إذا كان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لم يقفل الباب على الحلول للخروج من المأزق الحكومي، إلا أنه في الوقت نفسه بدا متمسكاً بموقفه بعدم توزير سنة 8 آذار ، باعتبارهم مشكلة افتعلها ‘حزب الله” لعرقلة تأليف الحكومة .
هذا الأمر ثابت عند الحريري ، استناداً إلى ما قالته لصحيفة ‘السياسة” الكويتية، أوساط نيابية بارزة في تيار ‘المستقبل”، مشيرة إلى أن ‘حزب الله” كان يراهن باستمرار على أن ‘القوات اللبنانية” لن توافق على المشاركة في الحكومة ، لكنه صدم عندما حصل العكس، فكان أن تذرع بورقة ما يسمى النواب السنة المستقلين لوضع الحواجز أمام الولادة الحكومية، مشددة على أن التعطيل هذه المرة مرتبط بإملاءات إيرانية يعمل الحزب على تنفيذها، رداً على العقوبات الأميركية القاسية التي فرضت على طهران.
وشددت الأوساط نفسها على أن الرئيس المكلف وضع أصبعه على الجرح، محدداً بالإسم الطرف الذي يؤخر تشكيل الحكومة ، ومنبهاً من خطورة سلوك هذا المسلك من جانب الحزب، لأنه لن يكون في مصلحة اللبنانيين، مشيرة إلى أن لا مؤشرات إيجابية حتى الان على نتيجة التحرك الذي يقوم به الوزير جبران باسيل ، طالما أن ‘حزب الله” بقي على موقفه المتصلب ولم يقتنع بعد بأن الرئيس الحريري لا يمكن أن يقبل بتوزير سنة 8 آذار .
وهذا ما أكدته مصادر ‘تيار المستقبل” لـ”الجمهورية” بأن الرئيس المكلف سعد الحريري حَدّد في مؤتمره الصحفي الاخير حدود المُمكن الذي يقبل به، وحدود المستحيل الذي لا يمكن القبول به، وخصوصاً لناحية إشراك نواب ‘سنّة 8 آذار” في حكومته وعلى حساب الحصة الوزارية السنّية لتيار ‘المستقبل”، التي تخلّى فيها عن وزير يسمّيه بالشراكة بينه وبين الرئيس نجيب ميقاتي.
وبحسب هذه المصادر، إنّ الطروحات الاخيرة انطوَت على رغبة لدى البعض في تَخيير الرئيس المكلف بين أمرين هما: الانكسار او الانتحار. وقرار الرئيس المكلف شديد الوضوح حيال هذا الأمر، بأنه لن ينكسر ولن ينتحر. ولن يقبل في أي شكل من الاشكال بمحاولة استضعافه او إدخاله ضعيفاً الى الحكومة، ومؤتمره الصحافي شَكّل إعلاناً صريحاً ومباشراً لفشل تلك المحاولات.
وفي السياق الحكومي، أكد مصدر وزاري انّ الامور لا تبدو سهلة على الاطلاق في تشكيل الحكومة، وقال: ‘لا أرى أفقاً ايجابياً يولّد التفاؤل بإمكان حصول ولادة وشيكة للحكومة بالنظر الى المواقف المتصلبة التي عَبّر عنها الحريري ونصرالله.
واعتبر عبر ‘الجمهورية” انّ ‘أصل المشكلة الطريقة الخطأ التي اتّبِعَت منذ البداية وأسلوب النقاش بين الاطراف، بحيث بدأ كل طرف يرسم سقفه في الاعلام بأنه يقبل بهذا ويضع ‘فيتو” على ذاك، وانه يريد هذا الكَم من الحقائب ويقزّم حصة غيره. إنها المعايير المختَلّة التي أدت الى هذه الأزمة”.
وأضاف المصدر: ‘بحسب معطياتي، الحريري لن يتراجع، ولقد ألزمَ نفسه أمام جمهوره وأمام الرأي العام بسَقف لا يستطيع أن ينزل تحته. والأمر نفسه بالنسبة الى السيّد حسن نصرالله، الذي قال صراحة انه مع مطلب تمثيل سنّة 8 آذار حتى قيام الساعة. وبالتالي، لن يتراجع، وهو أمر دفع بالنواب الستة الى التصَلّب”.
وأشار الى أن ‘أمام هذا الوضع ثمّة إمكانية لحل، هو في يد رئيس الجمهورية ميشال عون، بأن يُبادر الى التضحية بالوزير السنّي المُدرَج ضمن الحصة الرئاسية لمصلحة تمثيل سنّة 8 آذار. لكنّ تحقيق هذا الامر يتطلّب أولاً وأخيراً موافقة رئيس الجمهورية، وحتى الآن لا أستطيع ان اقول إنّ رئيس الجمهورية هو بصَدد الموافقة على حلّ كهذا.