستثمار المقالع وبين الكلفة الاقتصادية للاستيراد واثره على الميزان التجاري وتسعى إلى التوفيق بين المحافظة على الموارد الطبيعية من جهة، وعلى الازدهار الاقتصادي من جهة اخرى، وتخلص الى وضع اولويات بين الاستثمار والاستيراد وتحدد التوجه الرسمي.
2- وضع سياسة لتطبيق الاستراتيجية والاولويات المختارة واستعراض الوضع القانوني والاداري وتبيان الحاجة الى سن او تعديل التشريعات المناسبة.
3- اجراء مسح جديد للمقالع والكسارات والمرامل، تحليل اضرارها، تبيان وضعها القانوني والفني وتبيان سبل تأهيل المتوقف منها.
4- اجراء دراسة تقييم بيئية استراتيجية للقطاع.
5- وضع قانون جديد يأخذ في الاعتبار فك الارتباط بين المقالع والمحلات المصنفة ويوسع المجلس الوطني للمقالع ويعطيه صلاحيات واسعة فيمنع الاستثناءات ويضع عقوبات وغرامات على المخالفات، وذلك وفقا لمقتضيات الاستراتيجية التي تكون قد اقرت.
6- وضع عمل المقالع والكسارات تحت رقابة نقابتي المهندسين وفرض وجود مهندس مقيم يكون مسؤولا امام النقابة والادارة عن حسن سير العمل وحسن تطبيق الشروط كافة، وعلى رأسها البيئية منها.
7- وقف الاستثناءات المعطاة بالمرسوم وعدم وضع اي نوع من انواع الاستثناءات بالقانون.
8- وضع آلية لجباية الرسوم والضرائب والرسوم الحقيقية التي يفترض ان يدفعها المستثمرون وافرقاء الانتاج.
9- ضم جميع المعنيين الى المجلس الوطني للمقالع من ادارات عامة ووزارات معنية الى نقابات المستثمرين والصناعيين والاكاديميين والقطاع الاهلي.
10- انشاء صندوق خاص يتم تمويله من ضريبة تفرض على المقالع لتأهيل المقالع القديمة المتروكة وتشرف عليه الإدارة المسؤولة عن الترخيص باستثمار المقالع والكسارات وتصرف اعتماداته للدراسات وتنفيذ اشغال التأهيل للمقالع المتروكة وعند تلكؤ المستثمر بعد انتهاء استثماره.
11- وضع مخطط توجيهي حديث يحدد الاماكن المسموح فيها اقامة مقالع وكسارات او يحدد الشروط التي يجعل عدم توافرها في موقع ما غير مسموح فيه استثمار المقالع والمرامل، وذلك وفقا لمقتضيات الاستراتيجية التي تكون قد اقرت. ووضع تصميمات توجيهية للمخطط التوجيهي وادغامها بالتصاميم والانظمة التوجيهية والتفصيلية للمناطق.
12- وضع مذكرة ارشادية وفق احسن وسائل الاستثمار وتحديث الشروط البيئية لاستثمار كل نوع من الانواع.
13 – توقيف المقالع التي تعمل من دون ترخيص او بترخيص منتهية مدته وفرض غرامات على اي استثمار سابق غير مرخص به او اي استثمار خارج مقتضيات الترخيص، على ان تعود الاموال الى الصندوق الخاص.
14- وقف كل التراخيص البديلة، التي تشكل التفافا على القانون مثل “الغربال” و”نقل الستوك” و”استصلاح الأراضي”، والتي تعني كلها الترخيص بطريقة ملتوية لعمل مقالع وكسارات ومرامل.
15- في حال اقرار الاستيراد بالاستراتيجية، اتخاذ الاجراءات الجمركية اللازمة ووضع آلية للاستقبال وتأهيل المرافىء وايجاد امكنة مخصصة لاستقبال كل نوع من انواع منتجات المقالع ووضع آلية للترخيص بمرافىء خاصة متخصصة بمنتجات المقالع.
16- الزام التراخيص الجديدة او توسعة الاستثمار بإجراء دراسة تقييم اثر بيئي توافق عليها وزارة البيئة وتشمل دراسة البدائل. والزام المقالع المرخصة باجراء تقييم بيئي واتباع المذكرات الارشادية والشروط البيئة بحذافيرها.
17- فرض تركيب آلات قياس ومراقبة للتلوث بكل أنواعها في الاماكن التي تفترضها دراسة الاثر البيئي او التقييم البيئي.
18- انشاء لجنة رصد للاضرار والامراض بالتنسيق مع نقابات المستشفيات والاطباء”.