نظمت بلدية بيروت، بالتعاون مع مجموعة البنك الدولي، “المؤتمر الإقليمي لمرونة المناطق الحضرية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، في فندق الموفنبيك، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بوزيرة الداخلية ريا الحسن، وفي حضور النائبة رولا الطبش وخبراء دوليين ومسؤولين ورؤساء بلديات من لبنان ودول الجوار.
متى
النشيد الوطني، فكلمة تقديم للاعلامي موريس متى، أشار فيها الى “ان هذا المؤتمر تستضيفه بيروت للمرة الاولى وينظمه البنك على مدى ثلاثة ايام، ويجمع نخبة من متخذي القرار على مستوى المدن والمستوى الوطني، وسيشارك ممثلون عن مدن من خارج منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا لعرض تجاربهم”.
وقال: “تشير الدراسات الحديثة الى ارتفاع عدد سكان المدن في الشرق الاوسط وشمال افريقيا الى ما يقارب 62% من مجموع السكان، متوقعة ارتفاع هه النسبة في العقود المقبلة ثلاثة اضعاف، ما يرفع نسبة المخاطر التي تواجه المدن وتؤثر على استقرارها ونموها وازدياد تعرضها لمجموعة متنوعة من الصدمات والضغوط”، لافتا الى “ان 9 مؤسسات أعلنت عن تعاون عالمي في المنتدى الحضري العالمي الذي عقد في كولومبيا في نيسان 2014، والتزامها الجماعي في تقديم المساعدات اللازمة لتحسين المدن”.
وكانت كلمة لرئيس بلدية بيروت جمال عيتاني، ثم ألقى سامح نجيب وهبة كلمة المدير الاقليمي لدائرة الشرق الاوسط في البنك الدولي ساروج كومار جاه، مشيرا الى “نهوض مدينة بيروت من الكوارث التي مرت عليها”، وقال: “تواجه مدن كثيرة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا مخاطر طبيعية ومناخية، من هنا نعقد مؤتمرنا الاول لتسليط الضوء على كيفية تعزيز مرونة المدن والتكيف مع مخاطر المناخ والطبيعة وآثار النزاعات واللجوء”.
ولفت الى “جارب اليابان في مجال مرونة المدن، مشددا على ان البنك الدولي يسلط اهمية كبرى على تعزيز المرونة، ويضع ما بين 6 الى 7 مليار دولار لتعزيز مرونة المدن والبنى التحتية والمؤسسات”.
الوزيرة الحسن
ثم ألقت ممثلة الرئيس الحريري الوزيرة الحسن كلمة، قالت فيها: “أود أولا أن أنقل إليكم تحيات دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي كلفني تمثيله، وأن أشكر باسمه بلدية بيروت التي تنظم هذا المؤتمر بالتعاون مع البنك الدولي. هذه المؤسسة التي تقوم بدور رائد في دعمها لبنان، كما سواها من الدول، في تقوية قدرات ومقومات المدن على مواجهة الكوارث والضغوطات على انواعها. كما أشكر باسم الرئيس الحريري جميع المشاركين، من خبراء دوليين ومسؤولين ورؤساء بلديات من لبنان ودول الجوار”.
وقالت: ” إن هذا المؤتمر هو الاول من نوعه في المنطقة، وسيصبح في نسخاته المتتالية منصة مهمة لتبادل الخبرات وعرض تجارب دولية ناجحة لبناء مجتمعات محصنة ومرنة، قادرة على مواجهة تحديات التنمية وتغير المناخ. في الواقع، إن المرونة ميزة اللبناني. إنها ميزة الإنسان في لبنان. إنها سمة أثبتها شعبنا على مر الكوارث التي حلت به في العقود الخمسة الأخيرة على الاقل. حروب مدمرة، وصدمات اجتماعية واقتصادية عنيفة، كنا دائما نخرج منها سالمين، لنستعيد الحياة الطبيعية، وننطلق مجددا، وكأن شيئا لم يكن. وهكذا اقتصادنا أيضا، كان في كل مرة يقوم من كبوة قاسية، وينهض من جديد، وحكومتنا اليوم مصممة على أن تكرر التحدي، وعلى أن تنفذ مجموعة إصلاحات لا تهدف إلى إنعاش الاقتصاد اللبناني فحسب، بل إلى تحصينه وتوفير مقومات المرونة والاستمرار الدائمة له”.
أضافت: “ما نحن عازمون عليه اقتصاديا، هو تماما المطلوب في ما يتعلق بمدننا. فإذا كان الإنسان في لبنان مرنا بطبيعته، فإن مدنه ليست دائما كذلك. ولذلك، فإن من الضروري توفير متطلبات المرونة في المدن اللبنانية، لكي تكون قادرة على مواجهة مخاطر الصدمات، على أنواعها، من كوارث طبيعية وتغيرات مناخية واجتماعية وسواها”.
وأعلنت “ان المدن الساحلية اللبنانية شهدت خلال العقدين المنصرمين، تمددا واسعا وسريعا، بحيث أصبح 87 في المئة في المئة من سكان لبنان يتمركزون في هذه المدن، وناهز عدد سكان بيروت الكبرى المليوني نسمة. والمشكلة أن هذا التوسع الفوضوي غير المدروس وغير المضبوط، ترافق مع ضعف في التخطيط المدني، فباتت هذه المدن تعاني قصورا حادا في البنى التحتية والخدمات الحضرية، وأصبحت في وضع هش يضاعف الأضرار المحتملة لأية كارثة قد تطرأ”.
وقالت: “وقد فاقم الوضع تدفق العدد الكبير من النازحين السوريين منذ العام 2012، ما أدى إلى زيادة الضغط على بنية لبنان الاجتماعية والتنموية والاقتصادية والبيئية، وإلى زيادة الأعباء على البلديات، في ظل عدم جهوزية البنى التحتية لمثل هذا الضغط”.
واضافت: “صحيح أن الأحداث والأزمات المتتالية التي عاشها لبنان، زادت قدرته عبر السنين على المواجهة والمرونة، وأنتجت الكثير من الخبرات والدروس التي يمكن اعتمادها كنماذج ناجحة لبناء القدرات في مجالات الحد من مخاطر الكوارث، لكن هذه القدرة هي قدرة ظرفية، لذا يجب العمل على تنظيمها ومأسستها لتأمين الحصانة المستدامة لمدننا”.
وأكدت “ان لبنان يدرك تماما حاجته إلى تعزيز مرونة بلداته ومدنه، وتحسين قدراتها على مواجهة الصدمات والأوضاع الطارئة. وفي هذا الإطار، لقد التزم لبنان منذ العام 2008 بالأجندة الدولية للحد من مخاطر الكوارث، عبر انضمامه إلى اتفاقية هيوغو Hyogo ، ثم جدد التزامه في العام 2015 في إطار عمل سنداي Sendai للحد من مخاطر الكوارث”.
وقالت: “وتطبيقا لهذا الالتزام، أنشأت الحكومة اللبنانية وحدة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، تعنى بالتنسيق بين مختلف الوزارات والإدارات والجهات المعنية، لتوحيد الجهود في مجال الحد من مخاطر الكوارث، ودمجها في خطط التنمية، واعتماد مؤشرات تقنية وعلمية في تطوير استراتيجياتها الوطنية، كذلك تعمل هذه الوحدة على بناء القدرات، إن على الصعيد الوطني المركزي، أو على المستوى المحلي، للحد من مخاطر الكوارث، واتخاذ الاجراءات لزيادة جهوزية المناطق والبلديات لمواجهتها. وهنا بالذات، يكمن الدور البارز لوزارة الداخلية والبلديات. فالتخطيط الحضري يجب أن يبدأ على صعيد المحافظات والبلديات، ويجب أن يأخذ في الاعتبار، المخاطر الموجودة التي يمكن أن تؤثر سلبا على مشاريع التنمية”.
اضافت: “وفي هذا الإطار، لقد تم التحضير لاستراتيجية المرونة الحضرية مع بلدية بيروت، التي يجب ترجمتها إلى خطط عمل تهدف الى بناء القدرات المؤسساتية، والاستخدام الامثل للموارد، وتحديد اولويات الاستثمارات، وتعزيز التعاون عبر القطاعات، وبين الحكومة المركزية والسلطات المحلية والاقليمية”.
وقالت: “أنا سعيدة أن لبنان بدأ يتخذ الخطوات اللازمة على طريق بناء قدراته المؤسساتية، من أجل معالجة انعكاسات الكوارث والتخفيف منها. إن المواطنين يضعون أمنهم وسلامتهم أمانة في أيدينا، لذا يجب ان نكون على قدر هذا التحدي”.