شكّلتْ إطلالةُ رئيس الحكومة سعد الحريري في القمة العربية – الأوروبية التي تستسضيفها شرم الشيخ وجدول لقاءاته مع عدد من كبار قادة الدول تطوراً بالغ الأهمية في سياق مخاطبة المجتمعيْن العربي والدولي و«توضيح الصورة» حيال تموْضع لبنان بالنسبة الى «قوس أزمات» المنطقة وموقفه من النزوح السوري وآليات عودتهم والتزاماته إزاء الإصلاحات «الشَرْطية» لتحويل مخصصات مؤتمر سيدر 1 «منصة» لنهوضه المالي – الاقتصادي.
وجاء ترؤس الحريري وفد لبنان الى القمة، وسط تَرَقُّبٍ للقاءات التي أُعلن أنها على روزنامته مع كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسمو أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل والمستشار النمساوي سيباستيان كورز ووزير خارجية فرنسا جان – إيف لودريان، ليزيح الأنظار عن «الإقلاع المضطرب» للحكومة الجديدة في أولى جلساتها الأسبوع الماضي حيث تَظَهّرت سريعاً «خطوط التماس» السياسية على خلفية الموقف من أزمة النزوح ورفْض أطراف عدة تحويل هذا الملف جسرَ عبورٍ لتعويم النظام السوري من خارج السقف العربي والدولي وتالياً الارتداد على سياسة النأي بالنفس التي يعتبرها الخارج «المقياس» الأساسي لدعم «بلاد الأرز» والمؤشر الرئيسي إلى انها ما زالت تقاوم جاذبية السقوط في «المحور الإيراني».
وثمة رهانٌ في بيروت على أن لقاءات الحريري كما مضمون الورقة اللبنانية الى القمة العربية – الأوروبية ولا سيما لجهة ملف النزوح والإصلاحات ستساعد في «تصحيح الصورة» التي ارتسمتْ في أعقاب جلسة «الشظايا المتطايرة» سياسياً كما دستورياً، بفعْل إحياء «كباش الصلاحيات» بين رئاستيْ الجمهورية والحكومة، وهو ما وجّه رسالة بالغة السلبية حيال ما ينتظر لبنان ومدى قدرة الحكومة الجديدة على توفير «درع حماية» لأجندتها المالية – الاقتصادية وفصْلها عن «ألغام السياسة» وتالياً تحقيق التعايش الصعب بين «النار والماء».
وفي موازاة الانشغال بقمة شرم الشيخ، ينطلق في بيروت اليوم أسبوعٌ مزدحم بمحطات وعناوين داخلية وخارجية ستشكّل بدورها اختباراً للمنحى الذي سيسلكه الوضع اللبناني، وأبرزها:
• الانتخابات الفرعية في طرابلس لملء المقعد الذي شغر بإبطال المجلس الدستوري نيابة النائبة ديما الجمالي (من كتلة الحريري)، وهي الانتخابات التي انطلقت مهلة الشهرين لإجرائها وسط رصْد لخريطة المواقف حيالها والتحالفات رغم الاطمئنان الى أن رئيس الحكومة الذي عاود ترشيح الجمالي، والذي تحدثتْ كتلته عن «غدر سياسي» تعرّض له بفعل قرار «الدستوري»، سيسعى لجعْل هذا الاستحقاق «صندوقة بريد» للردّ «بأعلى الأصوات» (وبتحالفاته) على مجمل المسار لتقويض زعامته الذي بدأ إبان الانتخابات العامة في مايو الماضي واستُكملت محاولاته خلال تأليف الحكومة عبر فرْض «حزب الله» تمثيل النواب السنّة الستة الموالين له وزارياً، علماً أن هؤلاء هم «الخصم» في «فرعية طرابلس» عبر طه ناجي الذي كان تَقَدّم بالطعن بنيابة الجمالي.
• بدء مسار المساءلة والمحاسبة في البرلمان مع جلسات لجنة المال والموازنة لدرس تقريريْ مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي في شأن التوظيفات والتعاقدات التي كانت الطبقة السياسية «عرّابتها» خلافاً لقانون حظْر التوظيف وشكّلت ما يشبه «الهدايا الانتخابية» في الطريق الى استحقاق مايو 2018، وسط أسئلة حول جدية المضي في هذا الملف حتى نهاياته وإذا كان سيدخل في «حقل النار» السياسي.
• تَرَقُّب ايفاد فرنسا يوم الخميس السفير بيار دوكان، المكلف من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون متابعة آلية تنفيذ مؤتمر «سيدر»، الى بيروت للبحث مع الرئيس الحريري، ومسؤولين لبنانيين آخرين، في الآليات التنفيذية الضرورية لهذا المؤتمر وسماع إحاطة من الجانب اللبناني حول مسار الإصلاحات الضرورية، وذلك تمهيداً لزيارة يرجح ان يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بعد أسابيع في السياق نفسه وفي الطريق الى محطةٍ منتظرة للرئيس ايمانويل ماكرون وسبق أن تم إرجاؤها.
رصْد مآل مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الذي يُعقد في العاصمة الاردنية تحت شعار «القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين» والذي يتوجّه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري يوم الجمعة الى عمان للمشاركة فيه، ولا سيما في ظل مشاركة سورية التي يتوقع ان يمثّلها رئيس مجلس الشعب السوري حمودة الصباغ، وفي ظل عدم استبعاد صحيفة «النهار» حصول لقاء بين بري والوفد السوري «من دون تصاريح رسمية تجنباً لمزيد من الارتدادات على الداخل اللبناني» في ضوء التشظيات السياسية التي لم تنته لزيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب لدمشق قبيل اول اجتماع لمجلس الوزراء.
(الراي)