احتفل رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر بأحد الشعانين وزياحه، في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت، عاونه المونسنيور إغناطيوس الأسمر والأبوان داود أبو الحسن ونيكولا مقصود والشماس جورج عازار، بمشاركة لفيف من تلامذة المدرسة الإكليريكية. كما شارك في القداس رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن وأعضاء الهيئة التنفيذية للمجلس وآلاف المصلين مع أطفالهم حاملين الشموع وأغصان الزيتون.
وألقى مطر عظة تحدث فيها عن فرحة العيد وفرح الأطفال وأهلهم، وقال: “نحن وإياكم في هذا العيد المبارك، نقيم ذكرى دخول يسوع إلى أورشليم، معلنا نفسه ملكا على الشعب الذي خرج إلى لقائه بالآلاف يتقدمهم الأطفال يباركهم الرب يسوع، ينظر إليهم نظرة حب وحنان لأنه أتى إلى هذه الدنيا ليكون فيها السلام ويكون فيها الفرح. أتمنى من صميم القلب أن تعيشوا كلكم بسلام وأن نستعيد الفرح في حياتنا لنا ولأطفالنا الأحباء”.
أضاف: “يسوع المسيح إبن الله المولود من مريم، أتى إلى العالم حاملا مشروع صلح وسلام للعالم كله ولكل الشعوب، على أساس أنهم مجبولون من طينة واحدة وإنهم إخوة بالإنسانية من دون تفرقة وتمييز. والرب يسوع يريد لهم أن يتصالحوا بعضهم مع بعض وأن يعودوا إخوة متحابين متضامنين من دون إستثناء. ودفع دمه ثمنا لهذا المشروع المقدس، ليتم في العالم الصلح والسلام. لذلك دخل أورشليم لا كالفاتحين، لا بالدبابات ولا بالطائرات والمدافع. دخل إلى أورشليم راكبا حمارا والناس تهتف له هوشعنا في العلى لإبن داود ملك إسرائيل. في هذا الموقف من يسوع نفهم أنه يريد سلاما للأرض كلها. ونحن باسم المسيح، نصلي وإياكم على نية هذا السلام اليوم، ليعم بلادنا ومنطقتنا والعالم بأسره. نظرتم الى شاشات التلفزة منذ أيام، كيف أن المتقاتلين في جنوب السودان وهم جماعة مسيحية، قد وصلوا إلى استقلال بلادهم وبعد ذلك بدأوا يقتلون بعضهم بعضا. قداسة البابا دعاهم ليأتوا إلى الفاتيكان وهو ابن 83 سنة ركع وقبل أرجلهم لكي يتوقف الحقد والقتال بينهم باسم المسيح. كم هو مؤثر هذا المشهد. وقال لهم: أنتم من أجل الشعب للصلح والسلام”.
وتابع: “بالروح عينه ننظر إلى منطقتنا، إلى كل شعوب هذه المنطقة. وهذه الشعوب ليست بعيدة بعضها عن بعض، هم إخوة بالدين وإخوة بالإنسانية والقومية، يتقاتلون بلا هوادة. المسيح دعاهم، لوقف القتال والحقد بينهم وليتصالحوا وعلى كل إنسان أن يعيش بحقه وكرامته وكلنا إخوة. هذه هي أمثولة يسوع المسيح في أحد الشعانين. وهي وقف الحروب. أنظروا إلى يسوع الآتي راكبا جحشا وحمارا ابن آتان، ليقول للعالم لا غلبة إلا غلبة المحبة والصلح والسلام. القوة المادية، يا إخوتي، تجعل بعض الناس أقوياء اليوم وضعفاء غدا، وبالعكس. لا يوقف القتال والقتل والجرائم إلا المحبة والسلام بيسوع المسيح الآتي من السماء. لذلك نصلي من صميم القلب على نية هذا السلام. القديس بولس يقول لنا نحن المسيحيين، تصالحوا مع الله أولا. في كل هذا الصوم تبنا عن خطايانا واعترفنا ونعترف بها ونال الحلة، لنتصالح مع الله ونعود إلى ضميرنا وإن تصالحنا مع الله نتصالح بعضنا مع بعض لأننا جميعا إخوة. هكذا نربي أولادنا على السلام”.
وقال: “قداسنا اليوم، يا إخوتي، نقدمه على نية وطننا العزيز لبنان، ليعم فيه التفاهم والتآلف والتعاون بين الجميع، إنقاذا لهذا الوطن الغالي، وطن الرسالة. الشعب يحتاج إلى سلام، إلى بناء، إلى راحة بال. المسؤولون يجب عليهم أن يتعاونوا من أجل شعبهم. حرام الا يتحقق ذلك. كما نصلي على نية منطقة الشرق الأوسط، لنجد طريقا فيها إلى السلام والتلاقي والمصالحة، وعلى نية العالم كله نصلي. يسوع المسيح يدعونا في هذا اليوم المبارك، أن عودوا إلى ربكم، وها أنتم عائدون إلى الكنيسة كلكم. أطفالكم رمز المستقبل ونصلي على نيتهم ليكون مستقبلهم سلميا سلاميا مزدهرا فيه الحب والخير. هكذا تقدمون أولادكم للمسيح اليوم، ليباركهم ويبارك بلدنا ومدينتنا بيروت عاصمة لبنان ويبارك كل بلدات لبنان، لنعرف ونذوق من جديد طعم السلام”.
وختم مطر: “فليكن هذا العيد مباركا عليكم جميعا وعلى أطفالكم وعائلاتكم. طبعا سندخل في أسبوع الآلام فنتأمل بآلام ربنا من أجل خلاص العالم، ثم نعيش فرح القيامة، إلى حياة جديدة وإلى إنسانية أفضل. مع المسيح ندخل في تأمل حول آلامه ونقدم آلامنا مشركة بآلامه على أمل القيامة لنا جميعا وإلى حياة فضلى جديدة. هكذا نعيدكم، يا إخوتي، ونبارك أطفالكم وليكن هذا العيد عيدا مباركا عليكم جميعا. مبارك الآتي باسم الرب إلى قلوبنا ومدننا له المجد إلى الأبد”.