فعلى بعد 30 كيلومترا من الحدود التركية، تحتل منبج موقعا حساسا على خريطة الصراع السوري إذ تقع قرب نقطة التقاء ثلاث مناطق منفصلة تمثل مجالا للنفوذ التركي والأميركي والروسي، وما يتبعها من قوى محلية.
ووصلت تعزيزات عسكرية تركية مدعومة بعشرات المدرعات والآليات إلى ريف حلب الشمالي، لتنضم إلى فصائل المعارضة التي اتخذت مواقعها في القرى المتاخمة للمدينة.
وتتمركز هذه القوات على تخوم منبج الغربية وعلى طول شريط يبلغ 70 كيلومترا، يمتد من غرب بلدةالعريمة إلى شرق جرابلس ووصولا لضفة نهر الفرات الغربية.
وقال الصحفي في شبكة “فرات بوست” صهيب جابر لسكاي نيوز عربية إن 17 ألفا من فصائل المعارضة أخذوا مواقعهم في البلدات المتاخمة لحدود منبج الإدارية.
وذكر أن نحو 5 آلاف مقاتل إضافي يحتشدون داخل الحدود التركية، وهم من أبناء تل أبيض ورأس العين والمناطق الشمالية الشرقية مثل الحسكة، وهم يتحضرون لإعلان جسم عسكري جديد برعاية تركيا.
وتشارك 3 فيالق مما يعرف بـ”الجبهة الوطنية لتحرير سوريا”، وهو تجمع للفصائل العسكرية السورية المنضوية تحت الراية التركية في الشمال السوري، وتضم العديد من فصائل “الجيش الحر”، أبرزها “فيلق الشام” و”لواء المعتصم” و”أحرار الشرقية” و”تجمع الشرقية”، ومقاتلين محليين كانوا ضمن عمليات غصن الزيتون ودرع الفرات سابقا.
وقال الناشط السوري بهاء الحلبي إن القوات المشاركة بالتعاون مع “الحليف التركي”، اتخذت مواقعها انتظارا لإعلان ساعة الصفر لبدء العملية العسكرية.
ونفى الحلبي ما ما ورد من أنباء عن تراجع في الاستنفار العسكري على جانب القوات المتحالفة مع تركيا.
مناطق سيطرة الأكراد
وفي الجانب المقابل، تسيطر قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المتحالفة معها على مركز مدينة منبج والقرى المحيطة بالكامل، من خطوط التماس المنطقة الممتدة من شمال منبج حتى مدينة الباب غربها.
وتتمركز في هذه المنطقة قوات مجلس منبج العسكري وقوات سوريا الديمقراطية، وقوات حماية الشعب الكردية، وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي (بي واي دي)، وقوات حماية المرأة الكردية وعدد من الفصائل المحلية.
كما ينتشر مقاتلون عرب ضمن فصيلي قوات النخبة التابعة لتيار الغد المعارض برئاسة أحمد الجربا وقوات الصناديد بقيادة شيخ قبيلة شمر حميدي الدهام الهادي الجربا.
وتتواجد في مركز منبج قوات أميركية، تقوم بتسيير دوريات في أنحائها، حيث تحافظ على النظام الأمني هناك منذ هزيمة داعش عام 2016.
الروس والسوريون
وفي بلدة العريمة جنوبي منبج، تتواجد قاعدة عسكرية روسية أتاحت الفرصة لقوات الجيش السوري الانتشار في مناطق قريبة تمثل خطا فاصلا في الغرب والشمال بين الوحدات الكردية ومسلحي المعارضة السورية الذين تدعمهم تركيا.
ودخلت القوات الحكومية السورية بدعوة من وحدات حماية الشعب الكردية التي تخشى أن يفتح رحيل القوات الأميركية الطريق أمام هجوم تركي.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لا يزال الهدوء الحذر يفرض نفسه على منبج، مع استمرار رفع الجاهزية من قبل كل من الفصائل الكردية من جهة، والقوات التركية وفصائل المعارضة المتحالفة معها من جانب آخر، والذين يفصل بينهما قوات النظام التي انتشرت على خطوط التماس بينهما في ريفي منبج الشمالي والغربي، فيما لا تزال القوات الأميركية متواجدة في المدينة ومحيطها، وتسيِّر دورياتها بشكل اعتيادي في المنطقة.
وأثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره سحب قواته من سوريا بعدما أنجزت مهمتها على حد قوله بإلحاق “الهزيمة” بتنظيم داعش، خشية الأكراد من أن يشكل ذلك ضوءاً أخضر لتركيا كي تبدأ هجومها على المدينة.
وعلى مر السنوات الماضية، تغيرت الجهات المسيطرة على المدينة أكثر مرة. فبعدما انتزعتها فصائل المعارضة عام 2012 من سيطرة قوات الحكومة، سيطر عليها تنظيم داعش في عام 2014.
وفي صيف عام 2016، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا من تحرير المدينة من التنظيم المتطرف، وبسطت سيطرتها عليها، فيما تتأهب المدينة الساخنة حاليا لتغيير جديد في موازين القوى قد تحدده معركة يجري الاستعداد لها.