في زمن الهزائم والإنهزامية العربية، تُسطر غزة فصلاً جديداً في ملحمة البطولات القومية، وتثبت مرة أخرى قدرة الشعب الفلسطيني المناضل، على التصدي للإرهاب الصهيوني الغادر، رغم تفاوت الإمكانيات العسكرية والبشرية واللوجستية.
لم يلتفت الفلسطينيون إلى الإختراقات المخجلة التي حققها العدو الإسرائيلي في الجسم العربي، ولم ينتظروا عودة الدعم المجمد من الأشقاء العرب، ولم يعيروا إهتماماً للتهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، وأستمروا بالمواجهات المباشرة باللحم الحي، و تصدوا للرصاص الصهيوني بصدورهم العارية، أيام الجمعة من كل إسبوع، أمام نظر العرب والعالم أجمع، حيث أغمض الجميع عينيه، وتجاهلوا المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، شيباً وشباباً، نساءً ورجالاً، بدماء باردة وبترسانة أسلحة هي الأشرس في العالم!
هذا الإختلال المتزايد في موازين القوى، لم يمنع الفلسطينيين من خوض المعركة الأخيرة ضد العدوان الصهيوني، الذي لم يغدر بأحد قياديي حركة «حماس» وحسب، بل غدر بالجهود الفلسطينية والأردنية التي كانت تُبذل على أكثر من صعيد للتهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، على الحدود بين غزة والمناطق المحتلة.
إستقالة وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، إثر رضوخ حكومته لمساعي وقف النار، تحت ضغط الصواريخ الغزاوية التي زرعت الرعب في المستعمرات الإسرائيلية، هي تأكيد حاسم لفشل العدوان المباغت على غزة، وبرهان آخر على إنتصار الصمود الفلسطيني في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، التي تعيث دماراً وخراباً حيثما تحركت على الأرض الفلسطينية.
بطولات غزة وشعبها الباسل في المواجهة الأخيرة أثبتت أن العدو الإسرائيلي لا يفهم، ولا يُقيم وزناً إلا لمنطق القوة، وأن الردع العسكري هو الرد الحازم على الإعتداءات الإسرائيلية، التي أعتاد قادتها، حتى الأمس القريب تنفيذ سياساتهم العدوانية على المناطق الفلسطينية خاصة، والأراضي العربية المجاورة دون رادع أو حسيب.
من حق أهالي غزة الأشاوس أن يحتفلوا بإنتصارهم الجديد، عله يكون بداية صحوة عربية منشودة، تُعيد عملية السلام المتعثرة إلى مسارها الصحيح!