دخل رئيس الجمهورية ميشال عون “مباشرة” أمس، على جبهَتي “الأزمتين” اللبنانيتين المستعصيتين: الداخلية المتمثلة في مسار تأليف الحكومة “المُعقَّد” منذ أكثر من مئتي يوم، والحدودية الجنوبية المتمثلة في “الأنفاق” العابرة للحدود، التي زعمت إسرائيل أن “حزب الله” حفرها للتسلل إلى أراضيها، وأطلقت لإحباطها عملية “درع الشمال” العسكرية.
داخلياً، أطلق عون مبادرة “لازم تنجح”، مُحذراً من أن عدم نجاحها سيفضي إلى “كارثة”. وحدودياً، كشف أن لبنان تبلَّغ، عبر الولايات المتحدة، رسالة مفادها أن “لا نيّات عدوانية” لدى إسرائيل تجاه لبنان، وقال: “نحن أيضاً ليس لدينا نيّات عدوانية”، وتالياً “لا خطر على السلام”.
وقال عون، في مؤتمر صحافي أمس، إن “موضوع الحكومة تعثَّر، وصار هناك عجز عن معالجته بالطريقة التقليدية بين رئيس الوزراء (المكلف سعد الحريري) وبقية الأطراف، ووجدنا من الواجب أن نأخذ المبادرة حتى نوفِّق بين الجميع ونؤلف الحكومة” وأضاف: “الأخطار أكبر من أن نستطيع تحمّلها. لن نكررها الآن، ولكن أنتم تقدّرون ما هي… نحن نقوم بمبادرة لكي تنجح، ولازم أن تنجح، لأنها إذا لم تنجح فهناك كارثة… لنحكيها بكل صراحة؛ وهذا سبب تدخلي، وستنجح”.
أوساط وزارية مقرّبة من الرئاسة الأولى، أعرب لـ”السياسة” عن تفاؤلها بالمبادرة الرئاسية، التي ستشمل مشاورات مكثفة مع القيادات السياسية، سعياً لإزالة عراقيل تأليف الحكومة، مشددة على أن “أوضاع البلد باتت تقتضي النظر إلى الموضوع الحكومي على أنه أولوية لا يمكن التغاضي عنها؛ وهذا ما يركّز عليه رئيس الجمهورية، ويدعو جميع الفرقاء إلى التعامل على هذا الأساس”.
وإذ رحبت مصادر مقربة من “تيار المستقبل” بالمبادرة، إلا أنها أكدت لـ”السياسة”، أن “مفتاح نجاحها بيد (حزب الله) الذي يعرقل التأليف، ويأسر التشكيلة الحكومية، والكرة في ملعب الحزب، الذي عليه أن يراجع حساباته، ويتطلع إلى مصلحة البلد والناس، قبل مصلحة حلفائه”، مُكررةً أن الرئيس المكلف “لن يتراجع عن ثوابته”.
في المقابل، أكد النائب الوليد سكرية مجدداً، أن “اللقاء التشاوري” مُصرٌّ على أن يتمثل في الحكومة المقبلة بوزير من نوّابه السِّتَّة، وأن يكون “وزيراً مستقلاً، لا من حصّة رئيس الجمهورية”. وقال: “يستطيع الرئيس عون إخراج البلد من الأزمة، والوصول إلى حل لتأليف الحكومة، اعتماداً على وحدة المعيار؛ فالتشكيل قائم على أساس المحاصصة الطائفية، أي أن كل طائفة عَيَّنت وزراءها، وبالتالي على السُّنَّة أن يختاروا وزراءهم، لا أن يحتكر تمثيلهم تيار المستقبل”.
وفي شأن الأزمة المستجدة على الحدود الجنوبية، طمأن الرئيس عون قائلاً: “أبلغتنا إسرائيل، بواسطة الولايات المتحدة، أنها ليست لديها نيّات عدوانية من عملية (درع الشمال)”. وأضاف: “ونحن ليست لدينا نيّات عدوانية، ولا خطر على السلام بالتالي”. لكنه أوضح: “يجب أن نتخذ بعض التدابير لإزالة أسباب الخلاف، ونحن مستعدون للأمر، ولكن بعد الحصول على تقرير نهائي للتحقيقات”.
(السياسة)