إلى أنطون…
شابٌ ماروني لبناني عربي.
إنقسم الموارنةُ منذ زمنٍ بعيد حول معادلةٍ قد تكون سبباً معاصِراً لتراجعِهم اليوم:
• فريقٌ اعتبر لبنان وطن الموارنة والمسيحيين، «وطنٌ ملجأٌ لمسيحيّي المنطقة»، وأنّ الدولة اللبنانية وُجدت من أجلهم؛
وهذا الفريق سرعان ما ينتهي إلى القول إنّ «لبنان من دون مسيحيين ليس لبنان».
• وفريقٌ اعتبر أنّ الموارنة نذروا أنفسَهم للبنان، وأنّ التنوّع الإسلامي- المسيحي هو سرُّ وجودِ هذا الوطن.
يعتبر هذا الفريق أنّ الوحدة الداخلية هي المرادفُ الموضوعيّ للحرية والاستقلال، وفي حال انكسارِها، تنكسر الحريةُ والسيادة، وينكسر معهما الاستقلال.
تداول الفريقان السلطة والنفوذ في الوسط المسيحي وفقاً لمراحلَ حكمتها وتحكمها غالباً التقلّباتُ الاقليمية.
في لحظاتِ الخوف على المستقبل والمصير، يتفوّق الفريقُ الأول وينتشر داخل الطائفة مثل النار في الهشيم، داعياً أهل الطائفة إلى التنبّه لأخطار الشريك الداخلي ورغبته الدائمة بإلغاء ميزة لبنان المتنوّعة.
وفي لحظة الأمل، يتفوّق الفريقُ الثاني الذي يُبرز المساحات المشترَكة مع الشريك الداخلي، وكيف أنّ علاقة المسيحيين مع العالم العربي تعود بالخير على لبنان عموماً وعلى المسيحيين خصوصاً.
ويصبح الشريكُ الداخلي مصدرَ غنى اجتماعي وثقافي، ورافعةً سياسية ووطنية.
من مصادفات الحياة، أنني عشتُ تجربة الفريقين، وكان لي الحظُّ أن أكون في صلب الحياة السياسية.
لقد عشتُ تجربة «قرنة شهوان» التي عملت على نقل مطلبها بانسحاب الجيش السوري، من مطلبٍ مسيحيٍّ إلى مطلبٍ وطنيّ. وعشتُ نجاح هذه التجربة وروعة الوحدة الداخلية التي تجلّت يوم 14 آذار 2005.
ولكنّي عشتُ أيضاً تجربة الانكفاء على الذات وتغليب مبدأ «وحدة الطائفة» على حساب وحدة لبنان، ولمستُ كما لمَس كثيرون معي، تدنّي الذات المسيحية السياسية إلى الأرض، حتى بعد وصول «الزعيم الماروني» إلى رئاسة الجمهورية.
لقد أخرجَنا سمير فرنجية، رحمه الله، من مربّعنا الطائفي إلى رحابِ العمل الوطني، فأخرجْنا لبنان من سجنه الكبير وزعماءَ الموارنة من سجونِهم الصغيرة.
أمّا اليوم، فعاد بنا زعماؤُنا إلى المربّع الطائفي، وانهار الهيكلُ على رؤوسنا جميعاً.
أليومَ، ألرجلُ القويُّ هو السيد حسن نصرالله. والحزبُ الحاكم هو «حزب الله».
رسالتي إلى الجيل الماروني الصاعد،
خُلِقَ الموارنةُ من أجل لبنان، فلبنان ليس للموارنة بل هم له. وهم مؤتمَنون على أنفسهم ومؤتمَنون أيضاً على المسلمين اللبنانيين.
عودوا إلى مساحة لبنان والعالم العربي والعالم. اجعلوا من حدود طموحاتكم الشمس، وليس هذا الزعيم أو ذاك الحزب!