ونقل موقع “غلوب بوست” الأميركي عن مصادر وصفها بالاستخباراتية، قولها إن “الإيرانيين طوروا شبكة تمر عبر البلقان، وحولوا دولا مثل بلغاريا إلى قواعد لوجستية”.
وفي حين جرى الكشف عن العديد من الخطط الإيرانية والأنشطة السرية في فرنسا وألمانيا والنمسا والدول الإسكندنافية، فإن الوجود الإيراني في البلقان يبقى خارج التركيز قليلا.
منصة لوجستية
وذكر التقرير أن منطقة البلقان باتت محل اهتمام كبير لإيران، التي تعتبرها منصة لوجستية هادئة في منطقة تمثل بداية جسر مهم إلى أوروبا، بعيدا عن أعين وكالات الاستخبارات، مع تراخي الأمن في هذه البلدان وضعف المؤسسات وتفشي الفساد.
وقال التقرير: “في هذه البيئة تنفذ إيران أنشطتها عبر موظفي السفارة وعملاء حزب الله النشطين”.
وأبرز مثال على هذه الفجوة الأمنية في البلقان، الهجوم الذي وقع عام 2012 في بورغاس ببلغاريا، عندما نفذ أحد عملاء حزب الله هجومً انتحاريا على حافلة كانت تقل سياحا إسرائيليين، مما أسفر عن مقتل 5 منهم وسائق الحافلة البلغاري، وأصيب 32 آخر من المصطافين الإسرائيليين.
ويستخدم عملاء حزب الله وثائق إيرانية، أو يسافرون باستخدام جوازات سفر غربية إلى المنطقة وخارجها، وهو ما حدث في تفجير الحافلة، حيث كان الجناة يحملون وثائق هوية أسترالية وكندية.
ويمكن لبلد مثل بلغاريا، أن يوضح التحول الذي طرأ على أنشطة حزب الله، فقبل 5 سنوات كان عملاء الميليشيا الإيرانية يتصرفون بهدوء لتجنب التدقيق الأمني ولم يستهدفوا بلغاريا مباشرة، لكن هجوم الحافلة عام 2012 مثل نقطة تحول.
واعتبر التقرير أن الاعتداءات الإيرانية ليست جديدة في البلقان، فهجوم عام 2011 على السفارة الأميركية في البوسنة الذي نفذه الصربي ميفليد غاسارفيتش، بمساعدة من شركائه الذين كانوا يتجمعون فيما عرف بـ”قرية الجهاديين” البوسنية في غورانيا موكا، أظهر نطاق ومدى وصول الشبكات الإيرانية على الأرض، وكذلك روابطهم بمختلف المجموعات المتشددة في البوسنة.
عمليات معقدة
وأظهرت المؤامرة لتفجير مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس الصيف الماضي، والاعتقالات الأخيرة في السويد المتعلقة بهجوم تم إحباطه في الدنمارك، مدى تعقيد العمليات الإيرانية ونطاقها، كما تظهر دور النشطاء الإيرانيين تحت غطاء دبلوماسي متمركز في عواصم أوروبية مختلفة.
وتشير هذه الحوادث إلى أن الإيرانيين إما يقومون بتوسيع شبكتهم، أو أنهم ببساطة نشّطوا شبكة قائمة بالفعل مرتبطة بالبلقان، في صورة خدمات لوجستية لهذه العمليات.
وتؤكد مصادر استخباراتية للموقع الأميركي وجود شبكات تابعة لحزب الله في 3 على الأقل من أكبر المدن البلغارية وأكثرها اكتظاظا بالسكان، لا سيما في العاصمة صوفيا، وبلوفديف، وفارنا على البحر الأسود.
ووفقا لمصادر بين الجالية اللبنانية في بلغاريا، فإن نشطاء حزب الله هم الأكثر تحركا في العاصمة، وفي فارنا، بينما يعبر بعضهم الحدود مع صربيا بشكل روتيني كسائحين أو تحت غطاء رسمي.
وفي صربيا، يجمع عملاء إيران وحزب الله معلومات تتعلق بالبنية التحتية والمباني الإدارية وأي شيء آخر ذي صلة بالمجتمع اليهودي، ومصالح الأعمال الإسرائيلية في البلقان.
ووفقا لمصادر من مجتمع الاستخبارات البلغاري، فإن الاستخبارات الإيرانية تدير أصولا في مقدونيا وكوسوفو، رغم أن إيران لم تعترف رسميا بكوسوفو كدولة مستقلة.
وفي صوفيا، على سبيل المثال، يملك حزب الله مكانين محددين على الأقل للاجتماعات، حيث تتم مناقشة مواضيع تتراوح من التخطيط للأنشطة المختلفة إلى تعزيز الاتصالات مع القوى السياسية المحلية، وفقا للبناني مقيم في بلغاريا كان قد شارك سابقا في أنشطة الحزب التنظيمية.
ويدفع جميع رجال الأعمال البارزين الذين يدعمون حزب الله ضرائب شهرية، لتطوير وتعزيز شبكة المصالح المرتبطة بالميليشيا الإرهابية.
وقال المصدر الاستخباراتي للموقع: “الجهد الشبحي المتواصل الذي تقوم به إيران يستفيد من عدم وجود عبء تاريخي في علاقتها مع المجتمعات المحلية، على عكس النفوذين الروسي والتركي المتنافسين بوضوح في المنطقة”.