أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن “الفرانكوفونية متجذرة في لبنان منذ قرون، ولا تزال راسخة في حاضرنا اليوم، وستستمر في مستقبل واعد”، لافتا الى ان “لبنان سيشهد في العام 2020 افتتاح مكتب للمنظمة الدولية للفرانكوفونية لمنطقة الشرق الأوسط”.
وقال: “وحده تقبل الآخر باختلافه وتشابهه يتيح التعايش. وهل هناك أفضل من لبنان، بمجتمعه التعددي ليكون منصة لتعلم العيش المشترك؟”.
كلام الرئيس عون جاء في خلال حفل استقبال اقامه ظهر اليوم في قصر بعبدا لمناسبة اليوم العالمي للفرانكوفونية، لسفراء دول المنظمة الدولية الفرانكوفونيين المقيمين في لبنان.
حضر الاحتفال، اضافة الى السفراء، وزير الثقافة الدكتور محمد داود، الامين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي، عميد السلك الدبلوماسي في لبنان السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتيري، الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية لدى منظمة الفرانكوفونية البروفسور جرجورة حردان، المستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية ميراي عون هاشم، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير وعدد من المستشارين وكبار الموظفين.
السفير الارميني
وفي مستهل الحفل القى السفير الارميني فاهاكن أتابكيان، كلمة اعرب فيها عن تقديره لتوجيه كلمة الى الرئيس عون في هذه المناسبة، كممثل عن الجمهورية الارمينية التي تترأس حاليا منظمة الفرانكوفونية، وقال: “تفتخر ارمينيا بانتمائها الى الفرانكوفونية، هذه المساحة الواسعة للتعاون والحوار والتبادل، التي تجمع – من خلال احترام التنوع ومقاربة تضامنية – الدول الاعضاء حول قيم السلام والديموقراطية واحترام حقوق الانسان. نحن ملتزمون جميعا بطبيعة هذه الروابط التي تحدد تماما معنى “العيش معا في الفرانكوفونية”، وتضيف غنى عبر المحافظة على فرصة في هذه المساحة الفرانكوفونية. هذا هو معنى الموضوعية الذي طرحته ارمينيا، والذي على اساسه تم اعداد جدول اعمال القمة السابعة عشرة للفرانكوفونية في يريفان في شهر تشرين الاول الفائت: “العيش معا متضامنين، بمشاركة للقيم الانسانية واحترام التنوع: مصدر سلام وازدهار للمساحة الفرانكوفونية”.
اضاف: “هذه الاضاءة الارمينية على “العيش معا” في قلب الفرانكوفونية، تتناسب تماما مع طابع المجتمع اللبناني التعددي والمتعدد الوظائف، والذي يشكل بذاته “عالما مصغرا”، وغالبا ما يضرب به المثل لناحية العيش معا. وقد سبق ان قلتم، فخامة الرئيس خلال كلمتكم امام القمة الفرانكوفونية في ارمينيا، ان لبنان بفضل “تعددية مجتمعه حيث يتعايش المسيحيون والمسلمون ويتشاركون السلطة والادارة، والخبرة التي اكتسبها من خلال اللبنانيين المنتشرين في العالم، وتوالي الحضارات والثقافات التي مرت على ارضه عبر القرون، يشكل نموذاجا فريدا وقادرا على انشاء اكاديمية دولية تتولى نشر مثل هذه القيم”. وهذا ما يبرز الطموح في ان تلقى هذه المبادرة تأييد الجميع”.
وختم: “ان العيش معا، هو ايضا رسالة يحملها الشعب الارميني الذي ينتشر ابناؤه في مختلف اصقاع العالم، ويعرفون جيدا قيمة العيش المشترك وتناغم الحضارات والثقافات، باحترام كلي للتنوع واخلاص كامل وكلي للدول التي تستضيفهم، ومنها لبنان الذي قدم شهادة نموذجية في هذا السياق. واتقدم بالشكر لفخامة الرئيس لاقامة هذا اللقاء لمناسبة اليوم العالمي للفرانكوفونية، وهي خطوة يمكن ان تتكرر وتصبح تقليدا”.
رئيس الجمهورية
ثم ألقى الرئيس عون كلمة، فقال: “يسرني أن أستضيفكم في اليوم العالمي للفرانكوفونية الذي يصادف في العشرين من شهر آذار، وهو تاريخ مميز كونه يأتي بين اليوم المخصص لحماية حقوق المرأة واليوم الذي نحتفل به في عيد الأمهات في لبنان. وليس أفضل من هذه المصادفة للغة هي اللغة الأم للبعض والحامية للحقوق بالنسبة الى الجميع”.
واشار الى ان “الفرانكوفونية متجذرة في لبنان منذ قرون، وهي لا تزال راسخة في حاضرنا اليوم، وستستمر في مستقبل واعد. وأود في هذا السياق أن أحيي أمرين بالغي الأهمية: أولا، الميثاق اللغوي القائم مع المنظمة الدولية للفرانكوفونية والذي سيتم تجديده في وقت قريب. وهو يشكل موضع اهتمام مجمل القطاعات من ادارية وتربوية وثقافية واقتصادية. ثانيا، افتتاح مكتب للمنظمة الدولية للفرانكوفونية لمنطقة الشرق الأوسط في لبنان في العام 2020. وسيشكل هذا المكتب منصة رائدة لنشر وهج الفرانكوفونية في دول المنطقة كافة”.
اضاف الرئيس عون: “وفي ظل تبني الأكاديمية الفرنسية منح المهن تسمية مؤنثة إلى جانب التسمية المذكرة الموجودة أصلا، لا بد من الإشادة بهذه الخطوة البارزة التي تثبت أن هذه اللغة إنما هي حية وتواكب تطور المجتمع”، ولفت الى ان “كل لغة بالنسبة إلي، هي إنسان جديد داخل الإنسان، وكلما زادت اللغات التي يتقنها المرء كلما اغتنى إنسانيا. ويتأكد لنا كل يوم أن اللغة هي همزة وصل مثالية بين الثقافات والهويات المختلفة”.
واعتبر ان “الإنسان هو عدو ما ومن يجهل. ووحده تقبل الآخر باختلافه وتشابهه يتيح التعايش. وهل هناك أفضل من لبنان بمجتمعه التعددي ليكون منصة لتعلم العيش المشترك؟ لهذا السبب بالتحديد، تقدمت إلى هيئة الأمم المتحدة بترشيح لبنان ليكون المقر الرسمي ل”أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار”، وأتمنى دعم المؤسسات الفرانكوفونية ومشاركتها من أجل إنجاح ثقافة السلام في العالم”.
وتابع: “سنحتفل عما قريب بمئوية إعلان لبنان الكبير. إعلان منح لبنان الحالي حدوده الراهنة ونادى به الجنرال هنري غورو من أعلى درجات مقره في قصر الصنوبر في بيروت. وتبع هذا الإعلان وضع الدستور اللبناني. هذا التاريخ يخبر بوضوح عن العلاقات الوثيقة التي تجمعنا بفرنسا وبالفرانكوفونية، علاقات جعلت لبنان يحمل إلى الشرق الأوسط القيم العالمية جنبا إلى جنب مع التنوع الثقافي”.
وختم رئيس الجمهورية: “في هذا اليوم الاحتفالي، اتوجه بالتهنئة إلى جميع الشعوب الفرانكوفونية في العالم، وخصوصا الى الذين تمثلونهم، على أمل أن يتمكنوا من العيش في بيئة من السلام والحرية والازدهار”.
وفي نهاية الاحتفال، اقيم حفل كوكتيل بالمناسبة، تبادل فيه الرئيس عون والسفراء التهاني.
يذكر ان الرئيس عون كان انتخب في القمة الفرانكوفونية التي انعقدت في يريفان في تشرين الاول الفائت، نائبا لرئيس المنظمة الدولية للفرانكوفونية.
وفد الوكالة الفاتيكانية للحج الديني
الى ذلك، استقبل رئيس الجمهورية وفد الوكالة الفاتيكانية للحج الديني “Opera Romana Pellegrinaggi” والوفد الاعلامي المرافق الذي يمثل الصحافة المسيحية العالمية، بحضور وزير السياحة اواديس كيدانيان والسفير البابوي لدى لبنان المونسنيور جوزف سبيتري والقائم باعمال السفارة البابوية المونسنيور ايفان سانتوس والسفير خليل كرم.
سبيتري
وفي مستهل اللقاء، تحدث السفير البابوي، فشكر الرئيس عون لاستقباله الوفد “الآتي خصيصا الى لبنان للاطلاع على الاماكن السياحية الدينية فيه، من مسيحية واسلامية”، مشيرا الى ان “هذه الزيارة الترويجية التي تتم برفقة 17 وسيلة اعلامية فاتيكانية وايطالية وتضم 14 مسؤولا كنسيا فاتيكانيا، تأتي مباشرة بعدما قررت الوكالة الفاتيكانية اعادة ادراج لبنان على خريطة الحج الديني بعد انقطاع قسري منذ العام 2005”. وكشف ان “مسؤولي الوكالة سبق وقاموا بزيارة استطلاعية ناجحة الى لبنان في 2 شباط الماضي”.
وقال السفير سبيتري: “يأتي هذا الوفد اليوم لاكتشاف واعادة اكتشاف لبنان، هذه الارض المقدسة، كوجهة للسياحة الدينية، وهي ارض تختزن قرابة 4000 سنة من التاريخ”.
المونسنيور كيافاريني
وتحدث الامين العام للوكالة المونسنيور ريمو كيافاريني، شاكرا الرئيس عون “لاهتمامه الواضح باستعادة لبنان مكانته على كافة الاصعدة، لا سيما منها الصعيد الديني”، منوها ب”المساعدة وحسن الاستقبال الذي حظي به الوفد من كل المؤسسات اللبنانية الرسمية، من دوائر القصر الجمهوري ووزارات الخارجية والسياحة والاعلام، ومديرية الآثار التابعة لوزارة الثقافة اضافة الى مختلف الاجهزة الامنية”.
كيدانيان
وكانت كلمة للوزير كيدانيان، اكد فيها ان “لبنان بمؤسساته كافة، على اتم الاستعداد للقيام بكل ما يلزم من اجل تحقيق ما تتطلع اليه الوكالة التي اعادت ادراج لبنان على خريطة الحج الديني”.
وقال: “أن لبنان الذي تعرفتم على مختلف مناطقه، من شماله الى جنوبه ومن بقاعه الى ساحله، الغني بتنوعه الديني، هو لبنان الذي تعرفونه. وهذا هو الوقت المناسب من اجل اعادة احيائه كمرجعية للحج الديني العالمي”.
كرم
ثم تحدث السفير كرم، عارضا المراحل التي قطعتها الاتصالات التي قام بها بتوجيهات رئيس الجمهورية، حين كان قائما باعمال سفارة لبنان لدى الكرسي الرسولي، “لاستعادة لبنان دوره كوجهة اساسية للحج الديني”. وقال: “كان هناك تجاوب سريع من قبل الوكالة، التي لبت طلب الرئيس عون، في وقت قصير، منذ تموز الماضي، فاعادت ادراج لبنان على الخريطة الدولية وقامت حتى الان بزيارتين لتأكيد قرارها. واولى دفعات سياح الحج الديني ستنطلق في ايار- حزيران المقبلين”.
ووصف السفير كرم القرار الفاتيكاني ب”الاستراتيجي بالنسبة الى لبنان”.
رئيس الجمهورية
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، وقال: “انها لسعادة كبرى ان نستقبلكم ونحن ندعوكم الى العودة مجددا الى لبنان. وكلي ثقة بأنكم ستفرحون بدوركم بالتعرف على وطننا بتاريخيه المسيحي العريق، وتاريخه القديم، وتاريخ العيش معا المسيحي – الاسلامي فيه. ونحن نشكر قداسة البابا فرنسيس على قرار اعادة ادراج لبنان على الخريطة الدولية للسياحة الدينية”.
واكد الرئيس عون ان “لبنان ينعم بالاستقرار والأمن، لا سيما بعد القضاء على الارهاببين فيه والذين كانوا موجودين في بعض الجرود على الحدود مع سوريا”، وقال: “ستقومون بزيارة مختلف المناطق اللبنانية وستلمسون كم ان لبنان يتمتع بالأمن والاستقرار، وكم هو مضياف ورائع بتراثه وتاريخه وشعبه، ما سيحفزكم على العودة تكرارا اليه”.
وفي الختام، تم التقاط الصور التذكارية.