اقامت الجامعة الانطونية فرع زحلة، ندوة بعنوان “طائفة المواطنين” حاضر فيها النائب شامل روكز والعميد محمود مطر عن تجربتهما العسكرية، وادار الحوار الدكتور جورج حرب بحضور النائبين سليم عون وميشال ضاهر ممثلا بعقيلته مارلين ضاهر، راعي ابرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الارثوذكس المطران انطونيوس الصوري ممثلا بالاب اسطفانوس ابو فيصل، مدير الجامعة الانطونية فرع زحلة الاب ريمون هاشم، رئيس بلدية النبي ايلا محمود السيد، آمر مفرزة استقصاء البقاع الرائد عباس جانبين، فاعليات تربوية وثقافية وطلاب الجامعة.
وبعد النشيد الوطني، ألقى هاشم كلمة عن المواطنية وقال: “هوية وطني ضائعة بين ثمانية عشرة طائفة كلها لبنانية تتقاذفها اهواء واطماع تتزين في بعض الاحيان برداء من الوطنية، نفتش عنها في كتب التاريخ فنقرأ حكاية ولادة قيصرية تتأرجح بين وصاية غربية، وحلم دفين بحرية لا تعرف حدودا ولا مرجعية، حرية مصدرها حب الوطن وحده فوق كل اعتبار ومهما كلفت القضية. ثم انتفض طائر الفينيق، فكان الميثاق الوطني تحقيقا للرجاء الكامن وواعدا بسلام لا يعكر صفوه تدخلات اجنبية، فتشابكت الايدي ونهضت باستقلال وزع السلطات بين طوائف سواسية، كان يقتضي بالمولود الجديد ان يكون دولة لبنان الكبير وان يكبر اكثر فاكثر ليكون قبلة الانظار الاقليمية والدولية، ولكن نار الفتنة سارعت الى نشر لهيبها بين ليلة وضحاها بسبب شرارة طائفية اشعلت حربا اهلية، فتبخر الحلم وسارع جميع الطوائف الى البندقية، فكانت حربا دموية خرجت منها جميع الاطراف مهزومين شر هزيمة ردتنا الى الجاهلية”.
وتابع: “هوية وطن ضائعة بين خطابات سياسية وشعارات وطنية وتظاهرات تندد بالظلم وون توافق على القضية. سنين الحرب الضارية لم توجعنا بما فيه الكفاية، نغرد شعر الوحدة ونخاف في الوقت عينه من اجندة مخفية، ننتهر الطائفية ونتغنى بالوطنية، ثم نطوف السند والهند لنحصل ارقاما قياسية تدعم نظراتنا الخاصة المرتكزة على قناعة تمثلنا وهي طبعا من ذهبية. هوية وطني تلونت بألف ريشة وريشة الى ان بهت وجهها وصارت جرداء جعداء ضاعت وكادت ان تضيع الى الابد، الى ان جاء يوم سالت فيه دماء شهداء قضيتهم مشروع وطن فاذا بها حمراء قرمزية لونها موحد مع ان اصحابها ينتمون الى الف لون ولون. ونحن على مشارف اليوبيل ال 75 للاستقلال فتشنا عن هوية الوطن الحقيقية فوجدناها محمولة على اكتاف من عرفوا بسياج الوطن محفورة في قلوبهم الموحدة لحب الله والارض والشعب، من بينهم اسود كادت ان تصيب حياتها بخرقها الخطوط الحمراء للذود عن عرين بلادها ضد جنوح الارهاب ومن بينهم نسور ابت ان تبيعه حبة تراب مقابل الملايين من الاموال وطارت في مهمات سرية لتحجب مسعى دولي عن سلب ثروات البلاد”.
وختم:” فتشنا عن هوية لبنان الضائعة فوجدناها في حمى مؤسسة الجيش بجميع اركانها هويتهم موحدة ابية شامخة، كرامتها مصانة ترفرف حرة بالرغم من سحنتها المثخنة بالجراح، نادتكم فلبيتم النداء، وكنتم لها بمثابة الطائفة التاسعة عشرة، طائفة الحق التي تؤمن بالله وبالاخر ايا كان انتماؤه، طائفة الدم الموحد على بذل الذات، طائفة تقف في وجه كل شعار مزيف، طائفة تؤمن بلبنان الكبير فوق كل الاكاذيب والشبهات، طائفة المواطنين، شعارها دائما وابدا شرف تضحية وفاء”.
روكز
ورأى النائب روكز “ان المواطنة مفهوم يصعب تفسيره او تلخيصه بصفحة او بمحاضرة واحدة، لان المواطنة هي اسلوب حياة ونهج وواجبات ومسؤوليات، هي احساس قوي يتخطي الذات ليصل الى التضحية في سبيل الوطن او القضية”.
وتابع: “ان الوطن اليوم ضائع بين انقسامات طائفية وسياسية ومحاصصات حزبية ضيقة وخلافات تافهة جدا امام وضع لبنان الحرج والخطر على كل المستويات. صحيح ان الوطن ضائع لكن القضية ما زالت تعيش في داخلنا، وهذا البصيص الصغير من الامل هو المواطنية، هو التمسك والتعلق والتشبث بالقضية الاكبر، وهي لبنان القوي، لبنان دولة القانون، دولة المؤسسات الشفافة، دولة المساءلة والمحاسبة، دولة البيئة النظيفة، دولة الوظائف لخيرة الشباب، دولة الاقتصاد المنتج، دولة النائب والوزير موظف بخدمة الشعب وليس العكس، دولة العدالة الاجتماعية، والانماء المتوازن”.
واضاف: “يصادف لقاؤنا اليوم باسبوع عيد الاستقلال ال 75، هذا العيد الذي يذكرنا بالمعنى الحقيقي للمواطنة التي طالب بها البطريرك الماروني انطوان عريضة في بكركي في 25 كانون الاول عام 1941 في المؤتمر الوطني العام الذي يضم ممثلين لجميع الطوائف والقوى الوطنية المعارضة للانتداب الفرنسي، وقال: نريد استقلالا ناجزا يطابق رغبات الشعب اللبناني ورغبات الشعب اللبناني، ومبنيا على العدل في توزيع المناصب والمنافع، نريد استقلالا مبنيا على الحرية في المعتقد في القول وفي العمل، ومبنيا على المساواة بالحقوق، تأخذ كل طائفة فيه حقوقها بنسبة اهميتها، استقلالا مبنيا على التآلف والتضامن والغيرة في سبيل المصلحة الوطنية، نريد ائتلافا مع المجاورين لنا في الشرق ومع كل الدولة الذين لنا علاقة معهم. اما اليوم وبعد مرور 75 سنة على الاستقلال نجد انفسنا نطالب بالمطالب نفسها وننادي بنفس الشعارات ونبحث عن الاستقلال، لكن المنتدب هذه المرة ليس جهة غربية ولا دولة بعيدة تنفذ اجندة مصالحها، المنتدب هذه المرة هو ابن الوطن نفسه الذي انتدب وطنه، هو الزعيم المغتصب حق ابناء وطنه وينفذ اجندته الخاصة واجندة حزبه”.
واكد:” صحيح ان هذا العيد ال 75 الاستقلال هو بالحقيقة عيد الاستقلال الشكلي للبنان، هذا هو دوركم انتم يا شباب لبنان ان تطالب وتحقق استقلال لبنان الفعلي والحقيقي لتعرفوا معنى المواطنة، لقد كنت من بين المحظوظين الذين تعلموا المواطنة في الحياة العسكرية بعيدا عن الحياة المدنية للمواطن العادي، وبعيدا عن الحياة السياسية، اما حياة الجيش اللبناني لخصت لي المواطنة شرف وتضحية ووفاء، وانا اؤكد لكم اكثر من ذلك انطلاقا من الحياة التي اعيشها اليوم في العمل السياسي، ان المواطنة هي تخطي الذات لمصلحة الاخ، وان يفكر نائب عكار بحاجات مواطن كسروان وان يشرع نائب بيروت لابن الجنوب، وان يزور نائب المتن ابناء البقاع، ان المواطنة هي تخطي الحواجز والفواصل المناطقية والطائفية والحزبية لتلبية حاجات الوطن وبناء مؤسساته لضمان استمراريته للاجيال القادمة”.
وأردف: “المواطنة هي انتم ومن اخبر منكم انتم اولاد زحلة عاصمة الكثلكة في الشرق، والتي ابت الا ان تضم مراكز افتاء المسلمين الى جانب كنائسها الخمسين، لتكون مصغرا عن لبنان الذي يحلم به كل ابنائه بكل طوائفهم”.
وتطرق روكز خلال الى احداث عبرا مشيرا الى “ان استشهاد الملازم طانيوس والملازم جورج بو صعب شكلا صدمة بالنسبة لي، واتت احداث عبرا بعد استشهاد النقيب بشعلاني والرقيب زهرمان في عرسال في العام 2013، في ظل وضع معنوي صعب جدا للجيش، وعند معرفتي بالحادثة بعيد وصولي الى صيدا من اللقلوق قررت الانتهاء من احمد الاسير وكان ذلك بعد 18 ساعة من اجل مستقبل الجيش ولبنان”.
وتابع: “بالنسبة لي كان مفهوم التفاوض بين المسلحين والجيش مفهوما خاطئا، وقررت الانتهاء قبل صباح اليوم التالي، وتكلفنا شهداء كثر”، متمنيا “محاكمة سريعة للمرتكبين في الاحداث الارهابية التي مرت على لبنان لتبرد قلوب اهالي العسكريين الشهداء، بمن فيهم احمد الاسير ونهر البارد وعرسال، مطالبا “بحسم الموضوع باسرع وقت”.
وقال: “من خلال وجودي بالبرلمان انطلاقا من الاسئلة للاستجوابات فأنا لن اقصر بالموضوع وخصوصا اولئك الذين استشهدوا بالجيش والمدنيين بالانفجارات، فهم امانة في اعناقنا حتى تحقيق العدالة على كل المستويات”.
اما بالنسبة لمعارك عرسال، فقال روكز: “عندما اختطف العسكريون كان الكثير من اهالي عرسال يساعدوننا ويرشدوننا على مكان وجودهم، وهذا الكلام من اجل ان ننصف اهالي عرسال ورأس بعلبك والقاع”، مضيفا “ان السلسلة الشرقية من عكار حتى البقاع، بدأت مع الاحداث السورية بين معارضة وموالاة، وكان هناك ارتخاء في القرار على الساحة اللبنانية ان كان على المستوى السياسي والعسكري، بانتظار نتائج المعارك في الداخل السوري، المتمثل بسقوط النظام او عدمه، فاستطلعت عدة مرات وكنا قادرين ان نمسك الامور اكثر”.
أضاف: “ففي عكار، هاجم المسلحون منطقة خربة داوود في الحادثة الاولى، وفي الثانية كان هناك اعتداء على دورية للمكافحة وسلب سلاحها في عرسال، والثالثة استشهاد النقيب بشعلاني والمعاون خالد زهرمان، والرابعة عند توقيف الارهابي احمد جمعة، هاجم المسلحون مراكز العسكريين، فجرت المعارك في ما بينهما، فمنهم من قتل ومنهم من اختطف، فالخطأ كان ان القوة لم تتحرك بسرعة، بمعنى ان فوج المغاوير استغرق وصوله من السبت الى الاحد. اما الاحد بعد الظهر جئت شخصيا بقرار شخصي الى اللبوة، والوضع لم يكن مطمئنا، ورجعت الى اللقلوق لان القيادة لم تعطنا الامر بالتدخل.
وعند استشهاد الضباط في المهنية جاء القرار بترك اللقلوق واستلام الجبهة، وهذا ما حصل، وتأكدوا كنا قادرين على حسم الامور لو كان هناك قرار، وان وقفنا لاطلاق النار سمح للمسلحين بنقل العسكريين”.
وختم روكز: “الفرق بين العام 2014 والعام 2016 هو القرار، لكن مع وجود العونين الرئيس وقائد الجيش سمح للجيش اللبناني في حسم معركة فجر الجرود، والتي لم يخسر فيها الجيش اي عسكري سوى من قضوا بالالغام”.
مطر
اما العميد مطر فاعتبر “ان الفساد في لبنان اصبح ثقافة”، سائلا “كيف نقوم باصلاح الوضع واليوم عندنا 18 طائفة والولاء فيه للطائفة، انتم الشباب الجامعيون انتم الامل والمستقبل. اما الرسالة التي اريد ان اوصلها للشباب اليوم ان الكرامة والارض والوطن اهم واربح من كل شىء وما زلت حتى اليوم اسكن في منزل مستأجر، رغم انه عرض علي للفرار بطائرة الميراج الى روسيا بمبلغ مليوني دولار .لكن الوطن كان اغلى ولولا قمت بذلك لما كنت معكم في هذا الحوار، واعتبر نفسي قمت بواجبي خدمة لوطني، والجيش اليوم يؤمن لي مستقبلي ومستقبل عائلتي”.