لا يوجد في الوقت الحالي أيُّ اختبار تشخيصي نهائي لمرض باركنسون، الّا أنّ هذه المعادلة قد تتغيّر بفضل امرأة يمكنها أن تستنشق المرض قبل ظهور عوارضه بسنوات. فكيف ذلك؟
مرض الشلل الرعاشي (Parkinson’s disease-PD) هو خلل في التحريك العصبي، يبدأ في الخلايا العصبية في الدماغ (Neurons)، التي تعمل على إنتاج مادة تسمى الدوبامين (Dopamine)، وينشأ المرض عندما تموت هذه الخلايا لتهبط مستويات الدوبامين في الدماغ ما يؤثر على حركة الجسم. ويتميز هذا المرض بصعوبة ملاحظة الإشارات والدلالات الأولية له، خصوصاً انها ذات حدّة خفيفة إلى درجة أنه يَسهل إهمالها، لا سيما إذا لم يشعر الشخص بمجموعة منها في الوقت نفسه، بل شعر بأحدها فقط وبشكل خفيف.
الإفرازات الدهنية
وعلى رغم أنّ الامر قد يبدو غريباً، إلّا أنّه باستطاعة، جوي ميلني، فعلاً شمّ رائحة المرض، حيث لاحظت الرائحة المميّزة لدى زوجها قبل 10 سنوات من تشخيصه من قبل الأطباء بمرض باركنسون، وعندما شاركت في اجتماع مع أشخاص آخرين يحملون المرض، أدركت أنّ هذه الرائحة مرتبطة به. ومنذ ذلك الحين، عمل العلماء مع «جوي» في محاولة لتحديد إذا كانت قادرة فعلياً على شمّ المرض، والذي يبدو أنه مرتبط بالإفرازات الدهنية التي تساعد في الحفاظ على رطوبة بشرتنا وشعرنا بشكل طبيعي، والتي يمكن إنتاجها بشكل أكبر لدى مرضى باركنسون أو كما يعرف بالشلل الرعاش.
تحليل الرائحة
وفي حين يُعرف أنّ باركنسون يؤدي إلى زيادة إنتاج الغدد الدهنية، إلّا أنّ العلماء أرادوا أن يعرفوا المؤشرات الحيوية المحددة التي كانت تنطلق من الرائحة التي يمكن لجوي التقاطها، لذلك استخدموا التحليل الطيفي الكيميائي الشامل لاستخراج المركبات الفردية. وقالت الدكتور بيرديتا باران من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة: «لقد صمّمنا بعض التجارب لتقليد ما تفعله جوي، واستخدمنا مقياس الطيف الكتلي لفعل ما يمكن أن تفعله جوي عندما تشمّ هذه الروائح في مرضى الشلل الرعاش». وأخذ الفريق مسحاً لـ64 متطوّعاً، يعاني بعضهم من مرض باركنسون والبعض الآخر في صحة جيدة، لاختبار قدرات جوي على التقاط «الرائحة الفائقة»، وتحليلها.
شمّ السرطان والسل؟
في المقابل، وجد العلماء أنّ المصابين بالباركنسون، لديهم المزيد من «Hippuric acid» و»octadecanal»، و»eicosane»، وغيرها من المؤشرات الحيوية في الغدد الدهنية. ويرتبط وجود هذه المركبات الجزيئية بالمستويات المتغيرة للناقلات العصبية لدى المصابين بالشلل الرعاش، وهذه المركبات الكيميائية تساعد الخلايا العصبية على الاتصال والتحكم في أفكارنا وحركتنا. وبحسب د. باران «قد يكون لهذا تأثير كبير ليس فقط على التشخيص المبكر والحصري، ولكن أيضاً في مساعدة المرضى على مراقبة تأثير العلاج».
وتدّعي جوي أنها تستطيع أن تشمّ رائحة أمراض أخرى مثل مرض ألزهايمر والسرطان أيضاً، ولذلك، قد تتمكن من تقديم الكثير للمساعدة في تقدم العلم، خصوصاً، أنها ستعمل مع الفريق ذاته لاختبار قدراتها على التشخيص المبكر لمرض السل. وقد يساعد التشخيص المبكر لمرض باركنسون، قبل وقت طويل من ظهور العوارض، على إيجاد علاجات قد تمنع انتشار المرض وتطوره.