إفتتحت المديرية العامة للأمن العام أعمال مؤتمر “اندحار الارهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الإفريقية”، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وحضورالنائب محمد خواجة ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب سمير الجسر ممثلا الرئيس المكلف سعد الحريري، وسفراء وشخصيات عسكرية وأمنية ومدعوين.
وألقى اللواء ابراهيم كلمة قال فيها: “قبل البدء بالحديث عن المؤتمر واهدافه، لا بد من إلقاء الضوء على منطقة عزيزة على كل لبناني في الوطن والمهجر،ألا وهي القارة الأفريقية. كانت طلائع الهجرة الاولى الى دولة السنغال في العام 1870 ثم توزع اللبنانيون على معظم دول القارة وتميزوا بالمستوى العالي من الاندماج الانساني في المجتمعات الأفريقية نتيجة للعوامل الاقتصادية والثقافية والتعليمية واقاموا اعمالا تجارية ومشروعات صناعية وتعهدات البناء وشركات الانتاج والخدمات الفنية والاستشارية والاتصالات والنقل والمواصلات. حتى وصلت قيمة استثمارات الجالية اللبنانية هناك الى ما يقارب 45 مليار دولار اميركي. من هنا اوجه الشكر الكبير لكل المسؤولين في هذه الدول على استضافتهم الكريمة للبنانيين”.
أضاف: “مقاربة ملف اندحار الارهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الافريقية في المؤتمر الذي يجمعنا اليوم تمثل التزاما نبيلا منا جميعا بغض النظر عن الوضع الاقتصادي او الاجتماعي او ما شابه. الارهاب عدو مشترك بين الآدميين باعتبارهم بشرا متساوين في الحق في حياة كريمة، مستقرة وآمنة. عليه فإن المجتمع الدولي برمته مدعو الى التوقف عن توجيه التعليمات عن بعد والتحول نحو الانخراط الجدي وبالتساوي في المعركة المفتوحة التي ان لم نربحها سيخسر العالم كله وليس أمة بعينها او دولة بمفردها. وهذا العالم مدعو الى التفهم أن الإرهاب المنتقل الى دول قارة افريقيا ليس خطرا مقطوع الصلة عن العالم انما هو تهديد مميت للسلام والتنمية في العالم اجمع. وصحيح ان الواقع الافريقي يحمل الكثير من الأزمات والمشكلات التي توفر بيئة خصبة لنمو الأفكار المتطرفة وانتقالها بين مناطق مختلفة من القارة بل يسمح بالتعاون وتبادل الدعم بين الجماعات الارهابية. وكما ان الموقع الجغرافي لهذه الدول قد ساعد على تحويل اراضيها فناء خلفيا للعديد من الجماعات الإرهابية التي استقرت في الشمال الأفريقي ومع تطورها بحثت عن حلفاء واتباع في الشرق والساحل والغرب الأفريقي فنقلت افكارها وادوات عملها الى القارة كلها حتى استوطنت فيها جماعات ارهابية تحمل اسماء مختلفة”.
ولفت اللواء ابراهيم الى أن “ثمة نقاطا عدة توجب التوقف عندها مليا لتحديد اسباب انتشار الارهاب في افريقيا كما في كل العالم واهمها: بدء اندثار الجماعات الإرهابية من الشرق الاوسط بعد صراع مرير امتد لسنوات والتغير النوعي في طبيعة انشطة الجماعات الارهابية التي اصبحت عابرة لحدود الدول والقارات ونجاح الحركات الارهابية في توظيف الصناعة الالكترونية في خدمة اغراضها الارهابية على مستويات التجنيد والاعلام والخرق والتدريب”.
وقال: “عدا عن ذلك، لا بد من التنبه الى استحالة عزل تمدد تلك الجماعات الارهابية عن عوامل التهميش السياسي والاقتصادي والصراعات القبلية والاثنية في كثير من الدول الافريقية التي صار فيها ما يمكنني ان أسميه “الارهاب الهجين” الذي يتشكل من هيمنة قبلية مع جريمة منظمة وبما يعكس تشابك العنف الديني مع التطرف القبلي. وهذا الارهاب الهجين يصل قواه من استغلال الدين والهوية لتحقيق اهداف الارهابيين وهو ما يجب العمل على دحض رواياتهم واول ما يفترض القيام به “تلازم الارادة السياسية مع الادارة الأمنية”.
وتابع: “من خلال عملي لسنوات طويلة في مكافحة الارهاب، وعلى الرغم من الفخر بما حققناه بالرغم من القدرات والامكانات التي بذلت، ظل هناك سؤال ملح يواجهنا ويقض مضاجعنا هو لماذا يزداد الارهاب انتشارا وتعقيدا؟ والوحش الارهابي كانت اولى محطاته في ربوع وطني وتحديدا شمال البلاد اذ سقط لنا رفاق نعتز بهم وبعائلاتهم وكان ان تصدينا بحزم وعزم لا يعرفان المهادنة، لكن الاتجاهات الاساسية للارهاب بقيت مثيرة للقلق اذ لطالما نجح لاحقا في احتلال بعض من اراضينا على حدودنا الشرقية على اثر بدء الاحداث في سوريا ناهيك عن نجاحه في توجيه ضربات موجعة في الداخل ما حصد عشرات الأرواح. كما ازدادت هجمته كما ونوعا الى ان كانت عملية فجر الجرود التي حررت الارض واعادت السيادة. ونحن نجحنا في الأمن العام وعبر الأمن الإستباقي في احباط عشرات الهجمات الدامية التي كان لبعضها لو نجح ان يتسبب في نوع من الحروب الاهلية ولاحقا اعتمدنا الأمن الوقائي من خلال تتبع شبكات التطرف عملانيا وعبر شبكات التواصل الالكتروني وكل ذلك تحت سقف القانون وضمان الحريات العامة والخاصة. لقد طورنا مهارات وخبرات هائلة بإمكانات متواضعة جدا وهي لا تزال في استراتيجية مكافحة الارهاب. ولكن بالرغم من كل النجاحات ومعلوماتنا تؤشر الى ان هذا الارهاب ما زال قادرا على التسلح وحيازة التقنيات واستخدام منصات التواصل الالكتروني لتجنيد مقاتلين وانتحاريين وزرع الأفكار المتطرفة والعنيفة وهو ايضا قادر على شن هجمات بأسلحة سهلة متوفرة اذا صح التعبير كمثل عمليات الدهس وغيره. وما أقوله في هذا الصدد هو للتنبيه والحديث عن ضرورة التعاون الدولي في مجال تبادل التقنيات والمعلومات الإستخبارية ناهيك عن موجب مبادرة الدول ذات الامكانات التسليحية والمهارات التدريبية دعم الدول المتواضعة الامكانات”.
وشدد اللواء ابراهيم ان “ما وصل اليه العالم كله في مواجهة الارهاب لم يعد يجدي معه الحد من الارهاب بل يجب الانتقال الى مرحلة مهاجمة الارهاب وتعطيله اين وحيثما تواجد، وان مهاجمة الارهاب في اوكاره وملاحقته ضرورتان لا نقاش فيهما لكن وحدهما لا تفيان بالغرض لأن المطلوب هو العمل على:
– منع انتقال الإرهابيين.
– قطع اوصالهم وخطوط تواصلهم وامداداتهم.
– وجوب حرمانهم من مواردهم التي تعزز ايديولوجياتهم وبعض هذه الموارد تقف وراءها جهات وليس افرادا.
– اعتماد اجراءات موحدة لتبادل المعلومات الاستخبارتية والبيانات والمعارف لتحقيق الأمن والإستقرار.
– وقف بعض الدول استثمار الارهاب في بعض محطات عملها السياسي ومحاربته في محطات اخرى”.
وختم: “ان الارهاب عابر للحدود لا بد من مواجهة هذا الخطر الاقليمي والدولي باعتماد استراتيجية مقابلة عنوانها “سياسة الأمن العابر للحدود وهذا لا يكون الا بالتعاون الندي والأخلاقي المنزه عن الفوقية”.