الجلسة الأولى للحكومة وما دار فيها من نقاشات حادة، وما واكبها خارج مجلس الوزراء من سجالات سياسية ساخنة، لا توحي كلها بأن الانسجام الحكومي سيكون على المستوى المنشود، لتمكين الحكومة من العبور إلى شاطئ العمل والإنتاج في أسرع فترة ممكنة.
لا يمكن لأحد ادعاء التفرّد بتقرير السياسة العامة للدولة، التي أناطها الدستور بمجلس الوزراء مجتمعاً، في خطوة جسّدت واحدة من أهم الإصلاحات الدستورية المنبثقة من اتفاق الطائف، تفادياً لتكرار تجربة الاستئثار بالسلطة التي كانت سائدة في مرحلة ما قبل الطائف، وتأكيداً لمبدأ المشاركة الوطنية في القرارات المصيرية.
أمام الحكومة، بمكوّناتها المختلفة، مجموعة من المهمات الصعبة، وتكتنفها تحديات معقدة ومتشعبة، ومواجهتها تتطلب التخلي عن عرض العضلات على طاولة مجلس الوزراء، والالتزام بالحد الأدنى من مقتضيات الانتظام والانسجام بين أطراف الحكومة، والتغلب على ما بينهم من تناقضات وخلافات وصراعات!
قد يكون موقف وزير الدفاع الياس بو صعب في مؤتمر ميونيخ حول وحدة الأراضي السورية، ورفض مبدأ إنشاء المناطق الآمنة، مُبرَراً من زاوية التمسّك بوحدة أراضي أي دولة عربية، بغض النظر عن واقعها الراهن، أو نسبة الخلافات مع نظامها السياسي. ولكن ما لم يكن مفهوماً ولا مبرراً تسرّع وزير النازحين صالح غريب في القيام بزيارة دمشق، وإجراء محادثات رسمية، قبل انعقاد أول جلسة عمل للحكومة، وقبل تحديد السياسة التي ستتبعها الدولة في ملف عودة النازحين.
اهتزاز الانسجام الحكومي في الأيام الأولى لانطلاقتها إلى العمل، يعزز حجة المشككين بقدرة الحكومة على تجاوز التناقضات التي تباعد بين مكوناتها، ويهدد بعودة الشلل والعجز للعمل الحكومي.
فهل تعود المتاريس إلى طاولة مجلس الوزراء… أم أن الحكومة ستسلك طريق المعجزات وتحقق بعض الإنجازات؟.