جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / وزير المال: وضعنا المالي صعب ودقيق انما لسنا على أبواب انهيار
08-04-19-4456456465465456

وزير المال: وضعنا المالي صعب ودقيق انما لسنا على أبواب انهيار

أعرب وزير المالية علي حسن خليل عن تفاؤله ب”إقرار سريع للبيان الوزاري بالارتكاز الى النصوص السياسية الواردة في بيان الحكومة السابقة، مع اضافة الموضوعات الاساسية المتصلة بالشأنين المالي والاقتصادي، لا سيما ما يتعلق بمؤتمر سيدر”.

وقال أمام وفود مهنئة زارته في منزله في الخيام: “نيتنا التعاطي بأعلى درجات الايجابية والانفتاح والتعاون، وملتزمون التضامن الوزاري، فالقاعدة التي تحكم دائما عملنا وتوجهاتنا هي احترام الأصول والقوانين والدستور”.

أضاف: “لن نعطي الفرصة لأحد كي يهدر المناخ الايجابي الذي تحقق بتشكيل الحكومة وانعكاسه على الأسواق المالية تحسنا في قيمة السندات اللبنانية في الخارج، وهو ما كانت كل مؤسسات التصنيف تؤشر اليه كمدخل لمعالجة الخلل القائم”.

وتابع: “علينا أن نعرف أن المسؤول عن التأخير في تشكيل الحكومة وتحت أي اعتبار لانجاز وهمي أو غيره، هو من يتحمل مسؤولية تهديد العهد ماليا واقتصاديا. وسنبقى ملتزمين موقف الدفاع عن مصلحة الدولة والناس، ونطالب بتصحيح الخلل في قطاع الكهرباء ووفق الأصول، وبما يؤدي الى وقف النزف المالي الذي يشكل 30% من العجز السنوي للموازنة”.

وأردف: “موقفنا كان وما زال يرتكز على أن قيامة الدولة هو بالالتزام بالقوانين وعمل المؤسسات واحترام أجهزة الرقابة والتفتيش والمناقصات وديوان المحاسبة وليس القفز فوقها لمصالح خاصة، وهذا ما سنطالب بإدراجه في البيان الوزاري”.

كلام وزير المالية جاء خلال افتتاح مكتب التوظيف والتدريب – مكتب شؤون الطلاب في جامعة سيدة اللويزة المعرض السنوي لفرص العمل بعنوان “ريادة أعمال أم توظيف”، في قاعة عصام فارس – حرم الجامعة – زوق مصبح، بمشاركة أكثر من ستين مؤسسة تجارية، فندقية ومصرفية، وتخلله ندوات، ورش عمل، وحوارات بين أرباب العمل والطلاب الذين يبحثون عن فرص للعمل في لبنان.

نجم
استهل اللقاء بكلمة ترحيبية من مدير مكتب الشؤون العامة والبروتوكول ماجد بو هدير، ثم تحدث رئيس الجامعة الأب بيار نجم الذي قال: “نستقبل وزيرا يحمل حقيبة للمال الذي من خلال ترشيد استعماله يريد ضمانا للاستمرارية والبقاء”.

أضاف: “قد تكون الحقبة التي نعاصر في تاريخ وطننا من أصعب الأوقات وأقساها وأخطرها، والقلق على ثبات اقتصادنا وعملتنا يدعونا لتحصين هيكل وطننا المتصدع، لمحاولة حمايته من أجل مستقبل أبنائه. إن طلابنا اليوم الذين يتسلحون بالعلم والثقافة والمواطنة المستنيرة، والقيم الروحية والإنسانية التي تؤمن بها الـ NDU وتحمل رايتها عالية وبافتخار كبير خاصة بعد نيلها مؤخرا الإعتماد المؤسسي من أعرق المؤسسات العالمية -نيتشه- وهذا الإعتماد الإنجاز شكل لهم جواز سفر للانصهار في أعرق الجامعات العالمية التي انضمت جامعتنا إلى ناديها. هؤلاء الطلاب السفراء لها ولوطنهم يخشون كل الخشية ألا تكون فرص عملهم بانتظارهم، مع أننا اليوم ولمناسبة إقامة المعرض السنوي لفرص العمل نتطلع مع الشركات والمؤسسات المشاركة الذي أحيي وأشكر أن ننجح سويا بمد الجسور المتينة لطلابنا الذين نفتخر بهم أشد الإفتخار، واثقين بقدراتهم الكبيرة”.

خليل
بدوره، قال خليل: “يشرفني أن أقف للمرة الثانية على منبر سيدة اللويزة بعد مرور 15 أو 16 عاما على المرة الأولى، حيث كان لي الشرف أن أتحدث أمام الطلاب وزيرا للزراعة، أتناول هموم قطاع غاب عن سياسة الدولة ورعايتها. واليوم بعد انقضاء هذه السنوات نعود للحديث عن نفس القلق السائد يومها على مستقبل شباب هذا الوطن، على قطاعات الإنتاج فيه، وغياب التوجيه الحقيقي الذي يضعها على مستوى الأولويات في هذا الوطن”.

أضاف: “يشرفني أن أكون في هذه الجامعة العريقة التي تعكس صورة لبنان الذي نريد، لبنان الأكثر من وطن والأكبر من وطن، لبنان الرسالة كما عرفه البابا الراحل بولس الثاني، وهي رسالة يومها كان لها الأثر الكبير في منطقة وعالم يغلي بالتناقضات ويغلي بالتحديات. كان يريد أن يضع لبنان في موقعه الطبيعي أنموذجا متقدما في هذا العالم، استطاع ويستطيع أن يلعب دورا مركزيا في حوار الحضارات في تلاقي الثقافات في تلاقحها مع بعضها بعضا، في إنتاج صيغة نموذجية عن قدرة الأديان على العيش الواحد ليس فقط على التعايش في ما بينها، في القدرة على أن نحول اختلافاتنا الدينية إلى غنى يعطي لوطننا إضافة إيجابية في هذا العالم، من خلال القدرة على صياغة موقف وموقع استثنائي على صعيد العالم كل العالم”.

وتابع: “في سيدة اللويزة صورة لبنان هذا، وهي تحتضن بانفتاح ومحبة وسلام في قلب كسروان، قلب لبنان، لأن كسروان هي قلب لبنان، قلب هذا الجبل اللبناني الذي استطاع رغم كل المشكلات التي مرت في هذا الوطن أن يبقى قلبا نابضا بالحياة بالمحبة والتلاقي والقدرة على تنظيم الاختلافات وعلى اجتراح صيغ الحلول للأزمات والمشكلات مهما كانت كبيرة. وفي سيدة اللويزة قبل قليل تلقيت هدية عزيزة من الأب بيار وهي كتاب السيدة مريم عليها السلام. وهو تعبير أشعرني بغبطة كبيرة لأنني أعتبر نفسي من أتباعها الحقيقيين، وهي أم سيدنا المسيح عليه السلام، وهي تختزن كل القيم التي قامت وتقوم عليها سيدة اللويزة وهذه الجامعة المباركة. ولأن روح اللقاء قائم على الحوار وليس على مبدأ الخطاب والتلقي فقط، وحتى لا أضيع فكرة هذا اللقاء بخطاب سياسي أرى أن مكانه في موقع آخر، أن الكثير منكم أنتم الطلاب الذين تتحولون في لحظة ما إلى أساتذة للسياسيين لأن أي سياسي لا يلتقط نبض الشباب وهمومهم وقلقهم وآمالهم وأحلامهم، لا يتعلم ويؤسس موقفه على كل هذا النبض هو سياسي فاشل لا يعرف دوره الحقيقي”.

وأردف: “دور السياسي أن يعرف هم هؤلاء وأن يبني موقفه على أساس معالجة هذا الهم في كل موقع من مواقع فعله، في المجلس النيابي، في الحكومة، في حزبه السياسي، في جمعيته، في أي موقع من مواقع تأثيره. وأنا هنا لكي أستفيد وأتعلم من الطلاب ومن أرباب العمل ما علينا أن نقوم به في المرحلة المقبلة من تاريخ هذا الوطن. مسألتان إثنتان أود الإشارة إليهما قبل بدء الحوار: الأولى أن لا قيامة للبنان إلا إذا استطعنا أن نبقي منطق المواطنية على ما عداه، أن نكون مواطنين حقيقيين في هذا الوطن لا يحد طموحنا عائق مذهبي أو طائفي أو مناطقي”.

وقال: “نحن ملتزمون وما زلنا وسنبقى، ملتزمون بالشراكة الحقيقية بين كل مكونات هذا الوطن، ملتزمون بأن فكرة العدل والحساب الديمقراطي والحساب العددي السكاني هي مسألة لا تخدم لبنان ومستقبله ودوره الكبير الذي نراهن عليه في هذه المنطقة، ونؤمن، كنا وما زلنا وسنبقى، بأن لبنان بصيغته التي يقوم عليها اليوم، صيغة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين يجب أن تبقى ويجب أن نحافظ عليها ليس حماية للمسيحيين أو للمسلمين بل حماية لوطن الرسالة الذي تحدثنا عنه والذي لا قيامة له إلا بوحدة حقيقية تقوم على شراكة حقيقية متكاملة”.

أضاف: “هناك فارق كبير بين أن نحفظ صيغة العلاقة بين الطوائف وبين أن نقتل روح المواطنية فينا على حساب المذهب أو الطائفة. قالها يوما الإمام السيد موسى الصدر إن الطوائف في لبنان هي نعمة، ولكن الطائفية الممارسة الطائفية البغيضة هي النقمة على لبنان الذي نريد. لهذا علينا أن نعمل جميعا أيها الطلاب، أيتها الطالبات، لنبني حس المواطنية المسؤول والراقي، حس الموطنية التي تبني وطنا للمستقبل وأن نعمم هذا الأمر ليصبح هو القاعدة الأساس لعلاقات الناس مع بعضهم بعضا، في فرص العمل، في الأدوار داخل الدولة، في الحياة الاجتماعية، في كل ما يتصل بحياة الناس، في معيشتهم وفي علاقتهم ووجودهم”.

وتابع: “الأمر الآخر خارج هذا الموضوع هو أن علينا أن نثق بوطننا لبنان، بقدرته على الحياة، ألا نيأس، ألا نقع تحت ضغط الظرف مهما كان هذا الظرف قاسيا، وأن نثق دوما أن باستطاعتنا أن نستنبط الحلول ونخرج من الأزمات ونؤسس بحق لواقع أفضل مما نحن فيه. لا تقفوا ولا تتقوقعوا عند عقدة أن فرص العمل هي فرص صعبة، فهذا الأمر صحيح، ولكن علينا أن نعرف بالمقابل أن لبنان كان على الدوام منذ عشرات السنين، يرفد الكثير من الدول بالطاقات البشرية والعلمية. نحن لا نريد هجرة شبابنا، ولكن في الوقت نفسه، لا نريد أن ننكفىء عن أدوار هؤلاء الشباب في صناعة التطور والإبداع على مستوى العالم كل العالم، في عالمنا العربي وعلى مستوى العالم، طالما كان للبناني الذي اغترب لكي يعود إلى وطنه دور مركزي على مستوى الإبداع والعمل في كل المواقع”.

وأردف: “علينا ألا نقلق بل أن نحول قلقنا إلى أمل ونجعل من هذا الأمل نور هداية لنا في حياتنا في أن نبقى مصرين على قيادة عملية التغيير نحو الأفضل على كل المستويات. ثقوا بوطنكم لبنان، وثقوا بأن قراءة موضوعية لتجارب دول المنطقة ولتجارب بعض من دول العالم تجعلكم متيقنين أنكم في وطن يسأهل منا جميعا أن نضحي من أجله وأن نقاوم من أجله وأن نعمل بكل طاقاتنا من أجل قيامته ونهوضه. اليوم أمام هذه التجربة الرائدة التي تقوم بها جامعة سيدة اللويزة يتعزز فينا الأمل ونحن نسلط الضوء على قضية تتصل بفرص العمل وأدوار الشباب وما يجب أن يكون عليه عمل القطاعات المختلفة في هذا المجال. وهذا يحتم علينا أيضا ويدفعنا إلى أن ننخرط جميعا كل من موقعه على مستوى الحكومة والمجلس النيابي والهيئات الاقتصادية وغيرها، كي نكون جزءا من هذا العمل ليس فقط على المستوى النظري بل أيضا على مستوى ما يجب أن يحمل موقفنا من تغيير على أكثر من مستوى ومدى تشريعي وغير تشريعي”.

وختم: “أنا لا أريد أن أخطف جو الحوار الذي نحن بصدده حول التحديات التي نواجه. أكتفي بأن أجدد شكري ومحبتي واعتزازي بأن أكون واحدا من هذه الأسرة، أسرة سيدة اللويزة بكل ما تحمل من قيم ومعان”.

حوار
ثم كان حوار مع الحضور، فقال خليل ردا على سؤال: “آمل أن نكون قد تجاوزنا مقولة اسمع تفرح جرب تحزن، ولكن لست متأكدا، فالتجربة غير مشجعة وعلينا ان نعرف ان الادارة السياسية للملفات كانت خلال عقود عاجزة عن صوغ مشاريع مطمئنة لمستقبل الشباب، في مجالات مختلفة، على المستوى الاقتصادي والمالي والسياسي بالدرجة الأولى، وهذا ما عمم بطريقة أو بأخرى حالة القلق لدى الشباب. ولكن هذا لا يعني أن نبقى سلبيين في مقاربتنا لمشاريع الحلول القائمة، فإذا كانت هناك مشاريع للخروج من الأزمات، من الواجب علينا أن نعمل من أجل دفعها إلى الأمام، وليس الوقوف دائما أن كل الكلام لا يمكن ترجمته. فببعض المواكبة وبدور حقيقي للرأي العام، وليس عشوائيا أو عبثيا، نستطيع أن نحدث فرقا”.

وعن دقة الكلام عن أزمة مالية يعانيها لبنان، قال: “نحن في وضع صعب ودقيق، لكننا لسنا في مرحلة انهيار ولا على ابواب انهيار. نحن نؤمن، بالوقائع وليس فقط بالسياسة والإعلام، بأن من الممكن الخروج من الازمة، ولا تزال لدينا قدرات مالية اقتصادية كبيرة تستطيع ان تخرجنا مما نحن فيه. هناك فرق كبير بين التحسس بعمق المشكلة ورسم حدود لها، وبين العمل على إيجاد حلول لها، وبين الحديث عن انهيار. أقول جديا اننا أمام تحد كبير جدا، ولكن ايضا لدينا إرادة وتوجه لإحداث فرق من خلال مجموعة من الإصلاحات. قد يحلو للبعض اعتبار هذه الإصلاحات تلبية لمؤتمر سيدر أو لتوجهات البنك الدولي وصندوق النقد ومؤسسات التصنيف الدولية، ولكن بالنسبة لي اعتبر هذا الأمر تلبية لحاجة وطنية. نعم نحن بحاجة إلى إصلاح في وضعنا المالي، وهذا الإصلاح يبدأ من إقرار موازنة جديدة جدية، فيها رؤية، تضع الاصبع على مكمن الخلل، وتضع الامر على سكة الحل”.

أضاف: “أنا لا أعد ولا أعتقد أن من المنطقي الحديث عن موازنة انقلابية تنتج الحلول بكبسة زر، ولكن بالتأكيد باستطاعتنا أن نقر موازنة تضعنا على خط الاصلاح المالي الحقيقي، وهذا ما نعمل عليه. على مقلب آخر، لا يمكن النقاش في الوضع المالي بمعزل عن الأوضاع الاقتصادية. اليوم علينا ان نقارب ملفنا الاقتصادي من زوايا مختلفة. علينا أن نجيب عن سؤال اي اقتصاد نريد. حاولت الحكومة من خلال تكليف شركة ماكنزي إعداد دراسة، والبعض يحمل الكثير من التساؤلات حول هذا التقرير أو دور هذه الشركة، بالنسبة لي اعتبر أنها ورقة توضع على الطاولة وعلينا أن نحاول الاستفادة منها. نحن بحاجة إلى مقاربة جديدة لهذا الاقتصاد لنعرف ماذا نريد، ونركز على قطاعات الإنتاج. إذا لم نستطع أن ندفع بهذه القطاعات، كالصناعة والزراعة والعناصر الأخرى التي تكون أي اقتصاد، لنعيد التوازن بالحد الأدنى، لن يستقيم عندنا لا عجز الميزان التجاري ولا عجز ميزان المدفوعات، وبالتالي سنبقى أمام تحد مالي”.
وتابع: “المعادلة دقيقة وتحتاج إلى انتباه كبير. اي إصلاح مالي أو محاولة لمعالجة العجز القائم بموازنتنا تتطلب إجراءات قد تكون صعبة. علينا الحفاظ على الخط الرفيع بين الاستقرار الاجتماعي والإصلاحات المالية. لا نريد الإقدام على أي إصلاح يهدد هذا الاستقرار الاجتماعي الضروري الذي يحمي حياة الناس ومعيشتهم. ولكن علينا أن نعرف أننا إذا لم نقدم على إجراءات جدية، فيمكن بطريقة أو بأخرى أن ندفع هؤلاء الناس إلى الهاوية. هنا المعادلة: إما أن نقدم على إجراءات أو نكون نرمي بكل إمكاناتنا الوطنية نحو مصير مجهول. وقد عملنا في الموازنة على كل التخفيضات الممكنة، حيث يوجد إهدار، أو أموال تذهب في غير مكانها الصحيح أو لغير الأدوار الصحيحة لإنفاق المال العام. لقد استطعنا وضع رزمة تخفيضات لا تطال الاستقرار العام ولكنها بالتأكيد تحدث فرقا على مستوى تخفيض العجز، وهذا أمر أعد به ولا تراجع عنه، وأعتقد أن كل القوى السياسية اليوم تجمع عليه. ولكن علينا ان نكمل مسألة التخفيضات بمجموعة من الإجراءات الحقيقية التي تؤمن ديمومة لهذا التخفيض في الإنفاق، وعلى رأس هذا الأمر مسألة التوظيف”.

وأردف: “هنا أقول بوضوح: المسألة ليست مسألة شرعية التوظيف. ربما نحن بحاجة إلى فتح باب التوظيف في بعض الوزارات، ويجب أن يفتح باب التوظيف، ولكن ما نتحدث عنه هو التوظيف العشوائي وغير المدروس والذي يأتي خدمة لمصالح سياسية وخاصة، بعيدا من تقدير مصلحة الدولة وحاجاتها. في بعض الأحيان وأغلب الأحيان قد نكون بحاجة إلى إجراء عمليات توظيف تغطي مكامن ضعف وخلل، ولكن ما جرى هو تجاوز للقوانين والقيام بعمليات توظيف غير مدروسة. قد يسأل البعض لماذا تدفع وزارة المال إذا كان التوظيف على هذا النحو؟ الجواب أن ثمة خللا في التنظيم الإداري للدولة، يسمح بتهرب لبعض المؤسسات والادارات ويؤدي بالنتيجة إلى حدوث خلل كبير كما حصل خلال العامين المنصرمين وأدى إلى توظيفات أنا مؤمن بأنها عشوائية وغير مدروسة، لا تخدم القطاع العام، وبالتالي ترتب أعباء كبيرة على خزينة الدولة وعلى العجز القائم”.

وقال خليل: “الموازنة والنفقات: كل وزير يحاول اليوم أن يستحصل الأموال لوزارته من زاويته وهذا الأمر لا يمكن أن ينتج سياسة مالية. وهنا يصبح الدور أصعب من خلال الإطلال على المشهد العام ليس من زاوية واحدة وأن تحاول التوفيق بين الجميع. ولأكون صريحا، لو أقرت الموازنة وفق مطلب الوزارات لتخطى عجز هذه الموازنة الـ12 إلى 13% من الناتج القومي، وهذا الأمر لم يعد غائبا عن أحد. لقد تعمدت خلال السنوات الثلاث والأربع الماضية أن أتعامل مع الأرقام من دون تجميل أو إخفاء وأن نضع لها مكياجا ونظهرها كأنها أرقام تعكس توازنا”.

أضاف: “بصراحة هناك نسبة عجز غير مقبولة. تحدثنا في مؤتمر سيدر عن تخفيض العجز 1% سنويا وكنا بنسبة 8.2% وتجاوزنا الـ10.5% والـ11% أي أننا بدلا من أن نخفض 1% زدنا 3.5% نسبة العجز. هذا أمر خطير ولكن أضعه في خانة التوتر السياسي الذي كان قائما والفراغ بعد الانتخابات النيابية والتأخر تشكيل الحكومة والمشاكل الإقليمية وأثر النزوح على لبنان وتراجع الوضع الاقتصادي في مناطق الخليج العربي وأماكن تواجد اللبنانيين وتراجع التحويلات الخارجية إلى لبنان، وغياب التوازن في الميزان التجاري وبالتالي في ميزان المدفوعات. كل هذه الأمور مع بعضها أوصلتنا إلى نسبة العجز الذي نحن فيه حاليا، ولكن بصراحة نحن مضطرون لتخفيض نسبة العجز إلى مستوى مقبول وإلا سنكون بعد فترة وجيزة أمام امتحان وهو نتيجة تقارير كل مؤسسات التقييم والهيئات الدولية التي ستقول هل وضع لبنان نفسه على سكة المعالجة أم أن طبقته السياسية تعتبر أنها قادرة على تجاوز الأمور من دون إجراءات جذرية”.

وتابع: “لا أريد التحدث عن انهيار إنما عن مزيد من التدهور والتراجع وفقدان الأمل بالقدرة على المعالجة، لأننا إذا لم نستطع معالجة الوضع اليوم فأعتقد أنه بعد أشهر ستكون الأمور أصعب وأصعب بكثير. يمكن أن الهيئات الاقتصادية وأصحاب الشركات والقطاع الخاص حيث الناس الذين يحتكون بالسوق مباشرة على اطلاع على مستوى التراجع في الحركة الاقتصادية. فنحن بصراحة منذ العام الماضي لم يصل النمو إلى 1.5%. وهذه السنة، وسأكون صريحا، في مناقشة الموازنة ودراسة الأرقام والمؤشرات، وضعت التحليل الذي نقوم به على أساس أن نسبة النمو لن تزيد على 1.5%. نتمنى أن يكون لدينا صيف واعد والإجراءات التي تتخذها الحكومة في ما يتعلق بالموازنة تكون جيدة، نستطيع عندها الخروج من هذا النفق ونزيد نسبة النمو لدينا”.

وعن تخفيض معاشات الوزراء والنواب، قال: “هذه ليست مسألة استعراضية وأعرف أنها مسألة لا تغير ولا تحدث فرقا في الموازنة ولكن ذلك يسحب نفسه على كل المواقع التي يمكن أن خفض منها. ليس معنى ذلك أبدا أن هذا التخفيض سيحل المشكلة ولكن هذا جزء ولو بسيط علينا أن نتخذ القرار فيه. بالنسبة لي هذا الأمر نهائي وجدي، وأعتقد وأتمنى أننا في مجلس الوزراء ومجلس النواب سنسير جميعا فيه. أعلم أنه بالنسبة لبعض الزملاء النواب هذا الأمر مجحف وأنا أعتقد كذلك بالنسبة لبعض النواب الذين ليس لديهم مصدر معيشي آخر، ولكن نحن مضطرون اليوم لاتخاذ قرارات موجعة على صعيد الإنفاق وإذا كان هذا يقفل لنا ولو ثغرة صغيرة فيجب أن نتخذ قرارا به”.

أضاف: “لسنا أمام انهيار إنما أمام أزمة كبيرة. أولا لبنان ملتزم بتسديد دينه وفي كل الفترة الماضية لم يتخلف يوما عن تسديد لا دينه الخارجي ولا الداخلي، وبالتالي ما زال لدينا القدرة لدى المصرف المركزي ووزارة المال على القيام بكل الإجراءات لتسديد التزامات لبنان الدولية في هذا المجال. وأنا على ثقة بأننا لسنا أمام انهيار لليرة اللبنانية. فنحن أمام تحديات وليس أمام انهيار وباستطاعتنا أن نصمد أكثر وأن نتابع الحفاظ على هذا الاستقرار. الآن هل نحن بحاجة لنقاش حول مستقبل الوضع المالي في البلد فهذا يجب أن يتم بشكل هادىء وداخل الغرف المغلقة التي توصل إلى نتيجة ولا تخلق حالة من الذعر والتوتر لا في الأسواق ولا في المناخ الاقتصادي ككل”.

وتابع: “نعم السلسلة كلفتنا كثيرا والأمر له أكثر من سبب وتكلمت عن بعض التوظيف العشوائي ولكن الأخطر هو أن هذه السلسلة رفعت إلى حد كبير كثيرا شهية الذهاب إلى التقاعد، ونحن عام 2016 بعد إقرار السلسلة أضيف على المعدل السنوي للمتقاعدين تقريبا 4900 متقاعد إضافي عما هو متوقع وهؤلاء رفعوا نسبة التكلفة بحدود الـ400 مليون دولار أي 600 مليار ليرة، وهذا راكم وزاد نسبة العجز. وهناك اقتراح في الموازنة الحالية لمعالجة هذه الثغرة ومن دون الكلام عنه الآن أعتقد أنه يضع سقفا للانفاق في هذا المجال وسيساعد كثيرا على تخفيض نسبة العجز. أنا لست مع أن يتراجع الإحتياطي بالمستوى الذي يحكى عنه، تراجع الاحتياطي لكن في مرحلة استثنائية ويعاد العمل على إعادة تكوينه”.

وأردف: “المصرف المركزي لن يطرح اليوروبوند، فهذه عملية تقوم بها وزارة المال، ونحن قبل 20 نيسان 2019 لدينا إصدار بالعملات الأجنبية مطروح في السوق وبدأنا التحضيرات له ونتعاون مع المصرف المركزي كي نشجع المصارف العالمية المعنية في تسويق مثل هذه السندات”.

وقال خليل: “لم يخرج 24 مليار دولار من البلد، فلو حصل ذلك مضافا إلى عجزنا التجاري لما كنا جالسين اليوم في هذه القاعة، ولما كنا علمنا ما حصل بنا. ولكن من المؤكد هناك استنزاف للدولار، وبالطبع هناك خروج للدولارات من البلد، ولكن المشكلة هي أننا نستورد بما قيمته 19 مليار دولار أميركي بضائع أي عمليا يخرج هذا المبلغ من لبنان وكل ما نصدره نحن مقابل الدولار لا يجلب لنا 3 مليار دولار إنما قد تزيد قليلا عن 2.5 مليار دولار. وبالتالي عجزنا التجاري يصل إلى حدود 15 و16 مليار دولار. يضاف إلى أن تحويلات اللبنانيين في الخارج تراجعت فقد وصلنا في إحدى السنوات إلى حدود الـ9 مليار دولار ووصلنا إلى 4 و4.5 بحد أقصى. فهذا الأمر ناجم عن الأزمة في دول الخليج وأفريقيا وأميركا اللاتينية فضعفت التحويلات. كل ذلك عوامل أثرت وشكلت تأثيرا كبيرا على وضعنا، ولكن أكرر القول نحن في موازنة العام 2019 التي تأخرت ولكني رفعتها كوزارة مال في وقتها الدستوري قبل نهاية آب 2018، ولكن مع الأسف بقينا مدة 9 أشهر في مماحكات سياسية أخرت تشكيل الحكومة وبالتالي أخرت البدء في العمل على إقرار الموازنة. واليوم تحدثت مع دولة رئيس الحكومة، ومن المرجح أن نبدأ هذا الأسبوع في مجلس الوزراء النقاش تمهيدا لإقرار هذه الموازنة”.

أضاف: “بالتأكيد هناك تمييز للزراعة والصناعة وقطاعات الإنتاج بأي إجراء سيحصل في الموازنة، سواء بالتخفيض أو بالتحفيز، خصوصا أن موازنتنا لا تحمل تخفيضات في الإنفاق الاستثماري. إذ أن موازنتنا اليوم موزعة كالتالي: 35% رواتب و34% خدمة دين عام و12% عجز كهرباء أو أقل بقليل و8.5% إلى 9% نفقات استثمارية، وبالتالي المطلوب أن نرفع هذا الرقم الأخير وأن نخفض الأرقام الأخرى في المجالات الأخرى. ونحن نتابع الإجراءات التحفيزية لقطاعات الإنتاج”.

وتابع: “من خلال موازنة عام 2017-2018 أدرجنا مجموعة من المواد التحفيزية من تخفيضات وغرامات وإعادة تقييم. ولكن من دون استقرار وانتظام حيث حصل طعن بأكثر من مادة وأتت الانتخابات النيابية وتأخر تشكيل الحكومة وأزمات قبلها، فلم يظهر أثر مباشر لهذه الإجراءات التي حصلت. هناك جزء منها سنمددها وجزء سنضطر إلى طرحه من جديد. أنا من مؤيدي الإجراءات التحفيزية، فالمشكلة أنه لو كان لدينا اقتصاد ينمو بوتيرة مقبولة، عندها حتى لو زاد الدين فسيبقى تحت السيطرة، كون المشكلة هي نسبة الدين للناتج الوطني. الدين يرتفع ونمو الناتج محدود جدا. هذه النسبة ترتفع. فلو كان ناتجنا يرتفع بكل مكونات الاقتصاد من خدمات وزراعة وصناعة وسياحة وغيره لكنا بالتأكيد أمام نسبة أقل. وأنا مع تشجيع واتخاذ أي قرارات قانونية لتعزيز عناصر الاقتصاد على تنوعها”.

وعن مسألة الإعفاءات، قال خليل: “هناك الكثير من المواد القانونية التي تحتاج الى إعادة نظر. ولكن المسؤول مضطر في النهاية لأن يعمل تحت سقف القانون، والمادة الثالثة من القانون 662 واضحة تنص على أن أي شركة يترتب عليها غرامات تفوق المليار ليرة على وزير المال أن يرفعها إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب. وبالتالي فإن واجبات وزير المال أن يرفع هذا الاقتراح وهذا ما حصل. أي تأخير كما جرى، وأنا ضده، في بت هذه المسألة سيؤدي إلى تأخير حصول وزارة المال على واردات إما مباشرة متصلة بقيمة هذه الغرامات التي عليها أن تحصلها وإما بتأخير معاملات الناس المرتبطين بهذه الشركات ولا يستطيعون إنجاز معاملاتهم لأنهم غير قادرين على الحصول على براءة ذمة”.

أضاف: “أنا ما زلت عند رأيي بأنه يجب أن يناقش هذا البند وأن يتخذ فيه قرارات، إما بالموافقة على هذه الإعفاءات وتحديد نسبة أو برفض هذه الإعفاءات حتى يتسنى لوزارة المال أن تحصل إما طوعيا أو جبريا هذه الواردات. إن فكرة ومبدأ الإعفاءات يحصل في كل العالم، وفي النهاية القيادة السياسية، مجلس الوزراء، هو من يحدد، فإما أن يعفي كي يحفز عبر إعفاء بنسبة معينة مثل 20 أو 50 أو 80… وليس من الخطأ أن تطرح هكذا قضية للنقاش وأن تأخذه مداها. وإذا كنا بحاجة لإعادة النظر بالقوانين، فأنا مع إعادة النظر في قوانين كثيرة، ليس فقط تلك التي تعفي إنما التي تعقد حياة وعمل الشركات، علينا أن نرى القصة من كل الزوايا”.

وإذا كانت وزارة المال ستبحث في إعادة درس هذه الإعفاءات، قال: “لا يقتصر الأمر على البحث، بل أصبحنا في طور صياغة لزيادة إعفاءات وإلغاء أخرى. ثمة إعفاءات تستفيد منها شركات محدودة على حساب الاقتصاد وعلى حساب خزينة الدولة التي تحتاج إلى كل قرش، وثمة إعفاءات أخرى تساعد على تحريك الاقتصاد من خلال الشركات، الأمر يحتاج إلى إعادة نظر. استطيع أن أجزم بأن سلة الإعفاءات الضريبية بأكملها يجري درسها كما جرى ويجري درس سلة الإعفاءات الجمركية”.

أضاف: “ثمة بحث في إنشاء منطقتين اقتصاديتين جديدتين، وإقامة حوض جاف في البقاع يكون نقطة وصل بين مرفأ بيروت ومعظم الأراضي السورية للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، وضخ جزء من الأموال إلى اقتصادنا”.

وتابع: “لا بد من الوصول الى نظام ضريبي افضل. نظامنا الضريبي ليس الامثل، وفي هذه الموازنة ثمة دفع باتجاه اصلاح النظام الضريبي وتحسين هذا النظام وليس معالجة جذرية لكل وضع هذا النظام”.

وعن موضوع الاسكان، قال: “مجلس النواب تحمل مسؤولياته وخصص 100 مليار ليرة. للاسف بمفاوضات شاقة مع المصارف، توصل الى صيغة حول كيفية ادارة هذا الملف لكن هذه المصارف بصراحة تراجعت او لم تستكمل الاجراءات للسير بهذه الخطة. نحن ننسق مع مصرف لبنان الذي وضع سلة لم نلحظها كثيرا في السوق، استفاد منها بعض المؤسسات العسكرية والامنية اكثر من الطلبات واقفلت احتياجات قديمة ولم تفتح الباب امام قروض جديدة. نحن في الموازنة الحالية وضعنا 100 مليار ليرة لدفع فرق الفوائد المطلوبة لمؤسسة الاسكان. لا اريد ان اعطي مواعيد لكن يوميا نعمل على هذا الملف وفي كل لحظة احصينا اكثر من 38 قطاع عمل مرتبط بشكل مباشر وربما هناك قطاعات عددها اكبر مرتبطة بشكل غير مباشر”,

أضاف: “في ما يتعلق بالاصدارات المدعومة او مساهمة المصارف بهذا الامر، لا أحبذ كثيرا التحدث عن الاجراءات المالية المرتبطة بعلاقتنا مع البنك المركزي والمصارف عبر وسائل الاعلام، لكنه جزء في معالجة مشكلة المالية العامة وخفض العجز نتابعها، وقد تقدمنا كثيرا للوصول الى تفاهم حول مساهمة القطاع المصرفي في هذه العملية”.

وعن اللامركزية الادارية، قال خليل: “نحن ملتزمون بالتأكيد بالعمل على اقرار قانون اللامركزية الادارية، ونعتبر هذا الامر من الامور التي تساهم في تخفيف مشكلات البلد على اكثر من صعيد، لكننا حذرون ودقيقون بألا يتحول هذا الطرح الى شكل من اشكال التقسيم السياسي في البلد وينبغي ان ننتبه. انها مسألة دقيقة لكن يجب الا تعيقنا على ان نعمل جديا لاقرار قانون اللامركزية، ومن يتابع جلسات مجلس النواب يعرف اننا ايجابيون في هذا الطرح وندفع به الى ان يقر، ونستطيع ان نرسم حدودا بين المخاطر السياسية وبين الايجابيات الكبيرة التي يمكن ان تتحقق على صعيد التنمية والانماء الحقيقي في هذه المناطق”.

وتطرق وزير المالية الى موضوع الرواتب، قائلا: “نحن ملتزمون بدفع الرواتب من دون اي مشكلة، ولا مشكلة رغم كل النقاش على شبكات التواصل الاجتماعي. ولا مشكلة مرتبطة برواتب العسكريين، فهم اساس في هذا البلد وقد لعبوا دورا مهما وما زالوا، لقد حمونا ويجب ان نحميهم. الامر الذي نناقشه هو كل الوضع المالي في البلد وبالتالي المؤسسات العسكرية والامنية هي جزء منه. لا استهداف للجيش والمؤسسات الامنية والعسكرية كما يصور البعض ولا للمتقاعدين لكنهم جزء من تركيبة هذا البلد سيتأثرون بما يمكن ان يتخذ من اجراءات مباشرة او غير مباشرة”.