بينما تتجه كل الأنظار والاهتمامات نحو ما ستقدم عليه الحكومة اللبنانية، عبر وزارة المالية، ومن ثم مجلس النواب، من خطوات وإجراءات في موازنة العام 2019، التي وصفها رئيس الحكومة سعد الحريري بأنها الموازنة الأكثر تقشفاً بتاريخ لبنان، جاءت مبادرة كتلة “التنمية والتحرير” البرلمانية، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بفتح ملف قانون الانتخابات النيابية، عبر إعلانها عن تبني اقتراح قانون جديد للانتخابات، كانت شكلت لجنة خاصة لإعداده. وخصصت له اجتماعاً منذ يومين، لتطرح الكثير من الأسئلة، ليس أولها توقيت الطرح، ولا آخرها مضمون هذا الاقتراح، ووضعه على مشرحة النقاش السياسي في البلد؟
وللتذكير فإن أمين العام الكتلة النائب أنور الخليل كان أعلن بعد الإجتماع عن موافقة الكتلة بالإجماع على الاقتراح، بعد إدخال التعديلات اللازمة عليه، على أن تبدأ جولة مشاورات واسعة مع الكتل النيابية، لتقديمه بعد ذلك إلى المجلس النيابي.
لا للصوت التفضيلي
يفضل عدد من أعضاء كتلة “التنمية والتحرير”، وخصوصاً أعضاء اللجنة التي أعدت الإقتراح (النائبان أنور الخليل وإبراهيم عازار)، عدم الحديث عنه قبل وضع اللمسات الأخيرة عليه، و”بعض الرتوش”، بعد النقاش الذي خضع له في اجتماع الكتلة الأخير. إلا أن الرئيس بري أكد أمام زواره ولسائليه أن لا أسباب موجبة للتوقيت، سوى أن النقاش في هذا الملف يجب أن يبدأ باكراً، “حتى لا ننحشر بالوقت كما كان يحصل في السابق، سيما وأن القانون الحالي، ورغم أنه أدخل النسبية للمرة الأولى إلى الانتخابات النيابية في لبنان، لكنه للأسف أدخلها بصورة سلبية، أفرغتها من مضمونها عبر الصوت التفضيلي، الذي عزز فرز الناس مذهبياً، وخفف من نسبة الإقبال على الاقتراع، بدل أن يرفعها. وهذا أول درس أنا تعلّمته شخصياً، وإن شاء الله يتعلّم غيري من هذا الدرس”.
وإذ بدا واضحاً أن بري ضد الصوت التفضيلي، فإن مصادر الكتلة قالت لـ”المدن” إن العناوين الأساسية للاقتراح تتمحور حول إعتماد لبنان دائرة واحدة، مع النسبية، وتحديد كوتا نسائية بنسبة 15 بالمئة أي 20 مقعداً. وإعتماد البطاقة الانتخابية الحديثة. والاقتراع في مكان الإقامة، على أن تبقى عملية الإشراف على الانتخابات من مسؤولية هيئة الإشراف وليس الوزارات.
اللوائح المقفلة
وفي وقت أشارت مصادر الكتلة إلى أن الاقتراح احترم العناوين الأساسية، التي جاءت في برنامج الكتلة الإنتخابي في الدورة الأخيرة، أوضح عضو الكتلة، النائب الدكتور قاسم هاشم لـ”المدن” أن أهم ما يتضمنه الاقتراح، الذي سيخضع للنقاش مع بقية القوى السياسية والكتل النيابية، هو اعتماد لبنان دائرة واحدة: 128 نائباً، مع ستة نواب للإغتراب موزعين على القارات. ولا وجود للصوت التفضيلي. وستكون اللوائح مقفلة، مع مراعاة التوزيع الطائفي والمذهبي الموجود حالياً في المجلس، والذي سيجري الترشيح على أساسه.
ولفت هاشم إلى أن الحد الأدنى، ليقبل تسجيل اللائحة، هو 20 بالمئة من عدد أعضاء المجلس النيابي، أي 26 مرشحاً على مستوى لبنان كدائرة واحدة. وهناك تفاصيل أخرى تناقش لاحقاً.
ويختم هاشم أن في احتساب النتائج ستعتمد طبعاً النسبة التي نالتها كل لائحة، ويتم أخذها أو اختيار الفائزين وفقاً للترتيب الذي تضعه اللائحة نفسها وهكذا.. في النهاية، هذا اقتراح للنقاش. ويجب برأينا أن يبدأ الآن، نظراً لأهمية هذا القانون، ولتفادي تكرار التجارب السابقة التي تضع الجميع تحت ضغط الوقت.
في الخلاصة، ستبقى الأسئلة مفتوحة حول هذا الاقتراح ومضامينه، وتوقيت طرحه، بانتظار أن يتبلور بصيغته النهائية، ويوضع على طاولة النقاش الجدي من قبل المجلس النيابي، بعد تحويله إلى اقتراح قانون يُسجل رسمياً في قلم مجلس النواب، ويُحال إلى اللجان المختصة لبحثه. إلى حينه، السؤال الواضح هو: هل فتح قانون الانتخابات المعركة بين بري والقوى التي واجهته في الانتخابات الماضية، وتشاركه اليوم في المجلس والحكومة؟ ونعني تحديداً منها “التيار الوطني الحر”، ورئيسه الوزير جبران باسيل؟
(المدن)