تزامناً مع استمرار الحكومة في مناقشة مشروع موازنة 2019، تتواصل خلال هذا الاسبوع ايضاً التحركات والاضرابات التي تنفّذها مختلف القطاعات العامة رفضاً للمس بمكتسباتها، وقد أضيف الى هذه التحركات العمالية إعلان موظفي مصرف لبنان الاضراب المفتوح استنكاراً للهجمة التي يتعرضون لها.
أعلنت نقابة موظفي مصرف لبنان «الاضراب المفتوح استنكاراً للهجمة الشرسة غير المبرّرة التي يتعرض لها المصرف وموظفيه ورفضاً للمحاولات التي تهدف الى وضع اليد عليه، الأمر المخالف لكل القوانين والاعراف الدولية».
وجاء في بيان النقابة: «إستكمالاً للخطوات التي تتابعها نقابة موظفي مصرف لبنان، وبعد تقييم الوضع وانتهاء اليومين من الاضراب والإقفال التام من قبل موظفي المصرف، ونظراً لعدم وجود أي تجاوب من قبل السلطات المعنية واستمرارها بالاصرار على تضمين مشروع الموازنة البنود التي تتعلق بضرب حقوق الموظفين ووضع اليد على مصرف لبنان الذي يتمتع كسلطة نقدية باستقلالية إدارية ومالية كما نَصّ عليه قانون النقد والتسليف، وكما هو معتمد ومتعارف عليه في الدول المتقدمة.
وبناء عليه، عقدت نقابة موظفي مصرف لبنان جمعية عمومية طارئة في مركز النقابة في المبنى الرئيسي في بيروت، حضرها كافة موظفي المركز والفروع، واتخذت قراراً بالاجماع بإعلان الاضراب المفتوح استنكاراً للهجمة الشرسة غير المبررة التي يتعرّض لها المصرف وموظفوه ورفضاً للمحاولات التي تهدف الى وضع اليد عليه، الأمر المخالف لكل القوانين والاعراف الدولية»، وحمّلت السلطات المعنية «مسؤولية الشلل الذي سيُصيب حركة العمل في البلاد»، واكدت «انها على تنسيق تام مع الاتحاد العمالي العام وكل النقابات وممثلي موظفي الادارات المتضررة من الاجراءات المنوي تنفيذها التي تحرمهم من حقوقهم».
وفي دردشة مع الصحافيين، أعلن رئيس نقابة موظفي مصرف لبنان عباس عواضة «الاتّجاه للتصعيد الى أقصى الحدود وموقفنا موحّد ومصرف لبنان لن يمسّ، وعلى القوى السياسية تحمّل مسؤولية القرارات الجائرة التي اتخذتها».
وأشار الى «انّ الدولة بَنت مؤسساتها على ظهر مصرف لبنان»، موضحاً «اننا منذ اكثر من 10 سنوات كنّا نملك سلفة على التعويض وألغيت، ونحن سبّاقون في مجال التقشف».
ولفت الى «اننا نأخذ «زودة» 8% على الرواتب خلال سنوات الخدمة إلّا أنها قُلّصت حتى الـ3% كنوع من التقشف»، معتبراً «انّ من يريد إنشاء مؤسسة لبنانية ناجحة عليه ان يُسلّمها لمصرف لبنان، وأكبر مثال على ذلك Middle east التي أعاد المصرف وضع هيكلية جعلتها في المرتبة الاولى».
وأكد «اننا على تنسيق كامل مع الاتحاد العمالي العام كي يشمل الاضراب لبنان بالكامل، فنحن جزء من هذه التركيبة»، موضحاً «انّ حاكم مصرف لبنان ليس مع الاضراب، إلّا أنه قال لنا انّ القانون يعطينا الحق في التوقف عن العمل للحصول على مطلبنا».
وجزم: «لسنا مستعدين لقبول مبدأ تخفيض الرواتب حتى لو طالت هذه الخطة كل البلد»، موضحاً «انّ موازنة مصرف لبنان مستقلة ولا تؤثر على الدولة أو على موازنتها»، ومشدداً على انّ «مصرف لبنان هو المكان الوحيد الذي لا يوجد فيه هدر وفساد». مؤكداً «انّ الهجمة على مصرف لبنان مُبرمجة لهدمه وتخريبه».
لكن في المقابل، أعلن رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان جورج الحاج أنّ «غداً، أي اليوم الاثنين، هو يوم عمل عادي في المصارف، وسيعقد الاتحاد اجتماعاً الأربعاء للإعلان عن الخطوات التضامنية مع موظفي مصرف لبنان».
المؤسسات والمصالح المستقلة
بدوره، أعلن اتحاد النقابات العمالية للمؤسسات العامة والمصالح المستقلة، استمرار الاضراب والاقفال التام وعدم الحضور الى مراكز العمل لحين إلغاء المادتين 54 و61 من مشروع قانون موازنة العام 2019 وكل ما يشكّل خطراً على حقوق العامل ومكتسباته. ثانياً، إبقاء اجتماعات الاتحاد مفتوحة لمواكبة التطورات».
أوجيرو
كذلك، أعلنت النقابة العامة لموظفي وعمال المواصلات السلكية واللاسلكية الدولية في لبنان «أوجيرو»، في بيان، «الاستمرار بالإضراب والتوقف عن العمل وعدم الحضور والبصم لحين إلغاء كل ما يمسّ بحقوقنا ومكتسباتنا ورواتبنا»، وذلك «التزاماً منها بالموقف الموحد مع باقي النقابات في اتحاد النقابات العمالية للمؤسسات العامة والمصالح المستقلة، والذي تمّ اتخاذه في الاجتماع الذي عقد اليوم في مقر الاتحاد العمالي العام».
الضمان
كذلك، أعلنت نقابة مستخدمي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في بيان، «الاستمرار بالإضراب، ودعوة المستخدمين الى الاعتصام والتظاهر عند العاشرة صباح الاثنين، أمام المركز الرئيسي للصندوق في المزرعة، وطى المصيطبة، وذلك بعد أن أعارتنا الحكومة الأذن الصمّاء، من دون مراعاة لخصوصية الضمان الاجتماعي، وبحيث أنّ مستخدمي الضمان يبذلون الغالي والنفيس في سبيل حماية اجتماعية لائقة للبنانيين، وإزاء الاعتداء المباشر على رواتبنا وحقوقنا المكتسبة».
العسكريون المتقاعدون
في هذه الاثناء، عقد العسكريون المتقاعدون اجتماعاً في قاعة المطالعة والتنشيط الثقافي في مبنى عصام فارس البلدي في حلبا، في حضور كافة الاسلاك العسكرية من أهالي حلبا، وتم التشاور في المحسومات التي ستطال المتقاعدين بمشروع الموازنة الـ 2019.
وطُلب من المتقاعدين الاستعداد للمشاركة في الاعتصامات التي ستحدد لاحقاً للمطالبة بحقوقهم، وأبدى الجميع استعدادهم لذلك.
غرفة الملاحة
في مقابل هذه التحركات، بدأت تطلق صرخة القطاعات المتضررة من هذه الاضرابات والاقفالات. وفي هذا السياق، أعربت الغرفة الدولية للملاحة في بيروت عن استغرابها «من عدم تحرك أي من المسؤولين لمعالجة الاضراب المستمر في مرفأ بيروت منذ 3 أيام، من قبل نقابة موظفي المرفأ وعماله، والذي أدى الى إلحاق أذى بالاقتصاد الوطني من جهة، ومرفأ بيروت والعاملين فيه من جهة أخرى».
وأوضح رئيس الغرفة ايلي زخور أنّ «استمرار هذا الاضراب سيجبر خطوط الملاحة العالمية على تغيير مسار إبحار بواخرها وتفريغ الحمولات برسم مرفأ بيروت في مرافئ البلدان المجاورة، وبالتالي تحميل التجّار والمستوردين أعباء إضافية كبيرة، لإعادة تحميل هذه الحمولات وشحنها مجدداً الى مرفأ بيروت».
وناشَد المسؤولين «التدخل سريعاً لإيجاد حل لهذا الاضراب، الذي في حال استمراره ستكون تداعياته كبيرة على القطاعات الاقتصادية والمالية والمعيشية كافة في البلاد، خصوصاً أنّ مرفأ بيروت يعتبر المرفق البحري الخدماتي الأهم، حيث أنّ أكثر من 70 بالمئة من تجارة لبنان مع العالم الخارجي تتمّ عبره».
الجمهورية