ترأس متروبوليت طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، قداسا احتفاليا، لمناسبة عيد البشارة في كنيسة سيدة البشارة في ميناء طرابلس، بمشاركة المطران ربولا انطوان بيلوني، وعاونهما المونسنيور الياس البستاني، المتقدم بالكهنة ميشال بردقان، كاهن الرعية الاوكومونس الياس رحال، الاباء خليل الشاعر، البير نصر، جوزاف رحمة، راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان انطونيوس ابراهيم، ابراهيم ليون، يوسف صالح، الشماس عمانوئيل، وحشد من الرهبان والراهبات وابناء الرعية والشبيبة والحركات الرسولية والاخويات ومؤمنين، وخدم القداس جوقة سيدة البشارة واشرف على التنظيم كشافة بيبلوس.
وشدد المطران ضاهر في العظة على أهمية عيد البشارة في لبنان، “بعد ان اصبح عيدا وطنيا يجمع كل اللبنانيين”، متمنيا “ان يجمع ايضا السياسيين للاتفاق على خلاص البلد من المحنة التي يمر بها”، وقال: “نحتفل بعيد البشارة خلال الصوم المبارك، ونأمل أن تكون قيامة الرب يسوع الرمز والعبور من ارض العبودية إلى ارض الحرية، وإن شاء الله يكون عبورا أيضا من الارض إلى السماء ومن الموت إلى الحياة”، وقال: “بداية أرفع الشكر الى الباري تعالى، على كل ما أغدق ويغدق علينا، من وافر نعمه وجزيل عطاياه، وأرفعه ثانيا، إلى كل واحد منكم، أنتم أيها الاخوة المؤمنون بالسيد المسيح والمدعوون باسمه، الذين أحببتم أن تشتركوا معنا في هذه الصلاة، وأعايدكم جميعا وأعايد، خاصة، كاهن هذه الرعية قدس الأب الايكونومس الياس رحال الذي نحتفل اليوم لذكرى رسامته الكهنوتية الخامسة عشرة، وجميع الذين يقيمون ويحتفلون بهذا العيد الشريف المقدس، سائلا لهم ولنا جميعا الخير والبركة، بشفاعة الأم السماوية، سيدة البشارة”.
اضاف: “نحتفل في هذه الليلة بعيد سيدة البشارة، شفيعة هذه الرعية المحبوبة، والعيد في هذه المناسبة هو فرح ولقاء، عيد يأتي كل عام، يتكرر لكنه يتجدد. وفي كل سنة يكتسب طابعا جديدا ومعاني مميزة. ولا سيما بعد أن دعا إخوتنا المسلمون إلى الاحتفال بها أيضا، وفي كل لبنان.
ففي مثل هذه الليلة من كل عام تلتقي العائلة لتفرح وتصلي وتشكر الرب على نعمه الوافرة، وتلتقي في عودة الى الذات وفي رجعة الى كلمة الرب التي تحمي وتملأ القلوب. فهنيئا لكم ولنا هذا العيد وهذا اللقاء وهذه العودة الى الذات والى الله”.
وأردف: “يكلمنا الإنجيلي لوقا عن بشارة الملاك لمريم العذراء، هذه البشارة التي تحمل في عمقها معنيين: الدعوة والرسالة.
دعوة نقبلها من الله، إلى رسالة نقوم بها في الكنيسة والمجتمع البشري. هكذا قبلت العذراء مريم الدعوة المتجلية في نعمة الله التي ملأتها منذ اللحظة الأولى لتكوينها في حشا أمها. تلك دعوة قدستها لتكون أم المخلص.
أما بالنسبة الى الرسالة المطلوبة منها، عبر بشارة الملاك، فقد لبتها مريم والتزمت بها، فأصبحت أم يسوع، أم الله وأم الكنيسة. وسطعت في سماء الكون أما وبتولا فائقة القداسة والطهر والحنان.
سلام الملاك يعني: افرحي، تنعمي، ابتهجي. إنه سلام موجه الى مريم والى البشرية جمعاء في كل جيل. هذا السلام يستهل البشرى السعيدة للعالم: سيولد له مخلص، والملاك سيواصل تحية السلام قائلا: أبشركم بفرح عظيم، لقد ولد لكم اليوم المخلص الذي هو المسيح الرب”(لوقا 2/10).
يلقب الملاك مريم: بال “ممتلئة نعمة” بمعنى أنها، وباختيار عجيب من الله، وجدت نعمة لديه، والتزمت كليا بالإجابة عن دعوة الله والاستجابة لها. إنها مثال المختارين الذين يؤمنون وتملأهم النعمة. هذا دليل على أن الله هو من أصل كل كائن بشري “كتب اسمه بيده منذ الأزل، ودعاه باسمه”.
وتابع: “بشارة مريم تؤكد لنا أن حياة كل انسان محاطة بمحبة الله اللامتناهية، محبة الفداء، وأن نعمته تستبق أفعالنا كلها، بحيث اننا بحد ذاتنا، لسنا بشيء، وكلنا من عمل الله ومن عمل نعمته.
في طيات هذا السلام، تكمن حقيقة “الحبل بلا دنس”، التي أصبحت عقيدة إيمان في الكنيسة، وقد أعلنها البابا بيوس التاسع سنة 1854. لقد ملأ الله مريم، مذ تكونت في حشا أمها حنة، من نعمته التي عصمتها من خطيئة آدم، فأصبحت منذ ذلك الحين الكلية القداسة، والعلامة الساطعة في الكنيسة تشير الى نعمة الله التي تختار وتدعو وتقدس”.
وقال: “إن في بشارة العذراء بشرى لنا ودعوة إلى كل منا في زمانه ومكانه وحالته، لنعيش وإياه في شركة حب وقداسة. فنحن أيضا مرسلون لنبشر بنور المسيح بقوة الروح القدس في كل مجالات حياتنا.
الليلة نصلي معا، ونطلب من سيدة البشارة شفيعة رعيتنا، أن تحمي وطننا لبنان وأهله من ويلات الأزمات التي يتعرض إليها هذا الوطن الجريح الذي يفتقد منذ انتهاء الحرب السلام والوئام والبحبوحة والازهار. فيا مريم، يا ملجأنا ورجاءنا، ساعدينا على تخطي صعوبات الحياة. بلدنا يا مريم بحاجة الى سلام، فمدي يديك وامنحيه ذاك السلام”.
واردف: “لبنان اليوم، ، وتجنيبه مزيدا من البؤس والفقر والخسائر، ورفض أي عائق يحول دون عودة النازحين الى بلادهم ومدنهم وتقديم العون والمساعدة لهم في وطنهم ليستطيعوا المساهمة في إعمار بلدهم من جديد من دون إبطاء، فكوني لنا المرجع الأخير.
أنشري سلام ابنك في قلوبنا فنقول له “نعم” في حياتنا اليوم، كتلك “النعم” التي قلتها في مثل هذا العيد.
ساعدينا يا مريم كي نتبنى بسخاء دعوة الرب لنا فنلتزم رسالة الحياة المسيحية التي أسسها يسوع المسيح، سيد السلام والمنتصر على الموت وواهب الحياة للجميع.
فيا سيدة البشارة كوني لنا عونا وتشفعي لدى يسوع المخلص ليمنح بلادنا السلام. نسألك يا رب أن تفيض في قلوبنا نعمتك فنقضي ما تبقى من أيام صومنا بتوبة، حتى بفرح، نعاين مجد قيامة المخلص المقدسة”.
وختم ضاهر: “لا يسعني إلا أن أوجه كلمة شكر خاصة إلى مختلف اللجان والهيئات والأصدقاء الذين تولوا بعفوية وأريحية، الشؤون التنظمية والتكريمية التي سبقت ورافقت هذا الإحتفال، وفي مقدمتهم قدس الأب العزيز الإيكونوموس الياس رحال كاهن الرعية الغيور، ولجنة الوقف، وجميع أبناء الرعية والحركات الرسولية والأخويات والشبيبة والكشاف والجوقة”.
بعد الاحتفال بالقداس تقبل المطرانان ضاهر وبيلوني والكهنة التهاني بالعيد من المشاركين، كما قدم جميع الحاضرين التهاني للاب رحال بمناسبة ذكرى رسامته الكهنوتية الخامسة عشرة، ومن ثم اقيم عشاء تكريمي.