رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، انه “ليس هناك الا ثقافة السلام التي تحقق الانتشار والتلاقي بين الامم والشعوب، من هنا كانت دعوتي لما يعزز هذه الثقافة، لان من دون تعزيزها بين مختلف الاعراق والاديان لا يمكن حفظ السلام وتعميم المحبة بين البشر”. من جهة ثانية، اكد الرئيس عون ان “ثمة مشاريع كثيرة في مصلحة البلد سنبدأ بها فورا بعد تشكيل الحكومة الجديدة”.
سفير السلام العالمي
مواقف الرئيس عون جاءت خلال لقاءاته قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا التي استهلها بسفير السلام العالمي رئيس جمعية “فن الحياة” السيد غورودف شري شري رافي شانكر على رأس وفد، ضم، السادة غاوتام فيغ، كريشنا ساستري، فيليبو سبالشيارو والدكتور لويس صليبا، قدم له دعوة لزيارة الهند لحضور لقاء ثقافي واسع سيتم تنظيمه العام 2021 على غرار اللقاء الذي عقد العام 2016 بحضور حوالى 3,75 مليون شخص من 150 دولة من بينهم لبنان.
وتم في خلال اللقاء عرض سبل تمكين الشباب اللبناني وتعزيز الحوار وحل النزاعات ونشر السلام ومعالجة مشكلة اللاجئين في العالم.
شانكر
في مستهل اللقاء، تحدث السيد شانكر شاكرا الرئيس عون على استقباله والوفد، مؤكدا أن برنامج زيارته للبنان “متنوع وجامع ويشهد نجاحا”، مشيدا ب”جهود الرئيس عون من أجل تعزيز الحوار بين الحضارات والاديان”، مقدرا “ما يبذله للجمع بين الناس من مختلف الاديان والاعراق بهدف الوصول الى عالم أفضل”.
وأكد أن “ما تقوم به الجمعية يهدف بصورة اساسية الى تأسيس مراكز ووضع برامج لنشر السعادة والسلام الداخلي، لا سيما في صفوف الشباب، بعيدا عن الاعتداءات والانهيار العصبي”، وقال: “لدينا كل التقنيات والتكنولوجيا المتاحة، ونود ان نتشاطرها مع شباب لبنان كما نعمل ايضا في السجون حول العالم ويستفيد حوالى 800 الف سجين من برامجنا”.
ولفت الى ان الوفد “يعمل بشكل خاص على برنامج للاجئين بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي، خصوصا في منطقة طرابلس، وكذلك في مخيمات اللاجئين في الاردن لنشر السلام في نفوسهم وجعلهم ينسون كل المآسي والصدمات التي مروا بها، فينظروا الى الحياة بعين جديدة من الامل”، معربا عن رغبته ب”أن يتم إعداد أكبر عدد من المدربين في لبنان من جميع المجتمعات لكي يتشاطروا تجربة السعادة والتخلص من الكراهية مع أكبر عدد من الناس. فقط من يشعر بالسلام والسعادة بامكانه ان يعطيهما للاخرين”، ولفت الى ان “الهند هي منطقة المهاتما غاندي وتدعو الى عالم واحد خال من العنف يشكل عائلة متحدة”.
رئيس الجمهورية
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، متمنيا أن تكون زيارته للبنان مثمرة، لافتا الى أن “المجتمع اللبناني شبيه بمجتمع الهند بتعددية الثقافات والاديان فيه”، وقال: “ان الفقر والبؤس يشجعان الجريمة التي تودي بمرتكبيها الى السجن”، معتبرا ان “تشجيع اللاجئين على العودة الى بلدانهم ومنازلهم، يمثل الحل الافضل لهم، لا سيما وان تعليمهم سيكون اسهل وكذلك الامر بالنسبة لتحضيرهم للثقافة الانسانية”.
وقال: “ان اللاجئين لم يكن ليلجأوا الا بفعل الحروب التي نتجت عن ادعاء مؤسسات دولية انها تشكلت لحفظ السلام كهيئة الامم التي تأسست العام 1925 تحت شعار اقامة السلام في العالم على سبيل المثال، فاشعلت الحروب عوضا عن ذلك. وفيما وضعت شرعة الامم المتحدة للمحافظة على حقوق الانسان والسلام، لا زلنا نلاحظ امتداد رقعة الحروب واتساعها. وها نحن اليوم نشهد المرحلة الثالثة منها، وهي حروب الارهاب التي بدأت باسم محاربته واقامة الحرية والسلام والديموقراطية وتوسعت من دون ان تنهي حالة الحروب او الارهاب”.
وتابع الرئيس عون: “لقد تبين ان المؤسسات تبحث القضايا ولكنها لا تؤمن تعايش المجتمعات، وليس هناك الا ثقافة السلام التي تحقق الانتشار والتلاقي بين الامم والشعوب. من هنا كانت دعوتي لما يعزز هذه الثقافة بين مختلف الاعراق والاديان لانه من دون ذلك لا يمكن حفظ السلام وتعميم المحبة بين البشر، ذلك ان الانسان قد يحب من يتعرف عليه ولكنه قد يبقى خائفا ممن لا يعرفه. وسيكون بامكاننا من خلال اعتماد المشروع الذي اقترحناه مساعدة كل دعاة السلام والمحبة والسعادة للبشر”.
وختم رئيس الجمهورية مؤكدا ان “ما تعمل عليه الهند يتلاقى مع ما نقوم به في لبنان”، متمنيا ان “تتلاقى المؤسسات ايضا التي تعمل من اجل السلام الحقيقي”، لافتا الى اطلاعه على “الثقافة الهندوسية المسالمة القريبة من الثقافة اللبنانية وتقديره لها”.
وفد جمعية الطاقات الشبابية للتنمية
واستقبل رئيس الجمهورية بحضور رئيس لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب النائب سيمون ابي رميا، وفدا من جمعية الطاقات الشبابية للتنمية، وذلك ضمن برنامج عمل الجمعية واطلاق مشروع “لقاء مع قدوة” الذي يهدف الى ترسيخ الشباب اللبناني في وطنهم”.
ابي رميا
في مستهل اللقاء، تحدث النائب ابي رميا، فاعتبر ان “مستقبل لبنان قائم على مرتكزين اثنين، الاول وهو الامل بشباب لبنان الزاخر بنموذج مؤمن به ويبذل كل ما باستطاعته من اجله، اما الامل الثاني فيتمثل برئيس الجمهورية الذي نثق اننا قادرون في عهده على الوصول الى لبنان السيد الحر المستقل والعادل وبدولة القانون والمؤسسات”.
وتوجه ابي رميا الى الرئيس رئيس الجمهورية، بالقول: “كلنا طاقة وشباب للبنان واملنا ان نحقق التنمية في عهدكم”.
رئيس الجمهورية
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، معتبرا ان “الشباب اللبناني هم امل المستقبل”، مؤكدا حرصه على “العمل على ان ينعم لبنان بالازدهار فيحافظ على شبابه في ارضهم ونعيد تكوين لبنان الذي حلمنا واياكم به”.
واوضح ان “ثمة مشاريع كثيرة لمصلحة البلد سنبدأ بها فورا بعد تشكيل الحكومة الجديدة لاعادة الانماء وخلق فرص عمل للشباب”، مشيرا الى أنه “حيث توجد الارادة نجد الوسيلة”، مؤكدا أن “علينا عدم الاستسلام لليأس”، كاشفا عن “أهمية الرجاء والامل، ما يشجع الشباب على الابتعاد عن اليأس”، مؤكدا أن “لبنان سيزدهر، ما يتيح أكثر المجال لخلق فرص عمل للشباب، لا سيما للمتخرجين منهم من الجامعات”.
وشدد الرئيس عون على أن “الهجرة لها ايجابيات على الصعيد الاقتصادي، لكن لا يجب أن تشكل بديلا عن الوطن وعن المجتمع اللبناني وبيئته، فلبنان هو عقل للشرق وقلب للغرب. وانا أرى أن المجتمع اللبناني هو الافضل، لا سيما بالنسبة للالفة والتقارب بين الاشخاص”.
واكد انه “اصبح لدينا اليوم تجربة جديدة اتاحت لنا معرفة كل مكامن الفساد الموجودة في الدولة، لذلك اكتملت الآلية التي ستستعمل لإصلاح البلد. وليس هناك أي شيء محرم على رئيس الجمهورية او من الممكن أن يعيقه عن استكمال مسيرة مكافحة الفساد، وهذا وعدي لكم، وقد تأخر تنفيذه بسبب عدم تشكيل الحكومة”. وقال: “اليوم هناك العديد من المشاريع الاقتصادية، كما ان هناك إنجازات على الصعيد القضائي والامني، لا سيما في مجال مكافحة الارهاب والقضاء على الارهابيين، كذلك في ما يتعلق بمكافحة جرائم الخطف والسرق”، واكد أن “مؤسسات الدولة في طور النهوض، لكن حل المشكلة الاقتصادية يتطلب وقتا، خصوصا انها جاءت نتيجة تراكمات وتأثرا بالازمات العالمية”.
إشارة الى أن جمعية الطاقات الشبابية للتنمية تعمل على تأمين فرص عمل للشباب من خلال بناء قدراتهم الحياتية عبر محاضرات متخصصة للدخول في سوق العمل وإنشاء مؤسسات صغيرة، إضافة الى إنشاء دليل للوظائف تسهيلا لتوظيف الشباب.
وديع الخازن
الى ذلك، عرض الرئيس عون مع رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، الاوضاع العامة في البلاد والتطورات السياسية والمستجدات الحكومية.
وبعد اللقاء، اوضح الخازن انه لمس لدى فخامة الرئيس “تبرما من التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة في ظل اوضاع اقتصادية ومعيشية مقلقة”، مؤكدا ان “فخامة الرئيس حريص على انصاف مفهوم الوحدة الوطنية في تعامله مع ازمة تشكيل الحكومة التي طالت اكثر مما يجب، والتي باتت تهدد سلامة الحياة المعيشية، وما يمكن ان تجره من مخاطر على امن جميع المواطنين التواقين الى الخروج من هذه الدوامة المقلقة”، محذرا من “ترك الازمة المستفحلة تتفاعل على مستقبل البلاد، وخشيته على مصير المساعدات التي اقرت في مؤتمر “سيدر” والتي يمكن ان تتحول بعد رأس السنة الى دول بحاجة اليها”.
اضاف: “وفهمت من فخامة الرئيس، انه مستمر في المشاورات التي يقوم بها لانضاج حل سريع يؤدي الى تشكيل حكومة منقذة تعيد عجلة العمل الى المؤسسات. ويبقى القول انه من الواجب دعم توجهات رئيس الجمهورية وتسهيل مهمته، مع الرئيس المكلف سعد الحريري، وصولا الى حكومة جامعة ترسخ وحدة البلاد قطعا لدابر الفتنة ومشاريع التوطين. فاذا كنا في الماضي قد فوتنا فرصا ضائعة وكثيرة لانقاذ لبنان ولم نغتنم هذه الفرصة الثمينة التي نحظى بها اليوم، فاننا نكون قد حكمنا على انفسنا باننا شعب لا يستحق ان ينعم بوطن كلبنان”.