بعد تموضع ازمة التشكيلة ضمن مرحلة الجمود الى ما بعد عطلة رأس السنة، وتوقف الاتصالات والمشاورات بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والأطراف السياسية المعنية بالملف، خصوصاً ان الرئيس المكلف يلتزم الصمت الى حين بروز بوادر حل من المعرقلين، بحسب ما تنقل مصادر تيار المستقبل، التي تعتبر أن الكرة ليست في ملعب بيت الوسط، بل لدى الاطراف الآخرين وهم يعرفون انفسهم لا بل يعرفهم الشعب اللبناني جيداً، لانه يقرأ في السياسة جيداً اكثر من بعض المسؤولين.
الى ذلك، وفي ظل صمت الرئيس المكلف، برز تشاؤم على خط رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي عبّر عن أسفه الشديد للجمود الحاصل في موضوع تشكيل الحكومة، حتى من قبل المعنّيين بالملف الحكومي، مما يزيد من المخاوف خصوصاً على صعيد الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلد، بسبب الانعكاسات السلبية التي تتوالى جرّاء جمود التشكيلة وعدم وصولها الى خواتيمها منذ 7 اشهر.
هذا وتنقل مصادر مواكبة لهذه الازمة أن الانفراج لا يبدو قريباً، لان لا مؤشرات لذلك، خصوصاً ان كل فريق متمّسك بموقفه، وتستبعد ما يردّده البعض بأن الحل سيولد بعد عطلة رأس السنة.
في غضون ذلك، وبعد وصول الوضع الى ما يقارب الانهيار، لا يزال البطريرك الماروني بشارة الراعي يدعو ويكرّر في كل مناسبة، وخلال عظة الاحد الى تشكيل حكومة مصغّرة من الاختصاصيّين، مهمتها تسهيل أمور الناس ونهضة البلد من الانهيار، عبر وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ويلاقي هذا الطرح تأييداً من الخبراء الاقتصاديّين، ومن الأوساط الشعبية التوّاقة الى الانفراج في ظل الازمات المتراكمة من دون أي حل.
وفي هذا الاطار يرى مصدر ديني ان طرح البطريرك الراعي الذي يمثل بكركي هو الحل المناسب، لا بل الوحيد في ظل هذه الظروف الصعبة. معتبراً أن لبنان لم يعد يتحمّل حكومة من 32 وزيراً او اكثر، لان البعض طرح فكرة تشكيلها من 36 وهذا مرفوض، فيما الأفضل تشكيل حكومة من 15 وزيراً، لان جمع بعض الوزارات المتشابهة لا يشكو من شيء، وهو حل إيجابي لان المشكلة الأساسية تكمن في الروتين الإداري.
وتابع المصدر الديني: «من هذا المنطلق نريد حكومة مصغّرة من اختصاصيّين بعيدين عن السياسة، لا يعملون وفق البازارات السياسية، الذين يأتون بجماعاتهم للتوظيف، أي كل وزير ضمن وزارته، لأننا نحتاج الى وزراء يعملون في مجالاتهم حتى ساعات الليل، وليس لمن يريد ان يحظى بالمكاسب الشخصية له فقط، خصوصاً ان لبنان وصل الى الانهيار، ومن خلال الوزراء الاختصاصيّين سننقذ البلد».
وعن إمكانية تنفيذ هذا الحل، أشار المصدر الديني الى ان من طرح هذه الفكرة، وفي مقدمهم البطريرك الراعي انطلق من المنطق. لكن للأسف هنالك صعوبة في تنفيذ هذا الطرح لان اغلبية السياسيّين يريدون تحقيق أهدافهم، مما جعلنا نعيش ضمن ازمة أخلاقية، أي اننا نحتاج الى الاخلاق والمناقبية لدى بعض السياسيّين.
وعن رأيه في صمت الشعب اللبناني وعدم ثورته على المسؤولين، ابدى المصدر آسفه الشديد للأوضاع التي وصل اليها لبنان، وقال: «كأننا لا نعيش في وطن، لان لا احد يسأل عن هذا الشعب الذي اصبح مأسوراً وصامتاً، فحتى لو شارك في التظاهرات يرسلون له المندسين، الذي يمعنون خراباً وتكسيراً لتشويه صورة التظاهر المطالبة بتأمين ابسط سبل العيش الكريم».
وحول قراءته المستقبلية لوضع البلد، اعتبر أن الوضع صعب وهو الى تفاقم، في حال لم يستدرك السياسيون الأسوأ. لذا نقول لهم :» لم يفت الآوان بعد وعليكم التحرّك سريعاً لإنقاذ ما تبقى». كما ندعو الشعب الى التحرّك لانه مسؤول ايضاً، وعليه ان يطالب بحقوقه وينزل الى الشارع، ضمن تظاهرات منظّمة تحافظ على الامن بصورة خاصة لكي تنجح، وليس كما حصل يوم الاحد الماضي. (الديار)