الترقب عنوان المرحلة اللبنانية الراهنة، ترقب مفاعيل كلام وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو العالي النبرة خلال وجوده في بيروت والتي كشف فيها عن قرار اميركي استراتيجي بإبعاد ايران عن الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط والذي بلغته عبر لبنان، للمرة الثالثة في التاريخ، وترقب نتائج زيارة الرئيس ميشال عون الى موسكو التي تبدأ اليوم والمعول من خلالها على دفع المبادرة الروسية حيال اعادة النازحين السوريين، واخيرا ترقب خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غدا.
ففي بيروت هناك من يقللون من وقع كلام ناظر الخارجية الاميركية اعتقادا بأنه مجرد كلام مكرر قد تكون غايته تطمين الحليف الاسرائيلي الغارق في مستنقع انتخابات تهدد نتائجها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وان لبنان بالتالي ليس الا منصة ومنبرا، وهناك من يرون ان كلام رئيس الديبلوماسية الاميركية ليس مجرد قنابل دخانية بل انذار مبكر مرفقا بإحداثيات مواجهة متعددة الاسلحة والانماط.
من حيث المبدأ، التباين كان صارخا بين المواقف الاميركية التي اطلقها بومبيو من بيروت والموقف اللبناني الذي عبر عنه الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل.
بومبيو الذي امضى وزوجته وكبار مساعديه يومين في لبنان بلغ اوج التصعيد ضد ايران وحزب الله في الكلمة المكتوبة التي تلاها في المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية جبران باسيل في مقر وزارة الخارجية، وبعد مغادرته وصف زيارته الى بيروت بالناجحة جدا، وقال: ان الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع لبنان من اجل تعزيز الاستقرار والازدهار.
وفي حديث لقناة «ام.تي.في»، جدد الوزير الاميركي القول ان الحزب الممول من ايران «خطير جدا» ويشكل تهديدا لكل الشعب اللبناني، ويجب التصرف بحكمة، ونحن مستعدون لدعم كل الجهود نحو الحرية ونريد من شركائنا ان يفهموا اننا معهم في هذا الصراح ويجب ألا يقبلوا بما تفعله ايران من دعم لمنظمة ارهابية، والرئيس دونالد ترامب يحاول ان يقول الحقيقة.
ودعا الى عدم الاستخفاف بصلاحيات الرئيس الاميركي وما يمكن ان يستخدمه من ادوات، ونريد ان يفهم اللبنانيون اننا نستعد لاستخدام كل الادوات السلمية التي نملكها، وسنعمل مع شركائنا حتى نتأكد من الوصول الى نتائج صحيحة حتى لو اضطررنا الى فرض عقوبات على شخصيات معينة او التدخل الديبلوماسي بشكل اكبر، وسأطلب من حلفائنا مشاركتنا هذه المهمة.
وتميزت محادثات بومبيو مع الرئيس نبيه بري بنتائج ايجابية ملموسة تمثلت في إنهاء اقتراحات بتسليم الحدود البحرية تقوم على تخلي لبنان عن حقه في «البلوك البحري رقم 8» ومساحته تتخطى 800 كيلومتر مربع، وهو ما رفضه لبنان، وثمة ايجابية ثانية تحدثت عنها اوساط بري وهي ان هذه المحادثات احيت ما كان متفقا عليه سابقا لجهة ان تجمع الامم المتحدة ممثلين عن الجانبين اللبناني والاسرائيلي وبحضور الوسيط الاميركي لتثبيت حق لبنان بحدوده البحرية.
الزيارة الوحيدة التي قام بها لرجل دين خصها بومبيو لميتروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران إلياس عودة، وقد ردها بومبيو في تغريدة على تويتر الى اهمية حماية التنوع الديني في لبنان والدفاع عنه، واصفا الزيارة بالرائعة والمطران عودة بالصديق الرائع «الذي أعرفه شخصيا منذ زمن طويل».
وصدر بيان عن المطرانية الارثوذكسية اشار الى ان البحث تطرق الى امور تخص الكنيسة الارثوذكسية والرعية الانطاكية في ولاية كنساس التي تنتمي اليها زوجة بومبيو الارثوذكسية.
واشارت مصادر متابعة الى ان «الامور الخاصة بالكنيسة» التي تحدث عنها البيان قد تكون على تماس مع الاستقلال المرجعي لارثوذكس اوروبا والشرق الاوسط عن الكنيسة الروسية بدعم اميركي انطلاقا من ازمة اوكرانيا.
في هذه الاثناء، قال رئيس الحكومة سعد الحريري امس ان الكباش الحاصل اليوم هو بين من يريد التغيير ومن لا يريده، وقال: ان مشكلتنا في السنوات السبع الماضية ان نسبة النمو كانت 1% واحيانا اقل، وهذه النسبة لا تسمح بتوفير فرص عمل جديدة للشباب.
لكن المصادر المتابعة ذكرت ان الحريري لم يتحدث اقتصاديا و«نزوحيا» مع الوزير الاميركي فحسب، بل اكد على ما خلصت اليه آراء الرئيسين عون وبري من انه لا طاقة للبنان ولا قدرة على الانجرار الى حروب اقليمية مع ايران او ضدها، وفق اتجاهات الريح الاميركية.
ويعترف رئيس حزب الكتائب سامي الجميل في احتفال حزبي ان هناك من وضع يده على البلد بواسطة السلاح والمال الاجنبيين، وحول اصدقاء لبنان واشقاءه الى خصوم، بدلالة غياب الملوك والرؤساء عن قمة بيروت العربية، ورد على المطالبين بالتواصل مع دمشق بالقول: بشار الاسد لن يرد النازحين الى سورية كرمى لعيوننا، ولمجرد ان نتحدث اليه، وهو لن يردهم الا اذا كانت له مصلحة، او اجبر على الامر من قبل الروس وحدهم، وهذا ما اكد عليه الحريري ايضا.
وقال الجميل: هناك من اقفل مجلس النواب سنتين ونصف السنة ليقرر لنا رئيس جمهوريتنا وفرض علينا قانون انتخاب ليتمكن من الحصول على الاكثرية ووضع الشروط لتشكيل الحكومة، وكل هذا لن يستمر.
في المقابل، قلل المدير العام السابق لوزارة الاعلام محمد عبيد في حديث متلفز من اهمية تصريحات الوزير الاميركي، واصفا اياها بالقنابل الصوتية، مشيرا الى ان حزب الله لو لم «يتعقلن» لكان دفع مناصريه الى استقباله بتظاهرة شعبية في المطار.
ويبقى ان طيف تصريحات بومبيو خيم على الاجواء السياسية في لبنان، ويرجح ان ينتقل مع الرئيس ميشال عون الى موسكو اليوم في الزيارة التي تقوده للقاء الرئيس فلاديمير بوتين لاول مرة.
وكان عون استبق الزيارة بتصريح لوسائل الاعلام الروسية اتهم فيها المجتمع الدولي بالسعي لاخذ النازح السوري رهينة كي يقبض ثمنه في الحل السياسي.
وقال عون ان لبنان اخذ علما بالشروط الدولية لكنه سيتصرف في موضوع النازحين وفق ما تمليه عليه مصلحته العليا، لافتا الى ان الشروط الدولية على هذا الصعيد منحازة ولا تساعد، لكننا سنساعد السوريين على العودة.
(الانباء)