كتبت صحيفة “المستقبل” تقول: بجرعة تفاؤل أحوج ما يكون إليها اللبنانيون في مرحلة التصحّر المؤسساتي والتصخّر السياسي التي يمر بها البلد تحت تأثير جرعات التعطيل والعراقيل المستمرة تسلطاً على السلطة والدستور، جاء كلام رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري من لندن بالأمس ليعيد رفع منسوب الأمل بقرب انتهاء “ماراتون” التأليف بعدما بلغ “المائة متر الأخيرة”، معرباً عن ثقته بالقدرة على حل “العقدة” الأخيرة التي تؤخر ولادة التشكيلة الائتلافية المُرتقبة تمهيداً لتسريع الخطى على الطريق نحو النهوض الاقتصادي والبنيوي والاجتماعي. وبانتظار الحل، شدد الرئيس المكلّف على أنه “رجل صبور والبعض لا يعجبه هذا الأمر”، لكنه لن يقبل بأن يقدّم التنازلات “كل الوقت”، حاصراً إقدامه على أي تنازل فقط بمعيار وحيد هو تحقيق “مصلحة البلد وإذا تأخرنا في تشكيل الحكومة فلأنني لم أشعر أنّ ما يُطلب مني يصب في مصلحة البلد بل على العكس هو أمر سيّئ والآن نحاول حل هذه المسألة”.
وفي الحوار الذي أجراه أمس في مركز “شاتهام هاوس” في لندن تحت عنوان “لبنان رؤية نحو المستقبل”، تطرق الحريري إلى مختلف العناوين والتحديات المطروحة سياسياً واقتصادياً وإقليمياً، فأعرب بدايةً عن أمله في تحسّن الأوضاع الاقتصادية بعد تأليف الحكومة “لأن الجميع يعي أن الحاجة إلى الاستقرار والنمو الاقتصادي أهم من أي أجندة سياسية”، خصوصاً أنه مع تشكيل الحكومة “سيتم حل الكثير من المشاكل لأنه باتت لدينا الآن استراتيجية لحلها”، وفي مقدمها مقررات مؤتمر “سيدر” وورشة مشاريعه الهادفة إلى النهوض بالاقتصاد الوطني وتطوير البنى التحتية وخلق فرص العمل استعداداً للمرحلة المقبلة في المنطقة.
وإذ لفت الانتباه إلى أنّ لبنان “لا يتحمل أن يبقى من دون حكومة تستطيع أن تحميه من الاضطرابات الإقليمية ومن الانهيار الاقتصادي”، أوضح الحريري أنّ البلد “يعيش اليوم في منطقة صعبة جداً ومعقدة للغاية وعلينا أن نعمل جاهدين من أجل أن نتفادى توسّع النزاعات في سوريا لكي لا تصل إلى لبنان وأن نتفادى التصعيد الذي يبدو أن حكومة نتنياهو مصرّة عليه”، مؤكداً أهمية تسلح لبنان بسياسة “النأي بالنفس” التي ستجدد الحكومة المقبلة التمسك بها في مواجهة النزاعات الإقليمية، وبالقرار الدولي “1701” في وجه الخروقات والتهديدات الإٍسرايئلية.
أما عن قضية “الأنفاق” التي أثارتها إسرائيل في معرض تحريضها المجتمع الدولي ضد لبنان، فذكّر رئيس الحكومة المكلّف بالانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للسيادة اللبنانية وباستمرار احتلال مزارع شبعا وكفرشوبا، وقال: “نحن في الحكومة نرى أنه يجب تطبيق القرار 1701 بحذافيره ولن نقبل أي شيء سوى ذلك، وبالنسبة للأنفاق فإنّ الجيش اللبناني سوف يعالج هذه المسألة ونقطة على السطر”.
ورداً على سؤال، أعاد الحريري التأكيد على كون مسألة “حزب الله” إنما هي “إقليمية – إيرانية وليست مسألة لبنانية”، واضعاً أطر حلها في إطار “حل مشاكل المنطقة”، مع إشارته في المقابل إلى مسؤولية بنيامين نتنياهو في تقويض مبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة العام 2002 ورفضه المستمر للتوصل إلى سلام في المنطقة، غير أنه في الوقت عينه استبعد حصول أي مواجهات في الجنوب “فلا أحد يريد الحرب في لبنان وهذه هي الرسالة التي أوصلناها إلى الأميركيين وإلى الجميع