تتجه الانظار الى القمة الروسية – التركية التي تستضيفها موسكو الاسبوع المقبل. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل نظيره التركي رجب طيب أردوغان في 23 كانون الثاني الجاري، في لقاء منتظر سيكون “الملف السوري”، عموما، وواقع الشمال السوري تحديدا، طبقه الرئيسي.
فبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”، سيبحث الزعيمان سبل إعلان منطقة آمنة شمال شرقي سوريا على غرار إدلب. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية هامي أكسوي للصحافيين الجمعة “قمنا في السابق بتبرير الحاجة لتشكيل منطقة عازلة في سوريا لضمان سلامة اللاجئين، ولكن لم يتم قبول اقتراحنا لفترة طويلة، وسنواصل المفاوضات مع الزملاء الروس وبحث هذه القضية التي سيعرضها الرئيسان الروسي والتركي”. وأكد ايضا ان “لا يجوز أن يخدم انسحاب الجيش الأميركي من سوريا قوات الدفاع الذاتي للأكراد” السوريين، مشيرا في الموازاة الى ان “استفزازات الإرهابيين في إدلب، لا يمكن أن تعيق وتفشل تنفيذ الاتفاقيات الروسية – التركية حول التسوية هناك”.
والحال، تضيف المصادر، ان المفاوضات بين اردوغان وبوتين تتسم بأهمية لافتة هذه المرة. فبعد ان تباحث الاول مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مسألة إنشاء المنطقة الآمنة شمالا على ان تكون خاضعة لسيطرة الاتراك، وهو ما لم يعارضه ترامب بل ربطه بشروط أهمّها ضمان سلامة الاكراد فيها وهم حلفاء واشنطن، سيسعى الرئيس التركي الى إقناع شريكه في منصّة أستانة، بوتين، بالموافقة على ذهاب السيطرة على الشمال السوري بعد الانسحاب الاميركي، الى أنقرة.
الا ان مهمّته شاقة، وفق المصادر. فالروس يبدون ميالين الى اعادة هذه المنطقة الى كنف النظام السوري. وقد أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الأربعاء، أن الجيش السوري يجب أن يسيطر على شمال البلاد، وقال “نحن على قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية وقوات الأمن السورية والهياكل الإدارية”.
تجدر الاشارة، الى ان دمشق تعترض بقوة على دخول اي قوات تركية الى اراضيها وتهدد بالتعامل مع خطوة كهذه على انها احتلال. وهي تلتقي في موقفها هذا، مع الاكراد، وقد عبّروا عن رفضهم الاقتراح التركي – الاميركي إقامة “منطقة آمنة” في شمال سوريا، وقال القيادي الكردي الدار خليل لوكالة “فرانس برس” الاربعاء “انه يمكن رسم خط فاصل بين تركيا وشمال سوريا عبر استقدام قوات تابعة للأمم المتحدة لحفظ الامن والسلام او الضغط على تركيا لعدم القيام بمهاجمة مناطقنا، اما الخيارات الأخرى فلا يمكن القبول بها لأنها تمس سيادة سوريا وسيادة إدارتنا الذاتية”.
وبين حرص واشنطن على حماية حلفائها الاكراد واصرار موسكو ايضا على إرضاء حليفتها دمشق، وفي وقت ظهر “داعش” مجددا على الارض وتحرّك ضد الاميركيين في منبج الاربعاء، يبدو ان الخيار المرجّح هو لفرملة عملية الانسحاب الاميركي من الشمال الى الحدود القصوى، الى حين الاتفاق على طبيعة المنطقة الآمنة التي سيتم انشاؤها، مع تقدّم احتمال وضعها في عهدة الاتراك، برضى روسي ولو على حساب دمشق، بعد ان تتعهد لواشنطن بضمان سلامة الاكراد، تختم المصادر.