نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمراسلها جوليان بورغر، يحذر فيه من مخاطر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير، وهو اعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن هذه الخطوة ستعزز من فرص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للفوز في الانتخابات، المقرر عقدها في الشهر المقبل، في الوقت الذي ستؤدي فيه إلى معارضة دولية، خاصة أن الإدارات الأمريكية السابقة تعاملت مع مرتفعات الجولان على أنها أراض سورية محتلة، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
ويستدرك بورغر بأن ترامب أعلن عن رفضه للموقف الأمريكي التقليدي في تغريدة نشرها يوم الخميس، وقال فيها: “بعد 52 عاما، فقد حان الوقت لأن تعترف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل الكاملة على مرتفعات الجولان، التي تعد حيوية لأمن واستراتيجية إسرائيل واستقرار المنطقة”.
وتقول الصحيفة إن ترامب كسر 52 عاما من الإجماع في الأمم المتحدة الرافض لحيازة المناطق عبر الحرب، فكسر الأعراف المتعارف عليها فيما بعد الحرب العالمية الثانية، التي ترفض الاعتراف بأي ضم للمناطق بقوة السلاح، مشيرة إلى أن هذا هو الموقف الذي شكل أساسا لرفض المجتمع الدولي لضم روسيا شبه جزيرة القرم.
وينقل التقرير عن المساعدة السابقة لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى تمارا كوفمان ويتس، قولها: “تعتمد الولايات المتحدة على هذه المبادئ الجوهرية للحلول السلمية ورفض حيازة الأراضي بالقوة”، وأضافت الزميلة الحالية في معهد بروكينغز، أن قرار ترامب “يسحب السجادة من المعارضة الأمريكية لضم روسيا شبه جزيرة القرم، ومواقف أمريكا من المناطق المتنازع عليها”.
ويلفت الكاتب إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو رد بتغريدة، عبر فيها عن امتنانه للرئيس ترامب، مشيرا إلى أن وكالة الأنباء السورية بثت بيانا أكدت فيه عروبة وسورية الجولان.
وتذكر الصحيفة أن هذا الإعلان جاء في وقت استقبل فيه نتنياهو وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، وقال: “لقد صنع الرئيس ترامب التاريخ”، مشيرا إلى أنه اتصل به وشكره نيابة عن شعب إسرائيل، وأضاف: “الرسالة من الرئيس ترامب للعالم بأن أمريكا تقف إلى جانب إسرائيل”.
ويجد التقرير أن هذا الإعلان يعد بمنزلة انقلاب دبلوماسي لنتنياهو، قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الإسرائيلية، وقبل أربعة أيام من زيارته لواشنطن، لافتا إلى أن ترامب أنكر أن يكون الإعلان مرتبطا بمساعدة رئيس الوزراء الحالي.
وينقل بورغر عن ترامب، قوله في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز”، ستبث اليوم: “لا أعلم عن هذا وليست لدي فكرة”، وذلك في رد على سؤال عن الانتخابات الإسرائيلية، وقال إنه يفكر في الاعتراف بسيادة إسرائيل “منذ وقت طويل”، وأضاف: “هذه سيادة وأمن، وهو ما يتعلق بالأمن الإقليمي”.
وتفيد الصحيفة بأن المسؤولين الأمريكيين رفضوا الضغوط من نتنياهو للاعتراف بالسيادة على المنطقة الاستراتيجية، وقالوا إن ترامب قدم له هدية سياسية مهمة، وهي نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس.
ويذهب التقرير إلى أن الاعتراف بالجولان يعبد الطريق أمام الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، ففي تقرير الخارجية الأمريكية الأخير عن حقوق الإنسان، تمت الإشارة للجولان والضفة الغربية وغزة بالمناطق المدارة من إسرائيل لا المحتلة.
ويورد الكاتب نقلا عن المستشار السابق لباراك أوباما ومدير منظمة الأزمات الدولية روبرت مالي، قوله إن “القرار سياسي، وجاء توقيته لمساعدة بنيامين نتنياهو في الانتخابات، ولن يغير الطريقة التي تدير فيها إسرائيل الجولان، وتجاهل القانون الدولي، وهي خطوة تنذر بالشؤم في وقت ترتفع فيه أصوات اليمين لضم الضفة الغربية”، وأضاف مالي، “إنه قرار من الإدارة يعبر عن وجه واحد من السياسة في الشرق الأوسط، ويؤكد أن الهدف ليس السلام العربي الإسرائيلي، لكن إعادة تشكيل المعايير التي تحكم العملية السلمية”.
وتنوه الصحيفة إلى أن إسرائيل احتلت الجولان عام 1967، وصدر قرار 242 من مجلس الأمن يعد احتلالها غير شرعي، ثم عارضت إدارة رونالد ريغان في عام 1983 ضم الجولان، وحاولت الإدارات الأمريكية وعلى مدى العقود رعاية محادثات سلام إسرائيلية سورية، وكانت آخرها عام 2010 في عهد باراك أوباما، لكنها فشلت بسبب انتشار الربيع العربي.
وينقل التقرير عن المسؤول السابق في الخارجية فردريك هوف، قوله إن الضم هو “لفتة لا داعي لها وذات آثار سلبية على إسرائيل وأمن الإسرائيليين”.
وتختم “الغارديان” تقريرها بالإشارة إلى قول هوف إن هذه الخطوة “سيرحب بها أعداء إسرائيل، إيران وحزب الله، باعتبارها مبررا لعمليات إرهابية، وستساعد نظام الأسد في سوريا على تغيير الموضوع من جرائم الحرب إلى ضم إسرائيل أراض، في خرق واضح لقرار مجلس الأمن 242، ولن يكون لها أي تأثير إيجابي على أمن إسرائيل”.