لم يحجب طغيانُ العنوان المالي – الاقتصادي على المَشهد اللبناني التحدياتِ الكبيرة التي تطرحها وقائع إقليمية لا يمكن عزْل الوضع الداخلي عنها في ضوء ما يمكن أن يترتّب عليها من تداعياتٍ بحال لم يُحْسن لبنان الرسمي «السير بين نقاطها» أو إذا وَجد نفسه في مرْماها المباشر بفعل أي خطوةٍ متقدّمة من «حزب الله» أو ضدّه في سياقِ مرحلة «المعركة بلا قفازات» بين واشنطن وطهران والتي يشكّل الحزب أحد الأهداف الرئيسية فيها.
وبيما كان لبنان يمضي في ضخّ «جرعةِ طمْأنةٍ» مضادّة على المستوى المالي من باب تأكيد أن «لا مؤشرات لأي إفلاس» بالتوازي مع سعيٍ لوضع مشروع موازنة 2019 ابتداءً من اليوم على طاولة النقاش، ولو بالأحرف الأولى (الخطوط العريضة)، في مجلس الوزراء، كما على المستوى الأمني عبر تشديد وزير الدفاع الياس بو صعب من جنوب لبنان أن «لا مؤشرات لحرب اسرائيلية هذا الصيف»، فإنّ الأسئلة «لم تهدأ» في الكواليس السياسية عن التشظيات المحتملة للتدافع الخشن على خط واشنطن – طهران.
وفي هذا السياق، حذّرتْ أوساط سياسية عبر «الراي» من تداعياتِ زرْع أي «أفخاخ» سياسية أمام الموازنة وضمان الحدّ الأقصى من التقشف الذي لا مفرّ منه بما يقي البلاد خطَر الانهيار، ولا سيما في ظلِّ مؤشرات غير مريحة في الأسواق جرى معها تداوُل الدولار بسعْر غير رسمي ناهز 1530 ليرة لبنانية (بينما بقيت المصارف تبيع زبائنها الدولار بسعر 1516 ليرة) ما يعكس ارتفاع الطلب على العملة الخضراء الأمر الذي قد يفتح البلاد والأسواق المالية أمام مخاطر رياح شائعاتٍ يمكن أن تستدرج حالات هلع.
ولم تتوانَ هذه الأوساط عن اعتبار أن ثمة تحديات لا يُستهان بها أمام مسار وقْف الانحدار في المالية العامة الذي صار حصولُه أمراً ملحّاً لتفادي «الأسوأ» والاستفادة من «الترياق» الذي يشكّله مؤتمر «سيدر» لإطلاق مسيرة النهوض، متسائلة عن كيفية «تعطيل مفاعيل» المخاطر الاقليمية التي يرتبط لبنان بها عبر «حزب الله» وتالياً تلافي جعْل «سلّة التقشّف الأقسى» أشبه بـ «قجّة مثقوبة» يمكن أن تتبدّد معها النتائج المتوخّاة من «الجراحات» المالية.
وفي هذا الإطار، تلقّفت الاوساط التقارير عن اتجاه أميركي لإدخال تعديلات جديدة على قانون العقوبات على «حزب الله» بما يمهّد لتوسيع رقعتها لتشمل حلفاء له من سياسيين لبنانيين، وعن أن ديفيد شينكر سيتولى منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بالوكالة بعد أن ينتقل ديفيد ساترفيلد الى منصب السفير في أنقرة، معتبرة أن هذا سيشكّل مؤشراً إضافياً الى المنحى المتشدد الذي تمضي به واشنطن حيال الحزب من ضمن قرار تجفيف منابع تمويله و«إفلاسه»، الأمر الذي سيزيد من التحديات أمام لبنان الرسمي.
وفي السياق نفسه كان لافتاً ما تضمّنه «التسريب رقم 2» لمضمون لقاءات ساترفيلد مع الوفد اللبناني (وتحديداً لقاء ضمّه الى النائبين إبراهيم كنعان وياسين جابر ومستشار رئيس مجلس النواب علي حمدان) الذي زار أميركا قبل نحو أسبوعين عبر إحدى الصحف اللبنانية والذي حمَل تأكيداً أميركياً «ان لدينا قلقاً جدياً من التزام حزب الله مع إيران والحرس الثوري، ولا سيما لناحية تطوير صواريخ دقيقة، ما يجعل لبنان في مهبّ رياح قاسم سليماني المهددة»، معتبراً «ان حزب الله لا يلتزم بصفته ممثلاً في الحكومة سياسةَ النأي بالنفس، ومثل هذه المواقف تجعل الحكومة اللبنانية في معرض خسارة الدعم الموعود من المجتمع الدولي».
وأكد «ان ليس لدى واشنطن إشكالية في مشاركة حزب الله في الحياة السياسية، إنما في ما يفعله بالتعاون مع إيران من خطوات غير مشروعة».
وفي السياق، فرضت واشنطن، عقوبات على أفراد وكيانات ضمن برنامج يستهدف «حزب الله».
وأفاد إشعار على موقع وزارة الخزانة، بأن العقوبات استهدفت شخصين أحدهما بلجيكي والآخر لبناني، بالإضافة إلى ثلاثة كيانات منها اثنان في بلجيكا والثالث في بريطانيا.
إلى ذلك، لم تمرّ جولة وزير الدفاع في الجنوب وصولاً الى الخط الأزرق من دون صخب سياسي أحْدَثَه كلامه عن أنه «طالما هناك أطماع اسرائيلية بأرضنا ومياهنا لا يمكن الحديث عن استراتيجية دفاعية وعن الجيش قوة وحيدة مسلحة»، وقوله رداً على سؤال عن سلاح «حزب الله» ان «لا أحد يطمح للقيام بمهمة نيابة عن الجيش وهو ما أقرّ به الامين العام للحزب السيد نصرالله، وهذا يحتاج إستراتيجية دفاعية تبحث حين تذهب الأخطار الإسرائيلية».
وصدرت مواقف من خصوم للحزب اعتبرتْ موقفه بمثابة تعبير تقليل من دور الجيش .
الراي